للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإطلاق لفظ الوجود على واجب الوجود وعلى ممكنه ليس بحسب مفهوم واحد ذلك المفهوم مفهومين.

وذهب ابن سينا إلى أن إطلاقه عليها بحسب مفهوم واحد ذلك المفهوم مشترك بينهما، وامتاز الوجود الواجب لعدم عروضه لماهية، ووجود الممكن وصف عارض لماهيته.

وذهبت طائفة إلى أن إطلاقه عليهما بحسب مفهوم واحد لكن هو زائد على ذاته، ثم اختاره، قال: وقول ابن سينا باطل. إذا عرفت ذلك فمن قال بأن الوجود عين الماهية، يقول: إذا زال الوجود زالت الماهية، فلا يكون المعدوم شيئًا على هذا، ومن قال: بأنه غيرها اختلفوا.

فالفلاسفة قالوا: تزول الماهية بزوال الموجود.

والقائلون: بأن المعدوم شىء من المعتزلة قالوا: تتصور الماهية من عرائها عن الوجود.

وقال الأشعرى: المعدوم نفى صرف (١).


(١) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنما ثبت فى التقدير المعدوم الممكن الذى سيكون، فأما المعدوم الممكن الذى لا يكون فمثل إدخال المؤمنين النار، وإقامة القيامة قبل وقتها، وقلب الجبال يواقيت، ونحو ذلك، فهذا المعدوم ممكن وهو شىء ثابت فى العدم عند من يقول المعدوم شىء، ومع هذا فليس بمقدر كونه، واللَّه يعلمه على ما هو عليه، يعلم أنه ممكن وأنه لا يكون، وكذلك الممتنعات مثل: شريك البارى وولده، فإن اللَّه يعلم أنه لم يلد ولم يولد، وأنه حى، وهذه المعلومات الممتنعة ليست شيئًا باتفاق العقلاء مع ثبوتها فى الحلم، فظهر أنه قد ثبت فى الحلم ما لا يوجد وما يمتنع أن يوجد إذ الحلم واسع، فإذا توسع المتوسع وقال: المعدوم شىء فى العلم أو موجود فى العلم، أو ثابت فى العلم فهذا صحيح، أما أنه فى نفسه شىء، فهذا باطل وبهذا تزول الشهبة الحاصلة فى المسألة.
والذى عليه أهل السنة والجماعة وعامة عقلاء بنى آدم. . أن المعدوم ليس فى نفسه شيئًا، وأن ثبوته ووجوده وحصوله شىء واحد، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع. =

<<  <   >  >>