الثالث: أنه يحمل عل الجنس، ولا يحمل كل الاستغراق إلا بدليل. وهو قول أبى هاشم، وحكاه صاحب الميزان عن أبى على الفارسى، وحكى عن أبى حامد الأسفرائينى، واختاره الفخر الرازى، حكى عن أبى هاشم التفريق بين الجمع والمفرد فقال: يصرف المفرد إلى مطلق الجنس من غير استغراق إلا بدليل. الرابع: أنه مجمل، لأن عمومه ليس من صيغته، بل من قرينة نفى المعهود، فيتعين الجنس، لأنه لا يخرج عنهما. وهو قول إمام الحرمين، وابن القشيرى، وصححه الكيا الهراسى، وحكاه الأستاذ عن بعض الشافعية. الخامس: أنه يختلف كاختلاف السياق، ومقصود الكلام، ويعرف ذلك بالقرائن والأدلة. وهو قول ابن دقيق العيد. السادس: أنه مشترك يصلح للواحد والجنس ولبعض الجنس، ولا يصرف إلى الكل إلا بدليل حكاه الغزالى. السابع: التفصيل بين ما فيه الهاء وبين ما لا هاء فيه، فالذى فيه الهاء ويتميز بها فهو لاستغراق الجنس عند فقدانها، كقوله عليه السلام: "البر بالبر والتمر بالتمر" فيعم كل بر وكل تمر، وإن لم يتميز واحده بالهاء، إما أن يتميز بالوحدة أو لا فإن تميز فلا يعم كالدينار والرجل فيقال دينار واحد، وإن لم يتميز كالذهب فإنه لاستغراق الجنس إذ لا يقال ذهب واحد، واختاره إمام الحرمين فى البرهان، والغزالى فى المنخول والمستصفى. والراجح فى نظرى من الأقوال: القول الثانى، وهو الحمل على الاستغراق إلا أن يوجد ما يقتضى العهد، لأنه هو الظاهر فى تعريف الجنس، ولأن العهد يدخل فى الجنس، ولا يدخل الجنس فى العهد، ولأن فائدة العموم أكثر، ولأنه كما لا يجوز صرف لفظ عن العموم إلى الخصوص إلا لدليل فكذلك هنا لا يجوز صرف المعرف بالألف واللام عن الاستغراق إلى العهد إلا بدليل. واللَّه أعلم. وانظر الأقوال وأدلتها فى: المعتمد ١/ ٢٤٠، التبصرة ص ١١٥، اللمع ص ١٤، العدة ٢/ ٤٨٤، البرهان ١/ ٣٣٩، المستصفى ٢/ ١٨، المنخول ص ١٤٤، المحصول ١/ ٢/ ٥٨٤، أصول السرخسى ١/ ١٥٤، تيسير التحرير ١/ ٢١٥، شرح التنقيح ص ١٨٠، جمع الجوامع حاشية البنانى ١/ ٤١٠، فواتح الرحموت ١/ ٢٧٢، إرشاد الفحول ص ١٢٠، شرح الكوكب ٣/ ١٣٠، البحر المحيط ٣/ ٤٩ - ٦١، التسهيل لابن مالك ص ٤٢، الإيضاح لابن الحاجب ٢/ ٢٦٨، شرح الجمل لابن عصفور ٢/ ١٣٤، وشرح عمدة الحافظ ص ١٥٢.