للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتواتر وفى جواز النسخ به لكتاب اللَّه والأخبار المتواترة قولان حكاهما ابن برهان فى كتابه الكبير فى الأصول -وهو غير الأوسط-:

أحدهما: يجوز النسخ به كالمتواتر.

والثانى: لا يجوز النسخ به، ولكن تجوز الزيادة به على كتاب اللَّه تعالى لأن الزيادة نسخ من وجه دون وجه، قال: وهذا الخلاف ينبنى على أن الخبر المستفيض ماذا يفيد؟

فقيل: يفيد علمًا نظريًا استدلاليًا (١) بخلاف المتواتر فإنه يفيد العلم الضرورى.

وقيل: يفيد علمًا نظريًا يقارب درجة اليقين (٢).

فإن قلنا: بالأول امتنع النسخ به وإلا جاز (٣).

* * *


(١) وهو قول ابن فورك والجصاص والأستاذ أبى إسحاق الأسفرائينى.
(٢) وهو قول السرخسى، وابن نظام الدين الأنصارى، وابن عبد الشكور وانظر القولين وغيرهما من الأقوال فى المراجع السابقة.
(٣) خلاصة المسألة أن المستفيض إذا كان قسمًا من المتواتر يجوز أن ينسخ به المتواتر من السنة بلا خلاف، والقرآن على قول الجمهور، وإن كان من الآحاد فلا يجوز به نسخ المنواتر إلا عند بعض الظاهرية مثل داود، وابن حزم. وقد تقدم فى جواز نسخ الآحاد للمتواتر، وإن كان واسطة بين الآحاد والمتواتر فلا ينسخ المتواتر، لأنه لم يبلغ درجته إلا عند من يجيز نسخ المتواتر بالآحاد، ولكنه تجوز الزيادة به على المتواتر.
والقول الراجح فى نظرى: هو أن المستفيض من قسم الآحاد وأنه أقوى أقسام الآحاد، وأنه إذا حصل به العلم النظرى أو اليقين فليس ذلك من سنده، وإنما هو من قبيل القرائن أو من قبيل الاجماع الذى وقع عليه، والقرائن قد تفيد اليقين كما أن الإجماع حجة فى نفسه، ويفيد العلم ولو لم يعلم له مستند، ولأن رواة المستفيض لا يؤخذ بقولهم فى الشهادة إلا بعد التزكية بخلاف رواة المتواتر. واللَّه أعلم.
وانظر المراجع السابقة.

<<  <   >  >>