للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الخلاف فى كون عدم العكس (١) قادحًا فمبنى على أنه هل يمتنع تعليل الحكم الواحد بالنوع بعلتين؟

فإن قلنا: يمتنع اتجه القدح، لأن النوع باق فيه.


= فالقسم الأول: عدم التأثير فى الوصف، وذلك بأن يكون الوصف المأخوذ فى الدليل طرديًا لا مناسبة فيه ولا شبه، مثاله قول الحنفى فى صلاة الصبح: صلاة لا يجوز قصرها فلا يقدم آذانها كالمغرب.
الثانى: عدم التأثير فى الأصل وهو أن يكون قد استغنى عن الوصف فى إثبات الحكم فى الأصل المقيس عليه بغيره، مثاله: أن يقال فى بيع الغائب: بيع غير مرئى، فل يصح بيعه كالطير فى الهواء، فكونه غير مرئى لا أثر له فى الأصل.
الثالث: عدم التأثير فى الحكم، وهو أن يذكر فى الدليل وصفًا لا تأثير له فى الحكم المعلل، كقول الحنفى فى المرتدين: مشركون أتلفوا مالًا بدار الحرب، فلا ضمان علهم كالحربى، ودار الحرب لا أثر لها فى الأصل، ولا فى الفرع، وهو ضعيف.
الرابع: عدم التأثير فى محل النزاع، وهو أن يكون الوصف المذكور فى الدليل لا يطرد فى جميع صور النزاع، وإن كان مناسبًا وذلك كما لو قال المستدل فى مسألة ولاية المرأة: زوجت نفسها من غير كفء، فلا يصح نكاحها، وذلك من حيث أن النزاع واقع فيما إذا زوجت نفسها مطلقًا من كفء وغيره.
الخامس: عدم التأثير فى الفرع والأصل معًا، مثاله: قول من اعتبر العدد فِي الاستجمار بالأحجار: عبادة متعلقة بالأحجار لم تتقدمها معصية فاعتبر فيها العدد قياسًا على رمى الجمار.
فقوله: لم تتقدمها معصية عديم التأثير فى الأصل والفرع، ولكنه ذكر احترازًا من الرجم.
انظر: مذكرة الشيخ -رحمه اللَّه- ص ٣٠٦، التبصرة ص ٤٦٤، بتعليق هيتو، والإحكام للآمدى ٤/ ١١٣، المنتهى لابن الحاجب ص ١٤٤، الإبهاج ٣/ ١١٩، فما بعدها، البحر المحيط ٥/ ١٨١، وإرشاد الفحول ص ٢٢٧، المنخول ص ٤١١، البرهان ٢/ ١٠٠٨، ونشر البنود ٢/ ٢١٧.
(١) تقدم الكلام عليه فى مسألة: اشتراط العكس فى علة القياس.

<<  <   >  >>