ومعلوم أن شرف ورفعة العلم من شرف ورفعة المعلوم. وموضوع هذه الرسالة وهو "أصول الفقه" يجمع العلماء على رفعة شأنه وعلو منزلته فهو بقواعد الأحكام أساسها. وهو لجميع العلوم ميزانها. ومما سمعت من والدنا الشيخ محمد الأمين رحمه اللَّه أن علم الأصول يتناول جميع العلوم فمن علوم القرآن العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول والمكى والمدنى.
ومن علوم الحديث كذلك وطرق الترجيح وأحوال الرواة وأحوال المجتهدين ومناهج الاجتهاد وولات الأوامر والنواهى وما إلى ذلك.
ومن علوم العربية متن اللغة وتصريف الكلمة ومبنى الأساليب فى علوم البلاغة ومن علوم البحث والجدل ترتيب الأدلة وميزان الترجيح. وكل ذلك خدمة ووسيلة لمعرفة واستخراج الأحكام الفرعية من عمومات أدلتها الإجمالية مما لا غنى لطالب علم عنه حتى قالوا جهلة الأصول عوام العلماء.
وهذا الكتاب الذى قدمه الباحث يعتبر فى هذا العلم قمة شامخة وشمسا مشرقة وبحرًا رائغًا. جاء فى عهد متأخر فاستوعب كل عمل متقدم. وقد يتميز بارتكازه على أسس ثلاثة أساسية الأصول الفقه: علم الكلام وعلوم العربية. والفقه. مع اختصاص مؤلفه بسعة علومه وإمامته فى عديد من العلوم. ظهرت آثار ذلك فى هذا الكتاب حيث زادت مراجعه فيه على ما فوق مائة مرجع.
وهذا مما يلزم الباحث أن يشمر عن ساعد الجد ويركب متن الصدق وقف العزم ليرتفع إلى هذا المستوى العلمى. ويساير هذا الإمام فى هذا العمل الجليل. وقد كان كذلك وللَّه الحمد.
وقد ظهرت آثار ذلك بفضل اللَّه وتوفيقه فى عمله فى القسمين القسم الدراسى حيث أبرز حقائق حياة المؤلف وأوضح معالم المجتمع الذى نشأ وعاش فيه والعصر الذى شهد أحداثه تتلاطم فيه تيارات السياسة الغامضة والحياة المضطربة وكيف كانت المؤثرات حول المؤلف من إيجابيات وسلبيات ودون هذا التراث أكثر من ثلاثين مؤلفًا فى العديد من الفنون والعلوم وفى القسم التحقيقى ساهم فى المنهج