للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لعدم التفاته إلى ما ترك في الدنيا، قيل: هذا مدح له، ومعناه: أن هذا الشخصَ لا يحرص على البقاء في الدنيا وعلى طول عمره حرصَ غيره، فهو كالميت لا يشتهي شيئاً من أنواع أعراض الدنيا، فأراد - صلى الله عليه وسلم - بهذا ما أراد بقوله في صفة الصدِّيق - رضي الله عنه -: "مَن أراد أن ينظرَ إلى ميتٍ يمشي على وجه الأرض فَلْينظرْ إلى هذا"، وأشار إليه.

أقول: في الصرف عن الحقيقة وإرادة المجاز لابد من قرينةٍ، كهي في صفة الصدِّيق مِن قوله: "يمشي على وجه الأرض"، وأما هنا فالسياقُ شيءٌ ينافي إرادةَ شيءٍ مما ذُكر؛ لأن البكاءَ والميراثَ يقوِّي إرادةَ الحقيقة، فيُحمل ذلك على إرادةِ الله تعالى تعجيلَ موته شوقًا إلى لقائه.

"وقلَّت بواكيه" جمع: باكية، وهي المرأة التي تَبكِي على الميت.

"وقلَّ تُراثُه"؛ أي: ميراثُه.

٤٠٣٢ - وقال: "عَرَضَ عليَّ رَبي لِيَجْعَلَ لي بَطْحاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا، فقلتُ: لا يا رَبِّ! ولكنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وأَجُوعُ يومًا، فإذا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إليكَ وذكرتُكَ، وإذا شَبعْتُ حَمِدْتُكَ وشَكَرْتُك".

"وعن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عَرضَ عليَّ ربي ليجعلَ لي بَطحاءَ مكةَ"، البَطحاء والأَبطح: مَسيل الماء، أراد به: مكة وصحاريها.

"ذهبًا، فقلت: لا يا ربِّ، ولكن أَشبَع يومًا وأجوع يومًا، فإذا جعتُ تضرَّعتُ إليك وذكرتُك، وإذا شبعتُ حمدتُك وشكرتُك".

<<  <  ج: ص:  >  >>