ونحو ذلك في سرعة انقضائها، وذلك قيل: لقصر الزمان، وقيل: لكثرة النعم، وقيل: هو محمول على ما يهمهم من النوازل، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم، فإن الإنسان إذا استولت عليه الهموم والأفكار، فهو لا يدري أسبوعيه من أسبوعه ونحوهما.
* * *
٤٢٠٧ - عن عبدِ الله بن حَوالةَ قال: بَعَثَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَغْنَمَ علَى أَقْدامِنا، فَرَجَعْنا فلمْ نَغْنَمْ شَيْئاً، وعَرَفَ الجَهْدَ في وُجوهِنا، فقامَ فينا فقالَ:"اللهمَّ لا تَكِلْهُمْ إليَّ فأَضْعُفَ عنهُمْ، ولا تَكِلْهُمْ إلى أنفُسِهِمْ فيَعْجزُوا عنها، ولا تَكِلْهُم إلى النَّاسِ فيَستأثِروا عليهمْ". ثمَّ وَضَعَ يدَهُ علَى رأْسِي ثُمَّ قال:"يا ابن حَوالَةَ! إذا رأيتَ الخِلافةَ قدْ نزلَت الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ، فقدْ دَنَتِ الزَّلازِلُ والبَلابلُ والأُمورُ العِظامُ، والسَّاعةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ منَ النَّاسِ منْ يَدِي هذهِ إلى رأْسِكَ".
"عن عبد الله بن حوالة": بفتح الحاء المهملة وتخفيف الواو.
"قال بعثنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لنغنم على أقدامنا" في موضع الحال؛ أي: رجالة.
"فرجعنا فلم نغنم شيئًا، وعرف الجهدُ"، وهو بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة.
"في وجوهنا، فقام، فقال: اللهم لا تكِلْهم إلي، فأضْعُفَ عنهم": بالنصب جواباً للنهي.
"ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزُوا عنها, ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم"؛ أي: يختاروا لأنفسهم الجيد، ويدفعوا الرديء إلى أمتي، وفي هذا الدعاء تعليم منه - صلى الله عليه وسلم - لأمته حتى يكلوا أمورهم وحوائجهم إلى الله تعالى،