" يومَ القيامة فيُصْبَغُ في النار صَبْغَةً "؛ أي: يُغْمَسُ فيها غَمْسَةً، أراد من الصَّبْغِ: الغَمْس؛ إطلاقًا للملزوم على اللازم؛ لأن الصَّبْغَ إنما يكون بالغَمْسِ غالبًا؛ يعني: يلحقه لَفْحَة منها.
" ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيْتَ خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ": فشدة العذاب تنسيه ما مضى عليه من نعم الدنيا.
" فيؤتى بأشد الناس بؤسًا "؛ أي: شدة وبلاءً.
" في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغةً في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط؟ وهل مر بك شدةً؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولارأيت شدةً قط ": فنعيم الجنة ينسيه ما مضى من سوء الحال.
* * *
٤٣٩٧ - عن أنسٍ - رضي الله عنه -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:" يقولُ الله تعالى لأِهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذابًا يَوْمَ القِيامةِ: لوْ أنَّ لكَ مَا في الأَرْضِ منْ شَيءٍ أَكُنْتَ تَفْتَدِي بهِ؟ فيقولُ: نَعَم، فيقولُ: أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هذا وأنتَ في صُلْبِ آدَمَ، أنْ لا تُشْرِكَ بي شَيْئًا فأبَيْتَ إلا أنْ تُشرِكَ بي ".
" وقال أنس - رضي الله عنه -: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: يقول الله تعالى لأَهْوَنِ أهلِ النار عذابًا يوم القيامة: لو أنَّ لك "؛ أي: لو ثَبَتَ أنَّ لك.
" ما في الأرض من شيء، أكنْتَ ": استفهام بمعنى التوبيخ.
" تفتدي به؟ "، والافتداء: إعطاء الفِدَاء.
" فيقول: نعم، فيقول "؛ أي الله:" أرَدْتُ منك أَهْوَنَ مِنْ هذا "؛ أي: أَمَرْتُكَ بأسهل مِنْ هذا، وإنما فسَّرنا الإرادة بالأمر؛ لأن مُرَاد الله تعالى لا يتخلَّف أصلًا عند أهل الحق.