"وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن أعرابياً سأل النبي - عليه الصلاة والسلام - عن الوضوء فأراه"؛ يعني: غَسْل كل عضو.
"ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء"؛ أي: أساء الأدب؛ لأن الازْدِيَاد على ما استكْمَلَهُ الشَّرع استنقاصٌ له.
"وتعدَّى"؛ أي: وجاوز الحدَّ المحدود، وهو التوضُّؤ ثلاثاً ثلاثاً.
"وظلم"؛ أي: نفسه بمخالفته - عليه الصلاة والسلام -، وإنما ذمّه بهذه الكلمات الثلاث إظهاراً لشدة النَّكير عليه وزجراً له عن ذلك.
قال الإمام حافظ الدين النسفي: هذا إذا زادَ معتقِدًا أن السُّنَّة هذا، فأما لو زاد لطمأنينة القلب عند الشكِّ أو بنيَّةِ وضوءِ آخر فلا بأس به؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه.
* * *
٢٨٨ - عن عبد الله بن المُغَفَّل - رضى الله عنه -: أنَّه سمعَ ابنهُ يقولُ: اللهمَّ إنِّي أسألُكَ القَصْرَ الأبيضَ عَنْ يمينِ الجنَّةِ، قال: أيْ بنيَّ، سَلِ الله الجنَّةَ، وتعوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ، فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنه سيكونُ في هذه الأُمَّةِ قوْمٌ يعتدونَ في الطُّهُورِ والدُّعاء".
"وعن عبد الله بن مُغَفَّل: أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القَصْرَ الأبيض عن يمين الجنة قال"؛ أي: عبد الله لابنه: "أي بنيَّ": لا تسأل شيئاً معيناً من الجنة؛ لأنه ربما يكون ذلك في تقدير الله لشخص غيرك، بل "سَلِ الله تعالى الجنَّة وتعوَّذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنه سيكون في هذا الأمَّة قومٌ يعتدون في الطَّهُور والدُّعاء"؛ أما الاعتداد في الطهور: فبأن