للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِذَا عَمِلْتَ بِهِمَا أَتَكَفَّلُ لَكَ بِالْجَنَّةِ، وَلَا أُطَوِّلُ عَلَيْكَ، قِيلَ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: تَحَمَّلْ مَا تَكْرَهُ إِذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَتَتْرُكُ مَا تُحِبُّ إِذَا كَرِهَهُ اللَّهُ.

فَصْلٌ

كَتَبَ أَبُو حَازِمٍ إِلَى الزُّهْرِيِّ: عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ مِنَ الْفِتَنِ وَرَحِمَكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أَصْبَحْتَ بِحَالٍ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَكَ أَنْ يَرْحَمَكَ، أَصْبَحْتَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَثْقَلَتْكَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْكَ بِمَا أَصَحَّ مِنْ بَدَنِكَ وَأَطَالَ مِنْ عُمُرِكَ، وَعَلِمْتَ حُجَجَ اللَّهِ بِمَا حَمَّلَكَ مِنْ كِتَابِهِ، وَفَقَّهَكَ فِيهِ مِنْ دِينِهِ، وَفَهَّمَكَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْتَلَى فِي ذَلِكَ شُكْرَكَ، وَقَالَ: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧] .

فَانْظُرْ أَيَّ رَجُلٍ تَكُونُ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَسَأَلَكَ عَنْ نِعَمِهِ إِلَيْكَ كَيْفَ رَعَيْتَهَا؟ ، وَعَنْ حُجَجِهِ عَلَيْكَ كَيْفَ قَضَيْتَهَا؟ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ رَاضِيًا مِنْكَ بِالتَّعْذِيرِ وَلَا قَابِلًا مِنْكَ بِالتَّقْصِيرِ، لَيْسَ كَذَاكَ أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: ١٨٧] .

تَقُولُ: إِنَّكَ جَدِلٌ مَاهِرٌ عَالِمٌ، قَدْ جَادَلْتَ النَّاسَ فَجَادَلْتَهُمْ إِدْلَالًا مِنْكَ بِفهَمْكِ وَاقْتِدَارًا بِرَأْيِكَ، فَأَيْنَ تَذْهَبُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>