{هَأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا} [النساء: ١٠٩] .
اعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى مَا ارْتَكَبْتَ وَأَعْظَمَ مَا احْتَقَبْتَ أَنْ آنَسْتَ الظَّالِمَ وَسَهَّلْتَ لَهُ طَرِيقَ الْغَيِّ بِدُنُوِّكَ حِينَ أُدْنِيتَ وَإِجَابَتَكَ حِينَ دُعِيتَ، فَمَا أَخْلَقَكَ أَنْ يُنَوَّهَ بِإِثْمِكَ غَدًا عَلَى الْجُرْمَةِ وَأَنْ تُسْأَلَ عَمَّا أَرَدْتَ بِإِغْضَائِكَ عَنْ ظُلْمِ الظَّلَمَةِ، إِنَّكَ أَخَذْتَ مَا لَيْسَ لِمَنْ أَعْطَاكَ، وَدَنَوْتَ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ حَقًّا وَلَا يُرِيدُ بَاطِلًا حِينَ أَدْنَاكَ، وَأَجَبْتَ مَنْ أَرَادَ التَّدْلِيسَ بِدُعَائِهِ إِيَّاكَ حِينَ دَعَاكَ، جَعَلُوكَ قُطْبًا تَدُورُ عَلَيْهِ رَحَا بَاطِلِهِمْ، وَجِسْرًا يَعْبُرُونَ بِكَ إِلَى بَلَابِلِهِمْ، وَسُلَّمًا إِلَى ضَلالَتِهِمْ، يَقْتَادُونَ بِكَ قُلُوبَ الْجُهَّالِ، وَيُدْخِلُونَ بِكَ الشَّكَّ عَلَى الْعُلَمَاءُ، فَلَمْ يَبْلُغْ أَخَصَّ وُزَرَائِهِمْ وَلَا أَقْوَى أَعْوَانِهِمْ إِلَّا دُونَ مَا بَلَغْتَ مِنِ اسْتِصْلَاحِ فَسَادِهِمْ، وَاجْتِلَابِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ إِلَيْهِمْ، فَمَا أَيْسَرَ مَا عَمَّرُوا لَكَ فِي جَنْبِ مَا خَرَّبُوا عَلَيْكَ، وَمَا أَقَلَّ مَا أَعْطَوْكَ فِي قَدْرِ مَا أَخَذُوا مِنْكَ، فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْظُرُ لَهَا غَيْرُكَ، وَحَاسِبْهَا حِسَابَ رَجُلٍ مَسْئُولٍ، وَانْظُرْ كَيْفَ شُكْرُكَ لِمَنْ غَذَّاكَ بِنِعَمِهِ صَغِيرًا وَكَبِيرًا وَاسْتَحْمَلَكَ كِتَابَهُ وَأَوْدَعَكَ عِلْمَهُ، مَالَكَ لَا تَنْتَبِهُ مِنْ نَعْسَتِكَ وَلَا تَسْتَقِيلُ مِنْ عَثْرَتِكَ، وَمَا يُؤَمِّنُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى} [الأعراف: ١٦٩] .
إِلَّا إِنَّكَ لَسْتَ فِي دَارِ مُقَامٍ قَدْ أَذِنَتْ بِالرَّحِيلِ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute