مُرَغَّبٌ فِيهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْته فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا» (وَ) كَذَلِكَ صَوْمُ (يَوْمِ عَرَفَةَ) وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُرَغَّبٌ فِيهِ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ الْمُتَقَدِّمِ (وَ) كَذَلِكَ صَوْمُ (يَوْمِ التَّرْوِيَةِ) وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مُرَغَّبٌ فِيهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي هَذِهِ» يَعْنِي الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. (وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَفْضَلُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحْسَنُ (مِنْهُ لِلْحَاجِّ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا الْحَاجُّ فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ» .
(وَزَكَاةُ الْعَيْنِ) الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَ) زَكَاةُ (الْحَرْثِ) الْحُبُوبِ وَغَيْرِهَا (وَ) زَكَاةُ (الْمَاشِيَةِ) الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (فَرِيضَةٌ) تَقَدَّمَ دَلِيلُ هَذَا فِي بَابِهِ (وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ) أَيْ وَاجِبَةٌ بِالسُّنَّةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَقِيلَ السُّنَّةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَمَعْنَى فَرَضَهَا قَدَّرَهَا.
(وَحَجُّ الْبَيْتِ) الْحَرَامِ الَّذِي بِمَكَّةَ (فَرِيضَةٌ) فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً بِشُرُوطٍ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِهِ (وَالْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ الْحَجِّ (وَالتَّلْبِيَةُ) فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَجِّ أَنَّهَا فَرْضٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا ثَمَّةَ (وَالنِّيَّةُ بِالْحَجِّ فَرِيضَةٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .
(وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ) وَهُوَ الَّذِي يُفْعَلُ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ عَرَفَةَ (فَرِيضَةٌ) بِلَا خِلَافٍ.
(وَ) كَذَلِكَ (السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَرِيضَةٌ وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ الْمُتَّصِلُ بِهِ)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: شَعْبَانَ] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: سُمِّيَ شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِ الْقَبَائِلِ فِيهِ لِلْقِتَالِ. [قَوْلُهُ: مِنْهُ] أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَوْلُهُ: فِي شَعْبَانَ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي مِنْهُ أَيْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْ نَفْسِهِ صِيَامًا حَالَةَ كَوْنِهِ كَائِنًا فِي شَعْبَانَ.
وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَإِنْ صَدَقَتْ بِمُسَاوَاةِ شَعْبَانَ لِغَيْرِهِ وَبِزِيَادَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهَا تُعُورِفَتْ فِي زِيَادَةِ شَعْبَانَ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا أَيْ إلَّا زَمَنًا قَلِيلًا مِنْهُ أَيْ مِنْ شَعْبَانَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْقِلَّةِ. [قَوْلُهُ: يَوْمِ التَّرْوِيَةِ] سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ تَحْمِلُ الْمَاءَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى لِحُجَّاجِ الْعَرَبِ يَسْقُونَهُمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَصْبَحَ يَتَرَوَّى فِي أَمْرِ الرُّؤْيَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. [قَوْلُهُ: مُرَغَّبٌ فِيهِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ [قَوْلُهُ: الْعَمَلُ] مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: الصَّالِحُ صِفَتُهُ.
وَقَوْلُهُ: أَفْضَلُ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ. وَقَوْلُهُ: مِنْهُ أَيْ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ لَيْسَ أَيَّامٌ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ نَفْسِهِ فِي هَذِهِ، وَهِيَ وَإِنْ صَدَقَتْ بِالْمُسَاوَاةِ إلَّا أَنَّهَا تُعُورِفَتْ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا. [قَوْلُهُ: الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ] فِي الْعِبَارَةِ تَغْلِيبٌ لِظُهُورِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْعَشْرِ يَوْمُ الْعِيدِ وَهُوَ لَيْسَ يَوْمَ صِيَامٍ، أَقُولُ: وَقَضِيَّةُ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صَوْمِ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ. [قَوْلُهُ: وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوَّلًا وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَجِّ لَأَغْنَاهُ عَنْ هَذَا. [قَوْلُهُ: فَالْفِطْرُ لَهُ أَفْضَلُ] أَيْ لِيَتَقَوَّى عَلَى الْوُقُوفِ [قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ] أَيْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ.
[قَوْلُهُ: الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] وَسُمِّيَا بِالْعَيْنِ لِشَرَفِهِمَا مَأْخُوذٌ مِنْ عَيْنِ الْجَارِحَةِ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَاحْتَرَزَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنْ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ، وَلَوْ تُعُومِلَ بِهَا، وَيَدْخُلُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عُرُوضُ التِّجَارَةِ. [قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا] أَفَادَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ الْقَطَانِيُّ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالزَّيْتُونُ [قَوْلُهُ: وَاجِبَةٌ] أَيْ كُلُّ ذَلِكَ وَاجِبٌ [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى فَرَضَهَا قَدَّرَهَا] أَيْ وَالتَّقْدِيرُ يَتَعَلَّقُ بِالسُّنَّةِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ مُؤَكَّدَةٌ] الَّذِي شَهَرَهُ شُرَّاحُ خَلِيلٍ وُجُوبُ التَّلْبِيَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى تَارِكِهَا، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ كَمَا أَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ. [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَجِّ أَنَّهَا فَرْضٌ] أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَجْعَلُهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ.
[قَوْلُهُ: وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ] هُوَ أَفْضَلُ أَرْكَانِ الْحَجِّ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ إلَخْ] تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ يُوجِبُ التَّنَافِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ