الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَالْقَاضِي عَلَى حُكْمِهِ، وَثَمَنُ الْجَاهِ وَالسُّؤَالِ لِلتَّكْثِيرِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) مِنْهُ (الْقِمَارُ) وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَنَحْوِهِ.
(وَ) مِنْهُ (الْغَرَرُ) الْكَثِيرُ دُونَ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ (وَ) مِنْهُ (الْغِشُّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ خَلْطُ الْجِنْسِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ الدَّنِيءِ.
(وَ) مِنْهُ (الْخَدِيعَةُ) بِالْكَلَامِ أَوْ بِالْفِعْلِ (وَ) مِنْهُ (الْخِلَابَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَفُسِّرَتْ بِالْخَدِيعَةِ.
(وَحَرَّمَ اللَّهُ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (أَكْلُ الْمَيْتَةِ) مَا عَدَا مَيْتَةَ الْبَحْرِ (وَ) حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَكْلَ (الدَّمِ وَ) حَرَّمَ (لَحْمَ الْخِنْزِيرِ) أَيْ أَكْلَهُ أَوْ كُلَّ شَيْءٍ
ــ
[حاشية العدوي]
وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ، أَوْ الْأَجَلِ أَيْ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ سَائِغٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ الْحَرَامُ] هَذَا تَفْسِيرٌ لُغَوِيٌّ فَقَطْ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: السُّحْتُ بِضَمَّتَيْنِ وَإِسْكَانِ الثَّانِي تَخْفِيفًا كُلُّ مَالٍ حَرَامٍ لَا يَحِلُّ كَسْبُهُ وَلَا أَكْلُهُ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ شَامِلٌ لِلْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: وَمِنْهُ السُّحْتُ أَيْ وَمِنْهُ أَخْذُ السُّحْتِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي أَوْجُهِ الْبَاطِلِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْله: قِيلَ هُوَ الرِّشْوَةُ] لَيْسَ قَصْدُهُ التَّضْعِيفَ أَيْ وَقِيلَ: هُوَ الرِّشْوَةُ، فَيَكُونُ إشَارَةً إلَى تَفْسِيرٍ آخَرَ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالسُّحْتِ كُلَّ مَالٍ حَرَامٍ بَلْ هُوَ الرِّشْوَةُ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فَلَا يَكُونُ إشَارَةً لِتَفْسِيرٍ آخَرَ. وَقَوْلُهُ: الرِّشْوَةُ كَذَا فِيمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ بِالْأَلِفِ وَاَلَّذِي فِي غَيْرِهِ بِالْهَاءِ وَكَذَا فِي الْمِصْبَاحِ بِالْهَاءِ.
[قَوْلُهُ: وَثَمَنُ الْجَاهِ] هُوَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ شَفَاعَةٍ سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ الشَّافِعُ عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ أَمْ لَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَأْخُذُهُ كَبِيرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ مَوْضِعِ الْخَوْفِ إلَى مَوْضِعِ الْأَمْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ لِيَدُلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. [قَوْلُهُ: وَالسُّؤَالُ لِلتَّكْثِيرِ] أَيْ يَسْأَلُ مِنْ النَّاسِ لِأَجْلِ تَكْثِيرِ مَالِهِ لَا لِاحْتِيَاجٍ وَنَحْوِهِ أَيْ كَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَهُوَ مَا تَأْخُذُهُ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا مِمَّنْ يَزْنِي بِهَا. [قَوْلُهُ: وَمِنْهُ الْقِمَارُ إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: قَامَرْته قِمَارًا مِنْ بَابِ قَاتَلَ، وَقَمَرْتُهُ قَمْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ غَلَبْته انْتَهَى. أَيْ: إذْ فِي لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَنَحْوِهِ مُغَالَبَةٌ فَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ أَيْ كَالنَّرْدِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَإِنْ بِدُونِ شَيْءٍ. [قَوْلُهُ: الْغَرَرُ الْكَثِيرُ] أَيْ كَشِرَاءِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ أَيْ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ غَرَرٍ يَسِيرٍ أَيْ كَالْحُبُوبِ الْمُبَاعَةِ فَإِنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ نَحْوِ طِينٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَرَرِ الْمُغْتَفَرِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ لَا تَشْمَلُ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ السِّقَاءِ وَدُخُولَ الْحَمَّامِ مَثَلًا. [قَوْلُهُ: وَهُوَ خَلْطُ. . . إلَخْ] أَيْ وَمِنْ الْغِشِّ تَلْطِيخُ الثَّوْبِ بِالنَّشَا وَسَقْيُ الْحَيَوَانِ بِالْمَاءِ عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهِ بَعْدَ إطْعَامِهِ شَيْئًا مِنْ الْمِلْحِ. [قَوْلُهُ: الْخَدِيعَةُ بِالْكَلَامِ. . . إلَخْ] أَيْ لِيُتَوَصَّلَ إلَى غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ كَأَنْ يَقُولَ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ لِرَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِ: نَهَارٌ مُبَارَكٌ حَصَلَ أُنْسُكُمْ، قَصْدُهُ التَّوَصُّلُ إلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: أَوْ بِالْفِعْلِ] أَيْ كَأَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِالْمَأْكُولِ يَأْكُلُهُ. وَقَوْلُهُ: وَفُسِّرَتْ بِالْخَدِيعَةِ أَيْ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ.
تَنْبِيهٌ:
مَنْ اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْبَاطِلِ كَفَرَ إنْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ مَعْلُومَةَ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَيَجِبُ التَّوْبَةُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ وَيَجِبُ رَدُّهُ أَوْ عِوَضُهُ لِرَبِّهِ، أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ عُرِفَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
[قَوْلُهُ: مَا عَدَا مَيْتَةَ الْبَحْرِ] أَيْ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ مَيْتَتَهُ تُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. [قَوْلُهُ: أَيْ أَكْلُهُ] ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى لَحْمِ الْخِنْزِيرِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْخِنْزِيرِ.
قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: هَذَا لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ كُلُّهُ إجْمَاعًا أَيْ خِنْزِيرِ الْبَرِّ لَا الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ.
تَنْبِيهٌ:
اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَقِيلَ تَعَبُّدٌ وَقِيلَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، فَالْمَيْتَةُ يُخَافُ عَلَى آكِلِهَا؛ لِأَنَّهَا سُمٌّ، وَالدَّمُ؛ لِأَنَّهُ يُقَسِّي الْقَلْبَ، وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْغَيْرَةَ.