للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] (وَ) إذَا أَكَلَ لَا بَأْسَ أَنْ (يَشْبَعَ) مِنْهَا عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى قَالَهُ ج. وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَأْكُلُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ خَاصَّةً وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ (وَ) اُخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ لَهُ أَنْ (يَتَزَوَّدَ) مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ ذَلِكَ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ (فَ) إنَّهُ (إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا) .

(وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ (إذَا دُبِغَ) فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ وَحْدَهُ فَقَطْ، أَمَّا إذَا لَمْ يُدْبَغْ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا (وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُبَاعُ) عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ وَبَيْعِهَا وَيُنْتَفَعُ بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا وَمَا يُنْزَعُ مِنْهَا فِي) حَالِ (الْحَيَاةِ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُغْسَلَ) وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجِبُ غَسْلُهُ (وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا وَلَا بِقَرْنِهَا وَأَظْلَافِهَا) أَيْ أَخْفَافِهَا (وَأَنْيَابِهَا وَكُرِهَ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ) حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ إلَى هُنَا تَقَدَّمَ فِي الضَّحَايَا وَهُوَ سَاقِطٌ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ. .

(وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخِنْزِيرِ) لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ وَعَظْمِهِ وَجِلْدِهِ (حَرَامٌ) أَيْ أَكْلُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ. ع: مَنْ أَكَلَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ مُسْتَحِلًّا لَهُ قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ وَمَنْ أَكَلَهُ مُعْتَقِدًا التَّحْرِيمَ عُوقِبَ وَاخْتُلِفَ هَلْ تَحْرِيمُهُ تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِقَسَاوَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْأَذِيَّةِ لِمَا قِيلَ إذَا مَاتَتْ صَارَتْ سُمًّا، وَتُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَى صَيْدِ الْمُحْرِمِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ وَاجِبٌ] وَأُجِيبَ بِأَنْ لَا بَأْسَ بِمَعْنَى الْإِذْنِ أَيْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِمَا ذُكِرَ تَبَعًا لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْإِبَاحَةُ، فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى] أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. [قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَالِكٍ] مُقَابِلٌ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى وَقَوْلُ مَالِكٍ هَذَا ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: وَيَتَزَوَّدَ] أَيْ إلَى مَحَلٍّ يَظُنُّ فِيهِ وُجُودَ مَا يُغْنِي عَنْهَا مِنْ الْمُبَاحِ وَلَوْ بِالشِّرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ. [قَوْلُهُ: فَقَالَ مَالِكٌ لَهُ ذَلِكَ] وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِذَا تَزَوَّدَ مِنْ خِنْزِيرٍ لَمْ يَجِدْ سِوَاهُ، ثُمَّ وَجَدَ مَيْتَةً تُقَدَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ طَرَحَهُ وَأَخَذَ الْمَيْتَةَ. [قَوْلُهُ: طَرَحَهَا] أَيْ وُجُوبًا.

[قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ إلَخْ] إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ لِدَنَاءَتِهِ وَآدَمِيٍّ لِشَرَفِهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. [قَوْلُهُ: إذَا دُبِغَ] أَيْ بِمَا أَزَالَ الرِّيحَ وَالدُّسُومَةَ وَالرُّطُوبَةَ وَحَفِظَهُ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ. [قَوْلُهُ: فِي الْيَابِسَاتِ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا فِي الْمَائِعَاتِ غَيْرِ الْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَهُ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ وَالْبَيْعِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ نَاجِي، وَالْمُقَابِلُ فِي الطَّرَفِ الثَّانِي قَوْلَانِ قِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا دُبِغَ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا.

[قَوْلُهُ: عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ. . . إلَخْ] هِيَ كُلُّ مَا لَهُ جَرَاءَةٌ أَيْ شِدَّةٌ عَلَى الِافْتِرَاسِ وَالْعَدَاءِ. [قَوْلُهُ: إذَا ذُكِّيَتْ] أَيْ وَلَوْ بِقَصْدِ أَخْذِ لَحْمِهَا فَقَطْ. [قَوْلُهُ: وَبَيْعُهَا] وَأَوْلَى غَيْرُ الْبَيْعِ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، وَلَوْ بِوَضْعِ الْمَائِعِ غَيْرِ الْمَاءِ فِيهِ لِطَهَارَتِهِ بِالذَّكَاةِ. [قَوْلُهُ: بِصُوفِ الْمَيْتَةِ وَشَعْرِهَا] أَيْ، وَلَوْ مَيْتَةَ خِنْزِيرٍ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا أَيْضًا لِلطَّهَارَةِ بِالْجَزِّ لَكِنْ يَجِبُ الْبَيَانُ عِنْدَ الْبَيْعِ. [قَوْلُهُ: وَمَا يُنْزَعُ مِنْهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ] أَيْ إنْ جُزَّ أَيْضًا وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهَا رَاجِعٌ لِلْمَيْتَةِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَيْتَةً بِالْفِعْلِ، أَيْ مَيْتَةً بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. [قَوْلُهُ: وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُغْسَلَ] أَيْ يُنْدَبُ أَيْ فِي حَالَةِ الشَّكِّ، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الطَّهَارَةِ فَيَجِبُ.

[قَوْلُهُ: بِرِيشِهَا] أَيْ قَصَبَةِ رِيشِ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ الزَّغَبَ كَالشَّعْرِ فِي طَهَارَتِهِ بِالْجَزِّ. [قَوْلُهُ: وَلَا بِقَرْنِهَا] أَيْ مُطْلَقًا طَرَفُهَا وَأَصْلُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَأَنْيَابِهَا] قَالَ تت: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَنْيَابِ بَلْ سَائِرُ أَسْنَانِهَا وَكَأَنَّهُ خَصَّ النَّابَ لِقَوْلِهِ: وَكُرِهَ إلَخْ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ أَيْ قَوْلِهِ: وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا إلَخْ. [قَوْلُهُ: وَكُرِهَ الِانْتِفَاعُ بِأَنْيَابِ الْفِيلِ] أَيْ غَيْرِ الْمُذَكَّى. [قَوْلُهُ: حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ] مِنْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ، أَيْ وَعَارَضَ التَّحْرِيمَ أَنَّهُ صَارَ زِينَةً يُتَزَيَّنُ بِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُذَكًّى فَأَمْرُهُ وَاضِحٌ. [قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّحْرِيمِ] وَرُجِّحَ.

[قَوْلُهُ: وَالِانْتِفَاعُ بِهِ] مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَكَلَهُ مُعْتَقِدًا لِلتَّحْرِيمِ] أَيْ وَكَذَا شَاكًّا فِي التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً. [قَوْلُهُ: عُوقِبَ] أُطْلِقَ الْعِقَابُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ لِاجْتِهَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>