رَحِمَهُ) وَهُوَ كُلُّ قَرَابَةٍ بِنَسَبٍ مِنْ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ.
(وَمِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ يَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ (إذَا لَقِيَهُ وَ) مِنْ حَقِّهِ عَلَيْهِ (أَنْ يَعُودَهُ إذَا مَرِضَ) مَخَافَةَ أَنْ يَضِيعَ، وَيَحْصُلُ كَمَالُ أَجْرِ الزَّائِرِ بِشَرْطِ أَنْ يُقِلَّ عَنْهُ السُّؤَالَ وَأَنْ يُظْهِرَ لَهُ الشَّفَقَةَ وَيُقِلَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ وَأَنْ لَا يُقْنِطَهُ وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَأَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ أَوْ جَبْهَتِهِ لِيَعْرِفَ مَا بِهِ وَأَنْ لَا يَنْظُرَ فِي عَوْرَةِ الْبَيْتِ (وَ) مِنْ حَقِّهِ عَلَيْهِ (أَنْ يُشَمِّتَهُ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
التَّمْرِيضِ فَالصَّوَابُ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَهِيَ قَالَ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ كُلُّ قَرَابَةٍ. . . إلَخْ] هَذَا ضَابِطٌ لَا تَعْرِيفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ بِلَفْظِ كُلٍّ.
[قَوْلُهُ: قَرَابَةٍ] أَيْ ذِي قَرَابَةٍ. [قَوْلُهُ: بِنَسَبٍ. . . إلَخْ] الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُقَالُ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَيْ قَرَابَةٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، أَيْ فَالْوَاضِحُ الْقَرَابَةُ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الشَّارِحِ جَعْلُ النَّسَبِ الْخَفِيِّ مُصَوِّرًا لِلْوَاضِحِ، بَلْ الْأَوْلَى الْعَكْسُ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ أَحْسَنُ حَيْثُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: تَثْبُتُ بَدَلَ قَوْلِهِ بِنَسَبٍ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ. . . إلَخْ] أَيْ مِنْ جِهَةٍ هِيَ الْأُبُوَّةُ. . . إلَخْ مُرُورًا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الرَّحِمَ كُلُّ قَرَابَةٍ وَإِنْ بَعُدَ وَارِثًا أَمْ لَا يَحْرُمُ نِكَاحُهُ، أَوْ لَا كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ، إلَّا أَنَّهَا إنْ كَثُرَتْ فَالْأَقْرَبُ وَمُقَابِلُهُ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ وَالْمُوَاصَلَةُ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا وَصَلُوك، أَوْ قَطَعُوك فَلَيْسَ الْمُوَاصِلُ مَنْ وَصَلَ وَإِنَّمَا الْمُوَاصِلُ مَنْ يَصِلُ مَنْ قَطَعَ، وَالصِّلَةُ بِالزِّيَارَةِ وَبَذْلِ الْمَالِ لِلْمُحْتَاجِ وَالْقَوْلِ الْحَسَنِ وَالسُّؤَالِ عَنْ الْحَالِ وَبِالصَّفْحِ عَنْ زَلَّاتِهِمْ وَالْمَعُونَةِ لَهُمْ، أَيْ فَالصِّلَةُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ الْقَرَابَةِ، وَأَرَادَ قَرَابَةَ الْمُؤْمِنِينَ لَا الْكَافِرِينَ إلَّا بِرَّ وَالِدَيْهِ وَالصِّلَةُ بِالزِّيَارَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَنْ قَرُبَ مَحَلُّ رَحِمِهِ وَإِلَّا فَزِيَارَتُهُ بِالْكَتْبِ إلَيْهِ، أَوْ إرْسَالِ رَسُولِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ رَحِمُهُ يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يُحِبُّ أَنْ يَصِلَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِحُضُورِهِ. [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ] لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء: ١] . [قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ] أَيْ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أَوْ لِيَصْمُتْ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. [قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ] أَيْ فَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ فَرْضُ عَيْنٍ مَنْ تَرَكَهَا فَهُوَ عَاصٍ.
[قَوْلُهُ: وَمِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ] أَيْ وَمِنْ الثَّابِتِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْوَاجِبَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ كَالسَّلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْهِجْرَانِ. [قَوْلُهُ: أَيْ يَبْدَأُهُ بِالسَّلَامِ] وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَفِي قَلْبِهِ غِلٌّ، أَوْ حَسَدٌ، بَلْ يَكُونُ الْبَاطِنُ مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ. [قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَضِيعَ] مُفَادُهُ أَنَّ الْعِيَادَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَهِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْغَيْرِ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ وَيُطَالَبُ بِهَا ابْتِدَاءً الْقَرِيبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَصَحْبُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَهْلُ مَوْضِعِهِ، فَإِنْ تَرَكُوا جَمِيعًا عَصَوْا وَالْعَائِدُ إمَّا رَجُلٌ، أَوْ امْرَأَةُ مَحْرَمٍ وَتَكُونُ فِي خَلَاءِ الْوَقْتِ الَّذِي يَشْتَغِلُ فِيهِ بِعِبَادَةٍ أَوْ تَكُونُ نَحْوُ زَوْجَتِهِ عِنْدَهُ إذَا كَانَ يَرْتَاحُ مَعَهَا، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِمَنْ لَمْ يَشْتَدَّ بِهِ الْمَرَضُ وَإِلَّا فَقَدْ تَجِبُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَيُعَادُ كُلُّ مَرِيضٍ وَلَوْ أَرْمَدَ وَصَاحِبَ ضِرْسٍ وَصَاحِبَ دُمَّلٍ وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَبَرِ ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يُقِلَّ] أَيْ بِشَرْطٍ هُوَ أَنْ يُقِلَّ عَنْهُ السُّؤَالَ أَيْ عَنْ حَالِهِ فَإِنْ أَكْثَرَ السُّؤَالَ فَرُبَّمَا كُرِهَ، أَوْ حَرُمَ، وَأَرَادَ بِالشَّرْطِ جِنْسَهُ الْمُتَحَقِّقَ فِي أَفْرَادٍ كَثِيرَةٍ لِإِضَافَتِهِ لِمَجْمُوعِ مَا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ شُرُوطٌ مُتَعَدِّدَةٌ أَيْ إضَافَةُ الْبَيَانِ وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ بِشُرُوطٍ أَنْ يُقِلَّ. . . إلَخْ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ يُظْهِرَ لَهُ الشَّفَقَةَ] وَعَدَمَهَا إمَّا بِعَدَمِ ظُهُورِ شَيْءٍ، أَوْ ظُهُورِ ضِدِّهَا، فَالْأَوَّلُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذِيَّةِ. [قَوْلُهُ: وَيُقِلَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ] أَيْ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ ذَلِكَ فَإِذَا أَكْثَرَ الْجُلُوسَ بِدُونِ طَلَبٍ فَإِمَّا كُرِهَ، أَوْ حَرُمَ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُقْنِطَهُ] يُقْرَأُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ النُّونِ مِنْ أَقْنَطَهُ، وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنْ قَنَّطَهُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ لَا يَجْعَلُهُ آيِسًا مِنْ الشِّفَاءِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَإِذَا قَنَّطَهُ فَرُبَّمَا حَرُمَ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَدْعُوَ لَهُ] وَتَرْكُهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَضَعَ يَدَهُ] إلَّا أَنْ يَكُونَ يَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَضَعْ فَخِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ. [قَوْلُهُ: لِيَعْرِفَ مَا بِهِ] أَيْ فَتَعْظُمَ رِقَّةُ قَلْبِهِ فَيَدْعُوَ لَهُ بِقَلْبٍ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute