وَالْمُهْمَلَةِ، أَيْ يَقُولُ لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ (إذَا عَطَسَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشَمِّتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ يَحْمَدُ، وَسَيَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ إذَا سَمِعَهُ يَحْمَدُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ (وَ) مِنْ حَقِّهِ عَلَيْهِ (أَنْ يَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إذَا مَاتَ وَأَنْ يَحْفَظَهُ إذَا غَابَ فِي السِّرِّ) بِأَنْ لَا يَغْتَابَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ (وَ) يَحْفَظَهُ فِي (الْعَلَانِيَةِ) بِأَنْ لَا يَشْتُمَهُ مَثَلًا.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ (يَهْجُرَ أَخَاهُ) الْمُؤْمِنَ (فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ) بِأَيَّامِهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ» . مَفْهُومُهُ أَنَّ هِجْرَانَ الثَّلَاثَةِ جَائِزٌ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَالسَّلَامُ يَخْرُجُ مِنْ الْهِجْرَانِ) إنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ رَدَّ الْآخَرُ
ــ
[حاشية العدوي]
يَبْعَثَهُ عَلَى تَحْصِيلِ دَوَاءٍ، أَوْ طَبِيبٍ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَنْظُرَ فِي عَوْرَةِ الْبَيْتِ] بِأَنْ لَا يَنْظُرَ مَثَلًا مَا عَلَى الرَّفِّ مِنْ الْأَمْتِعَةِ الْمَرْغُوبِ فِيهَا الَّتِي شَأْنُ النَّاسِ إخْفَاؤُهَا خَوْفًا مِنْ حَسَدٍ وَنَحْوِهِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُمْ حُبَّ إظْهَارِ ذَلِكَ، وَيُزَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَهُ بِخُشُوعٍ وَأَنْ يُبَشِّرَهُ بِالْمَثُوبَاتِ لِلْمَرِيضِ، وَسَكَتَ عَنْ آدَابِ الْمَرِيضِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي التَّحْقِيقِ حَيْثُ قَالَ: وَلِلْمَرِيضِ أَيْضًا آدَابٌ يَحُوزُ بِهَا كَمَالَ أَجْرِ الْمَرِيضِ مِنْهَا أَنْ لَا يُضَيِّعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَأَنْ يُكْثِرَ الرَّجَاءَ وَلَا يُكْثِرَ التَّشَكِّي إلَّا لِمَنْ يَرْغَبُ فِي صَلَاحِ دُعَائِهِ، وَيَقْصِدُ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ وَلَا يَقْنَطُ فِي مَرَضِهِ وَأَنْ لَا يَخْرُجَ فِي كَلَامِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَكَّلَ عَلَى صَاحِبِ الدَّوَاءِ إذَا دَاوَى وَقَبِلَ الدَّوَاءَ.
[قَوْلُهُ: أَيْ يَقُولُ لَهُ] كَذَا فِي التَّحْقِيقِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّشْمِيتَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ مَدْلُولُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهُ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ أَيْ أَنْعَمَ عَلَيْك بِجَعْلِك عَلَى سَمْتٍ حَسَنٍ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَوْ بِإِبْعَادِهِ عَنْك الشَّمَاتَةَ بِرَدِّك إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى، وَعَلَى قِرَاءَتِهِ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فَالْمَآلُ وَاحِدٌ وَنَاسَبَ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَاطِسَ حِينَ عُطَاسِهِ تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ. [قَوْلُهُ: إذَا عَطَسَ] مِنْ بَابَيْ ذَهَبَ وَنَصَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشَمِّتُهُ، وَلَوْ تَسَبَّبَ فِي عُطَاسِهِ كَمَا قَالَ عج. [قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ يَحْمَدُ] الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ لَمْ يَحْمَدْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ. [قَوْلُهُ: إذَا سَمِعَهُ يَحْمَدُ] أَيْ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ لِسَمَاعِهِ تَشْمِيتَ غَيْرِهِ لَهُ، وَجَرَى خِلَافٌ فِي تَنْبِيهِهِ عَلَى الْحَمْدِ إذَا تَرَكَهُ لِيُشَمِّتَهُ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ تَنْبِيهُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى فِعْلٍ مَطْلُوبٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: مَاذَا يَقُولُ مَنْ عَطَسَ. [قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ. . . إلَخْ] ضَعِيفٌ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ وَاجِبُ كِفَايَةٍ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَشْهَدَ جِنَازَتَهُ إذَا مَاتَ] أَيْ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالدَّفْنِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَغْتَابَهُ] أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّرِّ غِيبَتُهُ، وَأَرَادَ بِالْعَلَانِيَةِ حُضُورَهُ.
[قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ] أَيْ وَلَا يَتَعَدَّى عَلَى أَمَانَةٍ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ حَلَالٍ، أَوْ حُرْمَةٍ. [قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَشْتُمَهُ مَثَلًا] أَيْ وَلَا يَأْخُذَ مَالَهُ عَلَانِيَةً.
[قَوْلُهُ: يَهْجُرَ أَخَاهُ] أَيْ بِحَيْثُ لَا يُكَلِّمُهُ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُلَفَّقَةً، [قَوْلُهُ: بِأَيَّامِهَا. . . إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَقْصُودُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ زِيَادَةٌ لَا بُدَّ مِنْهَا إذْ لَوْ أُبْقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى حُرْمَتَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إذَا كَانَ ابْتِدَاءُ الْهَجْرِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: بِأَيَّامِهَا أَيْ بِمَجْمُوعِ أَيَّامِهَا فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. . . إلَخْ] زَادَ فِي رِوَايَةٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ، فَمَنْ زَادَ عَلَى التَّحْدِيدِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ جُرْحَةٌ فِي شَهَادَتِهِ إذَا كَانَ الْهِجْرَانُ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ.
وَأَمَّا لِحَقِّ اللَّهِ بِأَنْ كَانَ لِتَلَبُّسِهِ بِمَعْصِيَةٍ، أَوْ لَا كَهِجْرَانِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ عِنْدَ ارْتِكَابِهَا مَا لَا يَنْبَغِي، وَهَجْرِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالشَّيْخِ لِتِلْمِيذِهِ حَتَّى يُقْلِعَ الْمَهْجُورَ عَمَّا لِأَجْلِهِ الْهَجْرُ فَهَذَا لَا حَرَجَ فِيهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَى شَهْرٍ. [قَوْلُهُ: أَنَّ هِجْرَانَ الثَّلَاثَةِ جَائِزٌ] الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ] ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَرُمَ الْهِجْرَانُ مُطْلَقًا لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْإِنْسَانِ قَلَّ أَنْ يَنْفَكَّ عَنْ غَضَبٍ. [قَوْلُهُ: وَالسَّلَامُ يَخْرُجُ مِنْ الْهِجْرَانِ] أَيْ إذَا كَانَ لِسَبَبٍ كَشَتْمٍ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْهِجْرَانِ إلَّا بِالْعَوْدِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مَعَهُ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُنْظُرْ عج. [قَوْلُهُ: إنْ نَوَى بِهِ ذَلِكَ] فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلَا يَخْرُجُ وَهُوَ نِفَاقٌ، وَيُفْهِمُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْ هَجَرَهُ