للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِمَارٌ، وَمَنْ اُسْتُرْضِيَ وَلَمْ يَرْضَ فَهُوَ شَيْطَانٌ (وَ) رَابِعُهَا (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ. «الْمُؤْمِنُ يُحِبُّ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» . أَيْ مِنْ الطَّاعَاتِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَاتِ، وَمَعْنَى لَا يُؤْمِنُ الْإِيمَانَ التَّامَّ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْإِيمَانِ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

(وَلَا يَحِلُّ لَك) أَيُّهَا الْمُكَلَّفُ (أَنْ تَتَعَمَّدَ سَمَاعَ الْبَاطِلِ كُلِّهِ) قَوْلًا كَالْغِيبَةِ أَوْ فِعْلًا كَآلَاتِ الْمَلَاهِي.

(وَلَا) يَحِلُّ لَك (أَنْ تَتَلَذَّذَ بِسَمَاعِ صَوْتِ) كَلَامِ (امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَك) وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَتَلَذَّذَ بِصَوْتِ الْأَمْرَدِ الَّذِي فِيهِ لِينٌ، وَإِنَّمَا قَالَ تَتَلَذَّذُ وَلَمْ يَقُلْ: أَنْ تَسْمَعَ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ كَلَامِ الْمُتَجَالَّةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا جَائِزٌ.

(وَلَا) يَحِلُّ لَك (سَمَاعُ شَيْءٍ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي) كَالْعُودِ إلَّا الدُّفَّ فِي النِّكَاحِ.

(وَ) كَذَا لَا يَحِلُّ لَك سَمَاعُ (الْغِنَاءِ) بِالْمَدِّ وَهُوَ مَدُّ مَا يُقْصَرُ وَقَصْرُ مَا يُمَدُّ

ــ

[حاشية العدوي]

مَجْبُولٌ عَلَى الْغَضَبِ وَمَا يُرَدُّ مِنْ النَّهْيِ فَإِنَّمَا هُوَ عَنْ مُوجِبِهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ اُسْتُرْضِيَ] أَيْ طُلِبَ مِنْهُ الرِّضَا فِعْلُ مَا يَتَرَتَّبُ الرِّضَا عَلَيْهِ. [قَوْلُهُ: فَهُوَ شَيْطَانٌ] أَيْ كَالشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَنْخَدِعُ عِنْدَ مُوجَبَاتِ الْخِدَاعِ لِلُؤْمِهِ وَاسْتِحْكَامِ عَدَاوَتِهِ لِلْإِنْسَانِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ. . . إلَخْ] أَيْ فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إمَّا رِوَايَةً بِالْمَعْنَى وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ بِهِمَا مَعًا. [قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ الطَّاعَاتِ. . . إلَخْ] أَيْ بِحَسَبِ ذَاتِهَا أَوْ بِحَسَبِ مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَيْ كَرِفْعَةِ الْمَرَاتِبِ فِي الْآخِرَةِ. [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى لَا يُؤْمِنُ. . . إلَخْ] أَيْ وَمَعْنَى الْمُؤْمِنِ فِي الْمُصَنَّفِ الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ. [قَوْلُهُ: فَأَصْلُ الْإِيمَانِ] فَالْإِيمَانُ الْأَصْلُ لِقَوْلِهِ: الْإِيمَانَ التَّامَّ. [قَوْلُهُ: يَحْصُلُ وَإِنْ. . . إلَخْ] لِلْمُبَالَغَةِ لَا لِلْحَالِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الْإِيمَانُ التَّامُّ أَيْ الْكَامِلُ وُجِدَ الْإِيمَانُ الْأَصْلُ وَلَا يَنْعَكِسُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْعَقِيدَةِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ تَتَعَمَّدَ] قَالَ تت: وَمَفْهُومُ التَّعَمُّدِ جَوَازُهُ لِغَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ كَالنَّظْرَةِ الْأُولَى.

[قَوْلُهُ: كُلِّهِ] أَيْ بِتَمَامِهِ أَيْ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ يُسْمَعَ، وَالْمُرَادُ سَمَاعُ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْبَاطِلَ يَكُونُ مُتَعَلِّقَ غَيْرِهِ كَالْبَصَرِ. [قَوْلُهُ: كَالْغِيبَةِ] أُدْخِلَ تَحْتَ الْكَافِ النَّمِيمَةُ وَالْقَذْفُ [قَوْلُهُ: أَوْ فِعْلًا كَآلَاتِ] أَيْ كَصَوْتِ آلَاتِ الْمَلَاهِي إذْ الْمَسْمُوعُ هُوَ صَوْتُهَا لَا هِيَ، وَصَوْتُهَا فِعْلٌ لَهَا حَقِيقَةٌ، وَفِعْلٌ لِلشَّخْصِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُتَسَبِّبٌ عَنْ فِعْلِهِ وَحَيْثُ عَبَّرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ فِعْلًا أَيْ بِأَوْ أَفَادَ أَنَّ التَّقْدِيرَ كَانَ الْبَاطِلُ لَا بِقَيْدِ كُلِّهِ قَوْلًا. . . إلَخْ. [قَوْلُهُ: الْمَلَاهِي] أَيْ آلَاتٍ هِيَ الْمَلَاهِي كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ لَهَا لَهْوًا لَعِبَ إلَى أَنْ قَالَ وَالْمَلَاهِي آلَتُهُ.

تَتِمَّةٌ.

هَلْ يَلْزَمُ سَامِعَ ذَلِكَ سَدُّ أُذُنَيْهِ، أَوْ تَعَاطِي أَسْبَابِ عَدَمِ سَمَاعِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ هَكَذَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ، وَظَاهِرُ الْأَثَرِ الْمَنْقُولِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ تَحْرِيمِ سَمَاعِهِ كَمَا أَفَادَهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَنْ تَتَلَذَّذَ بِسَمَاعِ. . . إلَخْ] أَيْ، وَلَوْ بِالْقَرَائِنِ أَيْ تَقْصِدُ التَّلَذُّذَ. [قَوْلُهُ: لَا تَحِلُّ لَك] أَيْ لَا يَحِلُّ لَك مُنَاكَحَتُهَا أَيْ فَيَجُوزُ التَّلَذُّذُ بِكَلَامِ مَنْ تَحِلُّ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ مِمَّا لَا يَصْدُرُ إلَّا مِمَّا ذُكِرَ. [قَوْلُهُ: الَّذِي فِيهِ لِينٌ] أَيْ الَّذِي هُوَ مَنْشَأُ التَّلَذُّذِ. [قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهَا] أَيْ مِنْ الشَّابَّةِ الَّتِي لَيْسَ فِي صَوْتِهَا لِينٌ، أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي صَوْتِهَا لِينٌ فَلَا يَجُوزُ السَّمَاعُ لِكَوْنِهِ يَتَلَذَّذُ، وَرُبَّمَا أَفْهَمَ أَنَّ مَا فِي صَوْتِهَا لِينٌ لَا يَجُوزُ سَمَاعُهُ، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يَتَلَذَّذُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ عُمَرَ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا سَمَاعُ كَلَامِهَا مِنْ غَيْرِ تَلَذُّذٍ فَجَائِزٌ اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَمَاعَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ تَلَذُّذٌ وَلَا وُجُودُهَا لَا مَنْعَ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ، وَكَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ يُفِيدُ عَدَمَ جَوَازِ سَمَاعِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ التَّلَذُّذِ.

[قَوْلُهُ: سَمَاعُ شَيْءٍ] أَيْ صَوْتُ شَيْءٍ [قَوْلُهُ: كَالْعُودِ] أَيْ وَالطُّنْبُورِ [قَوْلُهُ: إلَّا الدُّفَّ فِي النِّكَاحِ] أَيْ الْمَعْرُوفُ بِالطَّارِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُ وَسَمَاعُهُ فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ لِرَجُلٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ خَلِيلٍ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ جَلَاجِلُ وَصَرَاصِيرُ كَمَا فِي عج.

[قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ] أَيْ مَعَ كَسْرِ الْغَيْنِ، وَأَمَّا الْمَدُّ مَعَ الْفَتْحِ فَمَعْنَاهُ النَّفْعُ وَبِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ الْيَسَارُ مُقَابِلُ الْفَقْرِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَدُّ مَا يُقْصَرُ] أَيْ مَدُّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُقْصَرَ، أَوْ مَا طُلِبَ أَنْ يُقْصَرَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْغِنَاءَ هُوَ نَفْسُ مَدِّ الْحَرْفِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>