للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ مِنْ كَلَامٍ طَيِّبٍ مَفْهُومِ الْمَعْنَى مُحَرِّكًا لِلْقَلْبِ طَلَبًا لِلْإِطْرَابِ سَوَاءٌ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَ) كَذَلِكَ (لَا يَحِلُّ لَك قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَلَا سَمَاعُهُ بِاللُّحُونِ) أَيْ الْأَصْوَاتِ (الْمُرَجَّعَةِ) أَيْ الْمُطْرِبَةِ (كَتَرْجِيعِ الْغِنَاءِ) بِالْمَدِّ أَيْ الْمُشَبَّهَةِ بِالْغِنَاءِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ بَعْضُ الشُّيُوخِ. اُنْظُرْ هَلْ هُوَ عَلَى بَابِهِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَنْعُ فَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ الْأَوَّلُ (وَ) عَلَى كُلِّ حَالٍ فَ (لْيُجَلَّ) أَيْ يُعَظَّمْ وَيُنَزَّهْ (كِتَابُ اللَّهِ الْعَزِيزِ أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

فَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّهُ الصَّوْتُ الَّذِي يُطْرَبُ بِهِ [قَوْلُهُ: لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ] أَيْ لِزِيَادَةِ التَّحْسِينِ، أَوْ غَالِبًا، لَا أَنَّ التَّحْسِينَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ لُزُومًا فِيمَا يَظْهَرُ. [قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامٍ طَيِّبٍ] بَيَانُ كَمَا أَيْ مِنْ جُزْءِ كَلَامٍ طَيِّبٍ. وَهُوَ الْحَرْفُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ الْقَصْرُ، أَوْ الْمَدُّ [قَوْلُهُ: مَفْهُومِ الْمَعْنَى] أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُفْهَمَ، فَلَوْ أَنَّهُ أَتَى بِأَلْفَاظٍ غَرِيبَةٍ احْتَوَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ فَلَا يُقَالُ لَهَا غِنَاءٌ هَذَا مُقْتَضَاهُ.

وَقَوْلُهُ: مُحَرِّكٍ لِلْقَلْبِ كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ طَيِّبٍ، وَلَوْ ذَكَرَهُ بِلِصْقِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَأَرَادَ بِالْقَلْبِ النَّفْسَ لَا الشَّكْلَ الصَّنَوْبَرِيَّ [قَوْلُهُ: طَلَبًا لِلْإِطْرَابِ] عِلَّةٌ لِلتَّحْسِينِ وَالْإِطْرَابُ مَصْدَرُ أَطْرَبَ أَيْ أَطْرَبَ السَّامِعَ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] ضَعِيفٌ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ آلَةٍ يُكْرَهُ. وَأَمَّا بِآلَةٍ فَيَحْرُمُ، وَلَوْ فِي عُرْسٍ خِلَافًا لِعِبَارَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي فَإِنَّهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا فِيهَا كَمَا سَمِعْنَاهُ مِنْ الْأَشْيَاخِ. وَرَأَيْنَا مِنْ النُّقُولِ مَا يُفِيدُهُ وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْغِنَاءَ حَرَامٌ مُطْلَقًا بِآلَةٍ وَغَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي النِّكَاحِ وَكَذَا الْآلَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْغِنَاءِ تَحْرُمُ مُطْلَقًا فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا الدُّفَّ وَحْدَهُ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ آلَةٍ يُكْرَهُ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مَا يُكْرَهُ وَإِلَّا حَرُمَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْآلَةَ تَحْرُمُ مُطْلَقًا.

[قَوْلُهُ: وَلَا سَمَاعُهُ] هَذَا يُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ حِلِّ الْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ حِلِّ الْقِرَاءَةِ عَدَمُ حِلِّ السَّمَاعِ [قَوْلُهُ: بِاللُّحُونِ] اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ اللُّحُونِ وَالْأَلْحَانِ جَمْعُ لَحْنٍ لَا جَمْعُ تَلْحِينٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَتَبِعَهُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُهُ. [قَوْلُهُ: أَيْ الْأَصْوَاتِ] ظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّحْنَ الَّذِي هُوَ مُفْرَدٌ كُلٌّ مِنْ اللُّحُونِ، وَالْأَلْحَانُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الصَّوْتِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: الْمُرَجَّعَةِ وَصْفًا مُخَصِّصًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ الصَّوْتُ الْمُطْرِبُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْمُرَجَّعَةِ وَصْفًا مُؤَكِّدًا. [قَوْلُهُ: أَيْ الْمُطْرِبَةِ] مِنْ أَطْرَبَ [قَوْلُهُ: كَتَرْجِيعِ الْغِنَاءِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: التَّرْجِيعُ التَّرْدِيدُ فِي الصَّوْتِ وَإِعَادَةُ حَرْفٍ وَاحِدٍ تَحْسِينًا لِلصَّوْتِ وَتَتْمِيمًا لِلْغِنَاءِ [قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشَبَّهَةِ] تَفْسِيرٌ لِحَاصِلِ قَوْلِهِ الْمُرَجَّعَةِ. . . إلَخْ. [قَوْلُهُ: بِالْأَلْحَانِ] تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَلْحَانِ وَاللُّحُونِ جَمْعُ لَحْنٍ [قَوْلُهُ: اُنْظُرْ هَلْ هُوَ عَلَى بَابِهِ] أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَمَ بِعَدَمِ الْحِلِّ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ الَّذِي هُوَ الْحُرْمَةُ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْعُ فَيُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ. وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ الْأَوَّلُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي سِلْكِ الْمَكْرُوهَاتِ أَيْ التَّنْزِيهِيَّةِ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْمُوَافَقَةُ، وَلَوْ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ إمَّا بِحَمْلٍ لَا يَحِلُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَتُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا حَرُمَتْ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ بِالْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ، أَوْ يُحْمَلُ الْمُصَنَّفُ عَلَى الْحُرْمَةِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ، وَحُكْمُ الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ كَالْمُخْتَصَرِ.

وَأَمَّا إذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ فَتَحْرُمُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَلْ قَالَ: إنَّهُ سُنَّةٌ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ اسْتَحْسَنَهُ، وَسَمَاعُهُ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقِرَاءَةِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقُلُوبَ خَشْيَةً. [قَوْلُهُ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ] أَيْ حُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، أَوْ أُرِيدَ بِهَا الْمَنْعُ [قَوْلُهُ: فَلْيُجْلِ] أَيْ نَدْبًا أَكِيدًا نَظَرًا لِمَجْمُوعِ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ [قَوْلُهُ: وَيُنَزِّهُ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: أَنْ يُتْلَى] بَدَلٌ مِنْ كِتَابٍ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ، وَهَذَا نَفْيٌ فِي الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ فَلَا يُتْلَى كِتَابُ اللَّهِ مُلْتَبِسًا بِحَالَةٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>