للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِزَارِ وَالثَّوْبِ (إلَى الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ أَنْظَفُ لِثَوْبِهِ) وَإِزَارِهِ (وَأَتْقَى لِرَبِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي الْعُجْبَ وَالْكِبْرَ.

(وَيُنْهَى) بِمَعْنَى وَنُهِيَ (عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ) بِالْمَدِّ نَهْيَ تَحْرِيمٍ (وَهِيَ) أَيْ صِفَةُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ أَنْ تَكُونَ (عَلَى غَيْرِ ثَوْبٍ) أَيْ إزَارٌ (يَرْفَعُ ذَلِكَ) أَيْ طَرَفُ مَا يَشْتَمِلُ بِهِ (مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) وَهِيَ الْيُسْرَى (وَيَسْدُلُ) الْجِهَةَ (الْأُخْرَى) وَهِيَ

ــ

[حاشية العدوي]

عج.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ يَلْبَسْنَ خِفَافًا وَلَا جَوَارِبَ بَلْ النَّعْلَ أَوْ يَمْشِينَ حَافِيَاتٍ. قَالَ: وَيَقْتَصِرْنَ فِي إرْخَاءِ الذَّيْلِ عَلَى السَّتْرِ.

[قَوْلُهُ: فِعْلُ ذَلِكَ] أَيْ الْجَرِّ خُيَلَاءَ [قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِزَارِ] قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اُنْظُرْ كَيْفَ أَتَى فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَذَلِكَ مُبَاحٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَا لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا بَعْدَ الْحَظْرِ وَمَعْنَاهُ الْإِبَاحَةُ كَذَا ذَكَرَهُ عج. ثُمَّ أَقُولُ: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا مُبَاحٌ وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ عَنْ الْكَعْبَيْنِ فِيهِ النَّظَافَةُ وَالتَّقْوَى فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ حَرَامًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَنْظِيفٌ فَلَا يَكُونُ فِيهِ تَقْوًى فَهُوَ مُشْكِلٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اُنْظُرْ كَيْفَ اسْتَعْمَلَ أَفْعَلَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي الْوَصْفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ إذَا جَرَّهُ فَهُوَ ضِدُّ التَّنْظِيفِ، وَإِذَا جَرَّهُ أَيْضًا فَقَدْ عَصَاهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ فَتَأَمَّلْ. وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ لِخَبَرِ: «إزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ بَطَرًا» . اهـ.

وَإِزْرَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِاتِّزَارِ يَعْنِي الْحَالَةَ الْمُرْضِيَةَ، ثُمَّ إنَّ الْحَطَّابَ ذَكَرَ تَفْصِيلًا فَقَالَ مَا نَصُّهُ: الْمُسْتَحَبُّ فِي الثِّيَابِ أَنْ تَكُونَ إلَى نِصْفِ السَّاقِ وَإِلَى طَرَفِ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدَيْنِ، وَالْمُبَاحُ مِنْ نِصْفِ السَّاقِ لِلْكَعْبِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ حَرَامٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِقَصْدِ الْكِبْرِ، وَيَجُوزُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِأَجْلِ السَّتْرِ اهـ.

قَالَ عج: قُلْت وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُخْرِجُ صَاحِبَهَا لِلْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ حَرَامٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُ كَلَامُ الْحَطَّابِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّصُوصَ مُتَعَارِضَةٌ فِيمَا إذَا نَزَلَ عَنْ الْكَعْبَيْنِ بِدُونِ قَصْدِ الْكِبْرِ فَمُفَادُ الْحَطَّابِ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج مُفَادُ الذَّخِيرَةِ الْحُرْمَةُ وَقَدْ تَرْجَمَ لِذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ مُتَعَارِضٌ مَعَ آخِرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ. وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ» أَيْ فَفِي قُرْبِ النَّارِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فَهُوَ أَنْظَفُ] أَيْ لِعَدَمِ وُصُولِهِ لِلْأَرْضِ.

[قَوْلُهُ: وَأَتْقَى لِرَبِّهِ] أَيْ أَبْعَدُ لِمَقْتِ رَبِّهِ لِانْتِفَاءِ مَا يُوجِبُ غَضَبَهُ لِقُرْبِ تِلْكَ الْحَالَةِ مِنْ التَّوَاضُعِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَنْفِي الْعُجْبَ وَالْكِبْرَ] الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ مُلَاحَظَةُ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ بِعَيْنِ الْكَمَالِ مَعَ نِسْيَانِ نِعْمَةِ اللَّهِ، وَأَمَّا الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْكِبْرُ فَهُوَ ذَلِكَ مَعَ احْتِقَارِ غَيْرِهِ كَذَا أَفَادَهُ الْقُرْطُبِيُّ فَإِذًا الْكِبْرُ أَخُصُّ مِنْ الْعُجْبِ وَهُوَ الْفَرْدُ الْأَشَدُّ حُرْمَةً.

[قَوْلُهُ: عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ] حَقِيقَةُ الصَّمَّاءِ الِاشْتِمَالُ أَيْ الِالْتِحَافُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ عَلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ دُونَ الْآخَرِ لَكِنْ بِحَيْثُ يَكُونُ سَاتِرًا لِلْعَوْرَةِ، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ الِاشْتِمَالُ بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيَضَعُهُ عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَشَارِحُنَا فَسَّرَ الْآخَرَ بِالْيُسْرَى وتت فَسَّرَهَا بِالْيُمْنَى، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمَلَةٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَقَدْ فُسِّرَتْ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِجَعْلِ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ فَيَبْدُو أَحَدُ شِقَّيْهِ، وَفَسَّرَهَا اللُّغَوِيُّونَ بِأَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا يَلْتَفُّ فِيهِ وَلَا يَجْعَلَ لِيَدَيْهِ مَخْرَجًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ يَدَيْهِ بَدَتْ عَوْرَتُهُ فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: أَنْ يَرُدَّ الْكِسَاءَ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَرُدَّهُ ثَانِيَةً مِنْ خَلْفِهِ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَعَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ فَيُغَطِّيَهُمَا جَمِيعًا، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ اشْتِمَالٍ هُوَ الصَّمَّاءُ. وَقَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ أَيْ صِفَةُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ أَيْ الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ، أَيْ ذُو أَنْ تَكُونَ أَيْ حَقِيقَةُ ذَاتِ كَوْنٍ. . . إلَخْ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلصَّمَّاءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لَا مُطْلَقًا

[قَوْلُهُ: أَيْ إزَارٍ] لَا خُصُوصِيَّةَ فَالْمُرَادُ مَثَلًا. وَقَوْلُهُ: يَرْفَعُ ذَلِكَ مَعْطُوفٌ عَلَى تَكُونَ بِحَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ، أَيْ ذُو أَنْ تَكُونَ وَذُو رَفْعٍ مِنْك لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَيْ طَرَفَ الْمُشَارُ إلَيْهِ لَمْ يَتَقَدَّمْ صَرِيحًا بَلْ مَعْنًى مِنْ حَيْثُ إنَّ ذُو أَنْ تَكُونَ مَعْنَاهُ حَقِيقَةُ ذَاتٍ. . . إلَخْ وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِشَيْءٍ يَشْتَمِلُ لَهُ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ لَهُ طَرَفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>