للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ عَنْ الْعَرَبِ.

وَقَالَ ك وَغَيْرُهُ: هُوَ مُذَكَّرٌ اتِّفَاقًا (إلَّا بِمِئْزَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْهَمْزِ وَتَرْكُهُ مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ (وَلَا تَدْخُلُهُ الْمَرْأَةُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّهَا سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا: الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلْهَا الرِّجَالُ إلَّا بِإِزَارٍ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» .

(وَلَا يَتَلَاصَقُ رَجُلَانِ وَلَا امْرَأَتَانِ فِي لِحَافٍ) أَوْ ثَوْبٍ (وَاحِدٍ) غَيْرَ مَسْتُورِي الْعَوْرَةِ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَمْ لَا، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِ الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ

ــ

[حاشية العدوي]

إلَّا بِدَلِيلٍ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ مِنْ أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَالصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ يَحْرُمُ كَشْفُ الْفَخِذِ وَلَوْ مَعَ الْخَاصَّةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ. . . إلَخْ] أَيْ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ. . . إلَخْ. قَالَ تت: وَالنَّهْيُ يَشْمَلُ الْوُجُوبَ إنْ لَمْ يَكُنْ خَالِيًا وَالِاسْتِحْبَابَ إنْ كَانَ خَالِيًا انْتَهَى أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْمِئْزَرِ.

[قَوْلُهُ: الْحَمَّامَ] مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَمِيمِ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ.

[قَوْلُهُ: إلَّا بِمِئْزَرٍ] أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَفِيقًا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ لَوْنُ الْعَوْرَةِ كَمَا قَالَهُ عج، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ دُخُولِهِ بِالْمِئْزَرِ وَلَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ، وَجَوَازُ الدُّخُولِ بِالْمِئْزَرِ لَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ تَرْكُ دُخُولِهِ أَحْسَنُ لِاحْتِمَالِ الِانْكِشَافِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَ الْحَمَّامِ إذَا كَانَ خَالِيًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَإِنْ دَخَلَ مَعَ مَنْ يَسْتَتِرُ جَازَ وَتَرْكُهُ حَسَنٌ أَيْ فَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ الِانْكِشَافِ، أَمَّا مَعَ مَنْ لَا يَسْتَتِرُ فَلَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ وَالنَّظَرَ إلَيْهَا حَرَامٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ جُرْحَةً فِيهِ وَالنِّسَاءُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّجَالِ.

[قَوْلُهُ: وَالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ] وَالْهَمْزُ هُوَ الْأَصْلُ فَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا تَدْخُلُهُ الْمَرْأَةُ] أَيْ بِمِئْزَرٍ أَيْ يُكْرَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. [قَوْلُهُ: وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ. . . إلَخْ] ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ الْمُقْتَضِي كَوْنَ دُخُولِهِنَّ حَرَامًا بِمِئْزَرٍ وَغَيْرِهِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اخْتَارَ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّهِنَّ دُونَ التَّحْرِيمِ إذَا كَانَ بِمِئْزَرٍ.

[قَوْلُهُ: إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ] أَيْ فَلَا تَدْخُلُهَا لِحَيْضٍ أَوْ جَنَابَةٍ كَمَا قَالَ عج، أَيْ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبٌ لَهُمَا لِدُخُولِ الْحَمَّامِ فَتَكُونَانِ كَالْمَرِيضَةِ وَالنُّفَسَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ] أَيْ فَحُكْمُ هَذَا التَّلَاصُقِ الْحُرْمَةُ فِيمَا بَيْنَ الْبَالِغِينَ، أَيْ يَحْرُمُ التَّلَاصُقُ غَيْرَ مَسْتُورِي الْعَوْرَةِ أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْتِذَاذٍ، وَكُرِهَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ بِالْعَوْرَةِ مَعَ حَائِلٍ كَثِيفٍ أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ الْتِذَاذٍ فِيهِمَا وَإِلَّا حَرُمَ.

وَأَمَّا تَلَاصُقُ غَيْرِ الْبَالِغِينَ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْعَشْرَ فَلَا حَرَجَ لِأَنَّ طَلَبَ الْوَلِيِّ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْمَضَاجِعِ بَعْدَ بُلُوغِ الْعَشْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَبَعْدَ بُلُوغِهَا كُرِهَ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، وَأَمَّا تَلَاصُقُ بَالِغٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ حَائِلٍ فَحَرَامٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ وَمَكْرُوهٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِوَلِيِّهِ، وَأَمَّا بِحَائِلٍ فَمَكْرُوهٌ فِي حَقِّ الْبَالِغِ إلَّا لِقَصْدِ لَذَّةٍ فَحَرَامٌ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ عج.

قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ: وَعِنْدِي وَقْفَةٌ فِي قَوْلِهِ يُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَلَاصُقُ عَوْرَةِ الصَّبِيِّ ابْنِ عَشْرٍ فَفَوْقُ بِعَوْرَةِ الْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ، بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي حُرْمَةُ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيِّ، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي تَلَاصُقِ الْمَرْأَتَيْنِ.

وَأَمَّا رَجُلٌ وَأُنْثَى فَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ تَلَاصُقِهِمَا تَحْتَ لِحَافٍ وَلَوْ بِغَيْرِ عَوْرَةٍ، وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ حَيْثُ كَانَا بَالِغَيْنِ أَوْ الرَّجُلُ أَوْ الْأُنْثَى مَعَ مُنَاهَزَةِ الذَّكَرِ لِأَنَّ الْمُنَاهِزَ كَكَبِيرٍ هَكَذَا يَظْهَرُ اهـ.

[قَوْلُهُ: لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ. . . إلَخْ] خَبَرٌ مَقْصُودٌ بِهِ نَهْيُ التَّحْرِيمِ، وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَكَذَا عَوْرَةُ الْمَرْأَةِ مَعَ الْمَرْأَةِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُفْضِ. . . إلَخْ] مِنْ أَفْضَى أَيْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ بِأَنْ يَلْتَصِقَا، وَأَرَادَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَبِالنَّهْيِ مَا يَشْمَلُ نَهْيَ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا.

قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ جَوَازُ اضْطِجَاعِ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِي الْكِسَاءِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ وَسَطُ الْكِسَاءِ حَائِلًا بَيْنَهُمَا، وَهَلْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي ثَوْبٍ دُونَ الْآخَرِ يَنْتَفِي التَّلَاصُقُ تَقْرِيرَانِ.

[قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>