(النِّسَاءُ) نَهْيَ تَحْرِيمٍ (عَنْ وَصْلِ الشَّعْرِ وَعَنْ الْوَشْمِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» .
(وَمَنْ لَبِسَ) بِمَعْنَى أَرَادَ أَنْ يَلْبَسَ
ــ
[حاشية العدوي]
يَغْلِبُ مِنْهُنَّ ذَلِكَ عِنْدَ قِصَرِ أَوْ عَدَمِ شُعُورِهِنَّ مَثَلًا.
[قَوْلُهُ: عَنْ وَصْلِ الشَّعْرِ] قَالَ تت: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَصْلِ أَنَّهَا لَوْ جَعَلَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا فِي الْوِقَايَةِ وَلَمْ تَصِلْهُ جَازَ. [قَوْلُهُ: وَعَنْ الْوَشْمِ] أَيْ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ النَّقْشُ بِالْإِبْرَةِ مَثَلًا حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ وَيُخْشَى الْجُرْحُ بِالْكُحْلِ أَوْ الْهِبَابِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ أَسْوَدُ لِيُخَضِّرَ الْمَحَلَّ، وَالنَّهْيُ لِلْحُرْمَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالرَّجُلُ أَشَدُّ وَهُوَ كَبِيرَةٌ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ. نَعَمْ قَدْ وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَيَّنَ بِهِ لِزَوْجِهَا وَقَدْ جَاءَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُعَارَضَةَ لِإِمْكَانِ حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الزِّينَةُ كَالْمُعْتَدَّةِ كَمَا فِي النَّامِصَةِ وَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهُ بِإِزَالَتِهِ وَلَوْ وَقَعَ مُحَرَّمًا، وَمَحَلُّ حُرْمَتِهِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ وَإِلَّا جَازَ. [قَوْلُهُ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ] أَيْ الَّتِي تَصِلُ الشَّعْرَ بِشَعْرٍ آخَرَ لِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا كَانَ الْمَوْصُولُ شَعْرَهَا أَوْ شَعْرَ غَيْرِهَا، بَلْ قَالَ مَالِكٌ وَالطَّبَرِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ: الْوَصْلُ مَمْنُوعٌ بِكُلِّ شَيْءٍ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خِرَقٍ أَوْ غَيْرِهَا.
وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّهْيُ مُخْتَصٌّ بِالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ وَلَا بَأْسَ بِوَصْلِهِ بِصُوفٍ أَوْ خِرَقٍ أَوْ غَيْرِهَا. الْقَاضِي: فَأَمَّا الرَّبْطُ بِالْخُيُوطِ الْحَرِيرِ الْمُلَوَّنَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُشْبِهُ الشَّعْرَ فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْلٍ وَلَا هُوَ فِي مَعْنًى مَقْصُودٍ لِلْوَصْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِينِ انْتَهَى. أَيْ الَّتِي تَطْلُبُ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ وَيُفْعَلَ بِهَا، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ. [قَوْلُهُ: وَالْوَاشِمَةَ] أَيْ الَّتِي تَغْرِزُ الْإِبْرَةَ فِي الْجَسَدِ ثُمَّ يُذَرُّ عَلَيْهِ كُحْلٌ أَوْ نَحْوُهُ فَيَخْضَرُّ. وَقَوْلُهُ: وَالْمُسْتَوْشِمَة أَيْ الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَهُ وَيُفْعَلُ بِهَا.
[قَوْلُهُ: وَالْمُتَنَمِّصَاتِ] بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالنُّونِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَكْسُورَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ بَعْدَ الْأَلِفِ فَوْقِيَّةً جَمْعُ مُتَنَمِّصَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَنْتِفُ شَعْرَ الْحَاجِبِ حَتَّى يَصِيرَ دَقِيقًا حَسَنًا، وَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَنْهِيَّةِ عَنْ اسْتِعْمَالِ مَا هُوَ زِينَةٌ لَهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمَفْقُودِ زَوْجُهَا فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ جَوَازِ إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْحَاجِبِ وَالْوَجْهِ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ فَالنَّامِصَةُ هِيَ الَّتِي تَنْتِفُ الْحَاجِبَ حَتَّى تُرِقَّهُ كَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد، وَالْمُتَنَمِّصَةُ هِيَ الْمَعْمُولُ لَهَا ذَلِكَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ النَّامِصَةِ عَنْ أَبِي دَاوُد وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُصَنِّفِ: وَفَسَّرَهَا عِيَاضٌ وَمَنْ وَافَقَهُ بِأَنَّهَا الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي جَوَازَ نَتْفِ شَعْرِ مَا عَدَا الْحَاجِبَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ، وَتَفْسِيرُ عِيَاضٍ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ
[قَوْلُهُ: وَالْمُتَفَلِّجَات] . . . إلَخْ جَمْعُ مُتَفَلِّجَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَبْرُدُ أَسْنَانَهَا لِيَتَبَاعَدَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ أَوْ يَكُونُ فِي أَسْنَانِهَا طُولٌ فَتُزِيلُهُ بِالْمِبْرَدِ.
تَنْبِيهٌ:
التَّعْبِيرُ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِالْإِفْرَادِ وَالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ لَهَا دُونَ الْأَخِيرَيْنِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْجَمْعِ فِيهِمَا الْقَاصِرَيْنِ عَلَى الْفَاعِلَةِ عَلَى مَا فَسَّرْنَا تَبَعًا لِشَارِحِهِ تَفَنُّنٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[قَوْلُهُ: لِلْحُسْنِ] اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ. وَتَنَازَعَ فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ وَالْأَظْهَرُ تَعْلِيقُهُ بِالْأَخِيرَةِ: قَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ: مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَفْعُولَ لِطَلَبِ الْحُسْنِ هُوَ الْحَرَامُ فَلَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِعِلَاجٍ أَوْ عَيْبٍ فِي السِّنِّ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ اهـ.
[قَوْلُهُ: الْمُغَيِّرَاتِ] بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِمَنْ فَعَلَ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ وَهُوَ كَالتَّعْلِيلِ لِوُجُوبِ اللَّعْنِ الْمُسْتَدَلِّ بِهِ عَلَى الْحُرْمَةِ، إلَّا أَنَّ الشِّهَابَ الْقَرَافِيُّ قَالَ: لَمْ أَرَ لِلْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ تَدْلِيسٌ عَلَى الزَّوْجِ لِتَكْثِيرِ الصَّدَاقِ، وَيُشْكِلُ ذَلِكَ إذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ وَبِالْوَشْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَدْلِيسٌ، وَمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ لِلْجَمَالِ غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الظُّفُرِ وَالشَّعْرِ وَصَبْغِ الْحِنَّاءِ وَصَبْغِ الشَّعْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَرَادَ. . . إلَخْ] أَيْ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ اللُّبْسِ بِالْفِعْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: