للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا (أَوْ الثُّومَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُقَالُ بِالْفَاءِ عِوَضًا عَنْهَا (أَوْ الْبَصَلَ) بِفَتْحِ الصَّادِ (نِيئًا) بِكَسْرِ النُّونِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزِ وَيُرْوَى بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ غَيْرَ مَطْبُوخٍ (أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ) الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ يَعْنِي كُلَّ مَسْجِدٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَلَى مَا قَالَ ج: أَنَّ دُخُولَهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(وَ) مِنْ الْآدَابِ أَنَّهُ (يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا) لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «لَا آكُلُ مُتَّكِئًا» وَصِفَةُ الْإِتْكَاءِ أَنْ يَمِيلَ عَلَى مِرْفَقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَاءَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَضَعُ إحْدَى فَخِذَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَإِحْدَى سَاقَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ وَيَأْكُلُ وَيَقُولُ: أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» .

(وَ) مِنْ الْآدَابِ أَنَّهُ (يُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (الْأَكْلُ مِنْ رَأْسِ الثَّرِيدِ) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُتِيَ بِقَصْعَةٍ مِنْ ثَرِيدٍ فَقَالَ: كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَشْيِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ الثُّومَ أَوْ الْبَصَلَ] وَأُلْحِقَ بِهِمَا الْفُجْلُ وَمَنْ بِفَمِهِ بَخَرٌ أَوْ بِجَسَدِهِ جُرْحٌ مُنْتِنٌ. [قَوْلُهُ: نِيئًا] وَأَمَّا مَنْ أَكَلَ الْمَطْبُوخَ بِالْخَلِّ وَالْمُخَلَّلَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ حُضُورِ الْمَسَاجِدِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا. [قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ] وَحَكَى قُطْرُبٌ تَخْفِيفَهَا. [قَوْلُهُ: يَعْنِي كُلَّ مَسْجِدٍ] أَيْ فَأَلْ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ فَلَا يُنَافِي التَّعْبِيرَ بِكُلٍّ الَّتِي هِيَ صِيغَةُ الِاسْتِغْرَاقِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدَ خُطْبَةٍ أَمْ لَا، وَكَذَا مُصَلَّى عِيدٍ وَجَنَائِزَ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ أَنَّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا حَلَقُ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ وَالْوَلَائِمِ وَنَحْوِهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ] أَيْ لِقَوْلِهِ وَلَا يَنْبَغِي. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ مِنْ مَالِكٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ارْتِضَاؤُهُ إلَّا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ رَجَّحَ الْحُرْمَةَ، وَحَمَلَ ابْنُ عُمَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِتَجَوُّزٍ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ» . وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ السُّوقِ وَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ نَقْصُ مُرُوءَةٍ.

[قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا] أَيْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَهِيَ مَتَى أُطْلِقَتْ إنَّمَا تَنْصَرِفُ لِلتَّنْزِيهِ. [قَوْلُهُ: لَا آكُلُ] إمَّا إخْبَارٌ بِعَدَمِ الْأَكْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ الْمُرَادُ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ آكُلَ مُتَّكِئًا. [قَوْلُهُ: أَنْ يَمِيلَ عَلَى مَرْفِقِهِ الْأَيْسَرِ] أَيْ بِأَنْ يَبْسُطَ الْفَخِذَ الْيُسْرَى وَيَرْكَنَ فِيهَا الْمَرْفِقَ الْيُسْرَى، وَيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا، وَالْفَخِذُ الْيُمْنَى قَائِمَةٌ وَفِي الِاتِّكَاءِ قَوْلَانِ آخَرَانِ، أَحَدُهُمَا: التَّرَبُّعُ وَهُوَ لِلْخَطَّابِيِّ، ثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ لِشِقٍّ، وَالِاتِّكَاءُ بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا يُنْهَى عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ كَابًّا رَأْسَهُ عَلَى الطَّعَامِ. [قَوْلُهُ: وَجَاءَ أَنَّهُ عَلَيْهِ. . . إلَخْ] أَيْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَفْعَلَ كَفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ جُلُوسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ كَجُلُوسِ الْمُسْتَوْفِزِ.

وَقَالَ: «إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ» وَرُوِيَ أَنَّهُ «أُهْدِيَ لَهُ شَاةٌ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُلُ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقَعُ مِنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا. وَلِبَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ مَا نَصُّهُ: أَحْسَنُ الْجِلْسَاتِ لِلْأَكْلِ الْإِقْعَاءُ عَلَى الْوَرِكَيْنِ وَنَصْبُ الرُّكْبَتَيْنِ يَعْنِي الَّذِي هُوَ الْمُسْتَوْفِزُ، ثُمَّ الْجُثِيُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورُ الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ نَصْبُ رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَالْقُعُودُ عَلَى الْيُسْرَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

وَلِصَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَالْجُلُوسُ عَلَى الطَّعَامِ عَلَى ثَلَاثِ هَيْئَاتٍ. الْأُولَى: أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى وَيَضَعَ الْيُسْرَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يُقِيمَهُمَا مَعًا. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَجْلِسَ كَجُلُوسِهِ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الثَّالِثَةُ فِي كَلَامِهِ وَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ كَلَامِ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ وَقَوْلِ شَارِحِ خَلِيلٍ فِي صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ كُلًّا حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ الْآخَرُ.

[قَوْلُهُ: كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ لَيْسَتْ كَالْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ] أَيْ لِأَنَّ صِفَةَ الْعَبْدِ الرِّقُّ وَالْخُضُوعُ وَالِانْكِسَارُ لِرُؤْيَتِهِ أَنَّ السِّيَادَةَ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ.

[قَوْلُهُ: وَآكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ] أَيْ مِنْ الْأَكْلِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ لَا بِأُصْبُعَيْنِ الَّذِي هُوَ أَكْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ، فَفِي الْإِحْيَاءِ الْأَكْلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ الْأَكْلُ بِأُصْبُعٍ مِنْ الْمَقْتِ وَبِأُصْبُعَيْنِ مِنْ الْكِبْرِ وَبِثَلَاثٍ مِنْ السُّنَّةِ وَبِأَرْبَعٍ وَخَمْسٍ مِنْ الشَّرَهِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «الْأَكْلُ بِأُصْبُعٍ أَكْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>