للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ (وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) أَيْ بِقِرَانِ التَّمْرِ وَنَحْوِهِ إذَا أَكَلْته (مَعَ أَهْلِك) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَسْتَبِدَّ بِشَيْءٍ دُونَهُمْ (أَوْ) أَكَلْته (مَعَ قَوْمٍ تَكُونُ أَنْتَ أَطْعَمْتهمْ) وَهَذَا عَلَى التَّعْلِيلِ بِالِاسْتِبْدَادِ، وَأَمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ بِسُوءِ الْأَدَبِ فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ هُنَا، وَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ أَكَلُوهُ وَإِنَّمَا مَلَكُوا مِنْهُ مَا أَكَلُوا خَاصَّةً (وَلَا بَأْسَ فِي التَّمْرِ وَشِبْهِهِ) كَالزَّبِيبِ (أَنْ تَجُولَ) أَيْ تُرْسِلَ (بِيَدِك فِي الْإِنَاءِ) الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْكُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا (لِتَأْكُلَ مَا) أَيْ الَّذِي (تُرِيدُ مِنْهُ) وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ.

(وَلَيْسَ غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَ) أَكْلِ (الطَّعَامِ مِنْ السُّنَّةِ) بَلْ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مَالِكٌ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْغَسْلُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ وَبَعْدَهُ. يَنْفِي اللَّمَمَ» (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا) أَيْ الْيَدِ (أَذًى) أَيْ نَجَسٌ فَيَجِبُ غَسْلُهَا إكْرَامًا لِلطَّعَامِ. وَفِي قَوْلِهِ: (وَلْيَغْسِلْ يَدَهُ وَفَاهُ بَعْدَ الطَّعَامِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى قَوْلِهِ بِشِرَاءٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَكَانَ الْقَوْمُ شُرَكَاءَ إمَّا بِالشِّرَاءِ أَيْ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ أَوْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْغَيْرِ أَطْعَمَهُمْ، وَهَذَا إذَا اسْتَوَوْا فِي الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْ صَاحِبِ الزَّائِدِ إرَادَةُ الْمُسَاوَاةِ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا.

وَقَوْلُنَا: أَوْ بِسَبَبٍ. . . إلَخْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ الْمُقَدَّمَ لِلضُّيُوفِ يَمْلِكُونَهُ بِمُجَرَّدِ التَّقْدِيمِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ وَمُقَابِلُهُمَا لَا يَمْلِكُونَهُ إلَّا بِالْأَكْلِ، وَعَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْ الضُّيُوفِ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْأَكْلِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ بِنَاءً عَلَى مِلْكِهِ بِالدُّخُولِ أَوْ التَّقْدِيمِ.

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ سَائِرٌ. . . إلَخْ] أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِلتَّمْرِ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الْحَدِيثَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ التَّمْرَ لِأَنَّهُ غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِمْ.

[قَوْلُهُ: مَعَ أَهْلِك] أَيْ زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِك اللَّازِمِ لَك نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَك وَلَا يَلْزَمُك التَّأَدُّبُ مَعَهُمْ وَإِنْ لَزِمَهُمْ لَك.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْضًا. . . إلَخْ] وَأَمَّا عَلَى تَمَلُّكِهِمْ بِالتَّقْدِيمِ أَوْ بِالدُّخُولِ فَمَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُمْ.

[قَوْلُهُ: الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَأْكُولُ] أَيْ بَيْنَك وَبَيْنَ غَيْرِك لِتَأْكُلَ مِنْهُ مَا الَّذِي تُرِيدُ.

قَالَ تت: لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ الْوَاحِدِ بِالِانْتِهَاءِ وَغَيْرِهِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْأَطْعِمَةُ الْمُخْتَلِفَةُ كَعَدْسٍ وَلَحْمٍ وَأُرْزٍ فَتَأْكُلُ مِمَّا تُرِيدُهُ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَإِذَا أَكَلْت مَعَ غَيْرِك أَكَلْت مِمَّا يَلِيك. [قَوْلُهُ: وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ] بَيَّنَهُ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ «عِكْرَاشًا أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ أَكْلٍ. . . إلَخْ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْقَبْلِيَّةَ لَيْسَتْ مُضَافَةً لِلطَّعَامِ لِوُجُودِ الطَّعَامِ بَلْ لِأَكْلِهِ.

[قَوْلُهُ: بَلْ مَكْرُوهٌ] أَيْ إذَا كَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ] أَيْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ الْمُصْطَفَى الصَّحِيحِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُوجِبٍ، وَذَلِكَ لِكَوْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ خِلَافَ مُقْتَضَاهُ الدَّالِ عَلَى نَسْخِهِ [قَوْلُهُ: قَبْلَ الطَّعَامِ] بِفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ لُغَةً كَالْمَطْعَمِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُسَاغُ، وَعُرْفًا اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُؤْكَلُ كَالشَّرَابِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُشْرَبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَعِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الطَّعَامُ الْبُرُّ خَاصَّةً، وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَا قُصِدَ لِلطُّعْمِ اقْتِيَاتًا أَوْ تَأَدُّمًا أَوْ تَفَكُّهًا، وَأَمَّا مَا قُصِدَ لِتَدَاوٍ فَسَمَّوْهُ تَارَةً طَعَامًا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُطْعَمُ أَيْ يُؤْكَلُ، وَتَارَةً غَيْرَ طَعَامٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ.

قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ: وَأَرَادَ بِالْقَبْلِيَّةِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِحَيْثُ يُنْسَبُ لَهُ عُرْفًا [قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ] أَيْ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَكْلِ.

[قَوْلُهُ: يَنْفِي اللَّمَمَ] طَرَفٌ مِنْ جُنُونٍ يَلُمُّ الْإِنْسَانَ مِنْ بَابِ تَعِبَ.

[قَوْلُهُ: أَيْ نَجِسٌ. . . إلَخْ] الْأَوْلَى قَذِرٌ وَلَوْ طَاهِرًا فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَسْلُهُ وُجُوبًا إنْ كَانَ نَجِسًا وَنَدْبًا إنْ كَانَ طَاهِرًا، وَقَدْ يَجِبُ إذَا كَانَ عَدَمُ الْغَسْلِ يُؤْذِي غَيْرَهُ كَمَنْ يَمْتَخِطُ بِيَمِينِهِ، وَأَرَادَ الْأَكْلَ بِهَا رُطَبًا أَوْ يَابِسًا حَارًّا أَوْ بَارِدًا لِامْتِهَانِ الطَّعَامِ عِنْدَ تَنَاوُلِهِ بِالْيَدِ الْقَذِرَةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>