الْغَمَرِ) تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَدِ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنْ غَسَلْت يَدَك مِنْ الْغَمَرِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ فَحَسَنٌ وَقَوْلِهِ وَلْيَغْسِلْ فَإِنَّ الْأَمْرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (وَلْيُمَضْمِضْ فَاهُ مِنْ اللَّبَنِ) عِيَاضٌ: هُوَ سُنَّةٌ لِلْقَائِمِ لِلصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ لِغَيْرِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - شَرِبَ لَبَنًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ فَاهُ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ لَهُ دَسَمًا» . (وَكُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ) كَدَقِيقِ الْحِنْطَةِ (أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ) دَقِيقِ (الْقَطَانِيِّ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَقِيلَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ (وَكَذَلِكَ) كُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ (بِالنُّخَالَةِ) وَهِيَ مَا يُتَخَلَّصُ بِالْغِرْبَالِ مِنْ قُشُورِ الْحِنْطَةِ (وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي غَسْلِ الْيَدِ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَرْجَمَ لَهُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّم عَلَى مَسَائِل تَبَرُّع بِهَا فَقَالَ: (وَلْتَجِبْ) قِيلَ وُجُوبًا وَقِيلَ اسْتِحْبَابًا (إذَا دُعِيت إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ) أَيْ النِّكَاحِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَهْوٌ مَشْهُورٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ مِثْلُ آلَاتِ الطَّرَبِ الْمَمْنُوعَةِ (وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ مِثْلُ اجْتِمَاعِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَفَرْشِ
ــ
[حاشية العدوي]
بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ مِنْ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ وَاجِبًا.
[قَوْلُهُ: وَلْيُمَضْمِضْ فَاهُ] ظَاهِرُهُ مُطْلَقُ اللَّبَنِ.
وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: الْحَلِيبُ لِأَنَّ لَهُ دَسَمًا وَيُقَوِّيهِ الْحَدِيثُ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ.
[قَوْلُهُ: عِيَاضٌ هُوَ سُنَّةٌ لِلْقَائِمِ لِلصَّلَاةِ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا أَرَادَ الصَّلَاةَ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ النَّدْبُ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ.
[قَوْلُهُ: دَسَمًا] الدَّسَمُ الْوَدَكُ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْوَدَكِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: وَتُنَظِّفُ فَاك بَعْدَ طَعَامِك فَإِنَّ الطَّعَامَ يَشْمَلُ اللَّبَنَ وَغَيْرَهُ، وَقَدْ فَسَّرَ تَنْظِيفَهُ فِيمَا مَرَّ بِالْمَضْمَضَةِ وَالسِّوَاكِ.
[قَوْلُهُ: وَكُرِهَ غَسْلُ الْيَدِ. . . إلَخْ] غَسْلُ الْيَدِ بِالطَّعَامِ أَنْ يُجَفِّفَ يَدَهُ بِالطَّعَامِ أَوْ يَجْعَلَ الطَّعَامَ فِي الْمَاءِ وَيُدَلِّكَ يَدَهُ بِذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ دَقِيقِ الْقَطَانِيِّ] مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّهُ مِنْهُ، وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ دَقِيقَهَا لَا يُؤْكَلُ إلَّا فِي الْمَسْغَبَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ خِفَّتُهَا.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا يُتَخَلَّصُ] أَيْ وَأَرَادَ نُخَالَةَ الْقَمْحِ لِأَنَّ فِيهَا شَبَهًا مِنْ الطَّعَامِ، وَقَدْ تُؤْكَلُ فِي سَنِيِّ الْمَجَاعَةِ، وَأَمَّا نُخَالَةُ الشَّعِيرِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْغَسْلِ بِهَا.
[قَوْلُهُ: بِالْجَوَازِ] وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْجُلْبَانِ وَالْفُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ وَيَتَدَلَّكَ بِهِ فِي الْحَمَّامِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَثِيرًا مَا كَانُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ بِأَقْدَامِهِمْ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْأَقْذَارِ وَالْأَوْسَاخِ.
وَقَوْلُهُ: وَالْكَرَاهَةُ أَيْ لِإِهَانَةِ الطَّعَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الرَّخَاءِ وَزَمَنِ الْغَلَاءِ.
[قَوْلُهُ: وَلْتُجِبْ] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ.
[قَوْلُهُ: قِيلَ وُجُوبًا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: إذَا دُعِيتَ] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ مَشْرُوطٌ بِالدَّعْوَةِ وَبِتَعَيُّنِ الْمَدْعُوِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَعَيُّنُهُ يَحْصُلُ بِقَوْلِ صَاحِبِ الْعُرْسِ تَحْضُرُ عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا، وَبِقَوْلِهِ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي فُلَانًا بِعَيْنِهِ أَوْ أَرْسِلْ لَهُ وَرَقَةً فِيهَا اسْمُهُ، أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي أَهْلَ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَهُمْ مَحْصُورُونَ لَا إنْ قَالَ: اُدْعُ لِي مَنْ لَقِيت.
وَحُكْمُ الْوَلِيمَةِ النَّدْبُ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَبْحٌ وَنُدِبَ كَوْنُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ النِّكَاحُ] تَفْسِيرٌ لِلْعُرْسِ.
قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ: وَلِيمَةُ الْعُرْسِ شَرْطٌ فَلَا يَتَأَكَّدُ الْأَمْرُ فِي غَيْرِهَا بَلْ يُكْرَهُ إجَابَةُ وَلِيمَةِ غَيْرِ الْعُرْسِ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ إتْيَانَ طَعَامِ غَيْرِ الْعُرْسِ، وَأَرَى إنْ كَانَ الدَّاعِي صَدِيقًا أَوْ جَارًا أَوْ قَرِيبًا كَانَ طَعَامُهُ كَالْعُرْسِ وَبَحَثَ عج بِأَنْ يَقْتَضِيَ الْوُجُوبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَفْيُ كَرَاهَةِ الْحُضُورِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى عَدَمِ إجَابَةِ نَحْوِ الْقَرِيبِ عَدَاوَةٌ وَمُقَاطَعَةٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ.
وَقَالَ ق: لَا يُقَالُ لِغَيْرِ الْعُرْسِ وَلِيمَةٌ.
[قَوْلُهُ: لِمَا فِي. . . إلَخْ] أَيْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ فَلْيَأْتِهَا» . وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَقَدْ وَرَدَ: «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ»
[قَوْلُهُ: أَيْ مَمْنُوعٌ] تَفْسِيرٌ لِلَّهْوِ الْمَشْهُورِ لَا أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَشْهُورٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ مَشْهُورٌ بِظَاهِرٍ بِحَيْثُ يُخَالِطُهُ الْمَدْعُوُّ وَهُوَ مِمَّا يَحْرُمُ حُضُورُهُ.
[قَوْلُهُ: أَيْ مَمْنُوعٌ]