للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْك) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِهِ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ

(وَإِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ) عَلَى وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ (أَجْزَأَ عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الْكِفَايَةِ (وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ أَجْزَأَ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ (وَلْيُسَلِّمْ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْجَالِسِ) لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ (وَالْمُصَافَحَةُ حَسَنَةٌ) أَيْ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:: «تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الْغِلُّ عَنْكُمْ وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبُ الشَّحْنَاءُ» وَهِيَ وَضْعُ أَحَدِ الْمُتَلَاقِيَيْنِ بَطْنَ كَفِّهِ عَلَى بَطْنِ كَفِّ الْآخَرِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ السَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ، وَفِي شَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَهُ عَلَى يَدِ الْآخَرِ قَوْلَانِ وَلَا يُقَبِّلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَ نَفْسِهِ وَلَا يَدَ صَاحِبِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَلَا يُصَافِحُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْمُبْتَدِعَ

(وَكَرِهَ) إمَامُنَا (مَالِكٌ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (الْمُعَانَقَةَ) وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ عُنُقَهُ عَلَى عُنُقِ

ــ

[حاشية العدوي]

الرَّدِّ، وَأَمَّا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْك فَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ تت أَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَدَمِ إجْزَائِهِ أَفَادَهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ] أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ صَبِيًّا وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ كَالْكَبِيرِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الْجَمَاعَةِ] وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ مِنْ غَيْرِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يُجْزِئُ [قَوْلُهُ: أَجْزَأَ] يُفِيدُ أَنَّ الْكَمَالَ أَنْ يَبْدَءُوا كُلُّهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَلَا سِيَّمَا الْجَاهِلُ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ مَنْ بَقِيَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الرَّدِّ أَفَادَ ذَلِكَ الشَّارِحُ [قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّ وَاحِدٌ] قَالَ عج: وَيَكْفِي رَدُّ الصَّبِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ بَالِغِينَ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ وَاسْتَظْهَرَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِرَدٍّ عَنْ الْبَالِغِينَ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ عَلَى الْبَالِغِ لِأَنَّ الرَّدَّ فَرْضٌ عَلَى الْبَالِغِينَ وَغَيْرُ فَرْضٍ عَلَى الصَّبِيِّ، تَنْبِيهٌ: اُخْتُلِفَ هَلْ يُؤْجَرُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ لَمْ يَرُدَّ فَقِيلَ: لَا يُؤْجَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] وَقِيلَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الْأَجْرِ دُونَ أَجْرِ مَنْ ابْتَدَأَ أَوْ رَدَّ.

[قَوْلُهُ: وَلْيُسَلِّمْ الرَّاكِبُ. . . إلَخْ] لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ السَّلَامِ الْأَمَانَ وَالشَّأْنُ حُصُولُ خَوْفِ الْمَاشِي مِنْ الرَّاكِبِ طُلِبَ مِنْ الرَّاكِبِ السَّلَامُ، وَكَذَا يُسَلِّمُ رَاكِبُ الْفَرَسِ عَلَى رَاكِبِ الْبَغْلِ أَوْ الْحِمَارِ وَرَاكِبُ الْبَغْلِ عَلَى رَاكِبِ الْحِمَارِ، وَأَمَّا رَاكِبُ الْجَمَلِ وَالْفَرَسِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الَّذِي يُؤْمَرُ رَاكِبُ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى الْبَطْشِ مِنْ رَاكِبِ الْجَمَلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الشَّيْخِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا لَمَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ مِنْ كَرَاهَتِهَا.

[قَوْلُهُ: تَصَافَحُوا] مُفَاعَلَةٌ مِنْ الصَّفْحِ [قَوْلُهُ: يَذْهَبْ] بِكَسْرِ الْبَاءِ مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ حُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَبِالرَّفْعِ أَيْ فَبِهِ يَذْهَبُ [قَوْلُهُ: الْغِلُّ] بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحِقْدُ وَالضَّغَانَةُ.

[قَوْلُهُ: وَتَهَادَوْا] بِفَتْحِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، وَقَوْلُهُ: تَحَابُّوا قَالَ الْحَافِظُ تَبَعًا لِلْحَاكِمِ: إنْ كَانَ بِالتَّشْدِيدِ فَمِنْ الْمَحَبَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِالتَّخْفِيفِ فَمِنْ الْمُحَابَاةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ خُلُقٌ مِنْ أَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ دَلَّتْ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَحَثَّ عَلَيْهَا خُلَفَاؤُهُمْ الْأَوْلِيَاءُ تُؤَلِّفُ الْقُلُوبَ وَتُنَقِّي سَوَادَ الصُّدُورِ، وَوَرَدَ قَبُولُ الْهِبَةِ سُنَّةٌ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ مَا فِيهِ مِنْهُ [قَوْلُهُ: وَتُذْهِبُ الشَّحْنَاءَ] بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ وَنُونٍ وَالْمَدِّ الْعَدَاوَةُ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ جَالِبَةٌ لِلرِّضَا وَالْمَوَدَّةِ فَتُذْهِبُ الْعَدَاوَةَ.

[قَوْلُهُ: إلَى الْفَرَاغِ] وَيُكْرَهُ اخْتِطَافُ الْيَدِ بِأَثَرِ التَّلَاقِي قَبْلَ فَرَاغِ السَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ.

[قَوْلُهُ: وَفِي شَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَهُ عَلَى يَدِ الْآخَرِ قَوْلَانِ] أَيْ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَدُّدِ وَالتَّرْكِ كَمَا يُفِيدُهُ تت

[قَوْلُهُ: وَلَا يُقَبِّلُ] أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ أَيْ لِمَا يَأْتِي عَنْ مَالِكٍ مِنْ كَرَاهَةِ تَقْبِيلِ الْيَدِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُصَافِحُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ] أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَافِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً أَيْ لِأَنَّ الْمُبَاحَ إنَّمَا هُوَ رُؤْيَةُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا.

[قَوْلُهُ: وَلَا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ] أَيْ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ هَجْرَهُمَا وَمُجَانَبَتَهُمَا، وَفِي الْمُصَافَحَةِ وَصْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>