للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّامُّ عَلَيْك وَهُوَ الْمَوْتُ أَوْ السِّلَامُ بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ فَإِنْ شِئْت قُلْت: وَعَلَيْك بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ يُسْتَجَابُ لَنَا فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثٍ فِي مُسْلِمٍ ثُمَّ قَالَ: «وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ ذَلِكَ قُلْت: وَعَلَيْك بِالْوَاوِ لِأَنَّك إنْ قُلْت بِغَيْرِ الْوَاوِ وَكَانَ هُوَ قَدْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك كُنْت نَفَيْت السَّلَامَ عَنْ نَفْسِك وَرَدَدْته عَلَيْهِ» اهـ.

وَهُنَا انْتَهَى الْكَلَامُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ السَّلَامِ

(وَ) أَمَّا (الِاسْتِئْذَانُ) وَهُوَ طَلَبُ الْإِذْنِ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ فَ (وَاجِبٌ) وُجُوبَ الْفَرَائِضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: ٥٩] وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وُجُوبُهُ فَمَنْ تَرَكَهُ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَلَا تَدْخُلْ بَيْتًا) غَيْرَ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ مُغْلَقًا كَانَ أَوْ مَفْتُوحًا. (فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى تَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ مَحْرَمًا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَاوٍ، وَلِذَا قَالَ تت بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ فَلْيَقُلْ عَلَيْك مَا نَصُّهُ لِخَبَرِ الْمُوَطَّأِ «فَقُلْ عَلَيْك بِغَيْرِ وَاوٍ» .

[قَوْلُهُ: فَإِنْ تَحَقَّقَتْ إلَخْ] حَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ عِنْدَ تَحَقُّقِ قَوْلِهِمْ السَّامُ عَلَيْك يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِالْوَاوِ وَتَرْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ يَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ تَرْكُ الْوَاوِ، وَتَحَقَّقَ قَوْلُهُ السَّامُّ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ الْإِتْيَانُ بِالسَّامِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ هُنَا فَإِنْ شِئْت بِمُعَيَّنٍ لَا يَجِبُ تَرْكُ الْوَاوِ فَلَا يُنَافِي نَدْبَ التَّرْكِ أَيْ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّكِّ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ، وَأَوْلَى عِنْدَ تَحَقُّقِ السَّلَامِ بِفَتْحِ السِّينِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُسْتَجَابُ] جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ عَلَى عَلَيْكُمْ فِي كَلَامِهِمْ فَيَقْتَضِي إثْبَاتَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَصِحَّ الْعَطْفُ فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيمَا دَعَوْا بِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ كَمَا تَقَرَّرَ إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ فَلَا يَتِمُّ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَكُونُ حِينَئِذٍ دَاعِيًا عَلَى نَفْسِهِ.

[قَوْلُهُ: وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ] فَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّ الْيَهُودَ دَخَلُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: السَّامُّ عَلَيْكُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَعَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: السَّامُّ عَلَيْكُمْ وَلَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ: عَلَيْكِ بِالْحِلْمِ وَإِيَّاكِ وَالْجَهْلَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا سَمِعْت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْت مَا رَدَدْت عَلَيْهِمْ فَاسْتُجِيبَ لَنَا فِيهِمْ وَلَمْ يُسْتَجَبْ لَهُمْ فِينَا» [قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ إلَخْ] الْحَاصِلُ أَنَّ جَمِيعَ رِوَايَاتِ الْمُوَطَّأِ بِغَيْرِ وَاوٍ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ التِّنِّيسِيِّ بِالْوَاوِ وَجَاءَتْ الْأَحَادِيثُ فِي مُسْلِمٍ بِحَذْفِهَا وَإِثْبَاتِهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَهِيَ لِلْعَطْفِ غَيْرَ أَنَّا نُجَابُ فِيهِمْ وَلَا يُجَابُونَ فِينَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَرِوَايَةُ الْحَذْفِ أَحْسَنُ مَعْنًى وَالْإِثْبَاتُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ يَعْنِي فِي مُسْلِمٍ.

[قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى] وَالسُّنَّةُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: إنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ قَالَ: اسْتَأْذِنْهَا قَالَ: إنِّي خَادِمُهَا قَالَ: اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً» .

[قَوْلُهُ: فَمَنْ تَرَكَهُ. . . إلَخْ] وَمَنْ جَحَدَهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ [قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ] أَيْ كَالْحَمَّامِ وَالْفُنْدُقِ وَبَيْتِ الْعَالِمِ وَالْقَاضِي وَالطَّبِيبِ، أَيْ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ وَالْحَمَّامُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَحَلٍّ مَطْرُوقٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْإِذْنِ حَيْثُ أَتَى فِي وَقْتِ الدُّخُولِ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى تَسْتَأْذِنَ] أَيْ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْعَبِيدُ عَلَى السَّادَاتِ وَالصِّبْيَانُ عَلَى الْآبَاءِ، وَإِنَّمَا يَسْتَأْذِنُونَ أَيْ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ " مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَظِنَّةُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَمَا عَدَاهَا لَا حَرَجَ فِي الدُّخُولِ بِلَا إذْنٍ.

[قَوْلُهُ: ثَلَاثًا إلَخْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ السَّمَاعِ ثُمَّ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّمَاعُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ وَيَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِئْذَانِ نَقْرُ الْبَابِ ثَلَاثًا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ مَغْلُوقًا وَكَذَا التَّنَحْنُحُ وَالِاسْتِئْذَانُ بِنَحْوِ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ فِي اسْتِعْمَالِ اسْمِهِ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَإِذَا اسْتَأْذَنَ فَقِيلَ لَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>