للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَوْرَتِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، وَصِفَةُ الِاسْتِئْذَانِ أَنْ تَقُول: أَأَدْخُلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تُسَلِّمُ (فَإِنْ أُذِنَ لَك) فَأَدْخُلْ (وَإِلَّا رَجَعْت) وَقَوْلُهُ: (وَيُرَغَّبُ فِي عِيَادَةِ الْمَرْضَى) تَقَدَّمَ فِي بَابٍ مُجْمَلٍ وَلَيْسَ لِذِكْرِهِ هُنَا مُنَاسَبَةٌ لَا بِمَا قَبْلَهُ وَلَا بِمَا بَعْدَهُ

(وَلَا يَتَنَاجَى) أَيْ يَتَسَارَّ (اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ) فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ (وَكَذَلِكَ جَمَاعَةٌ) ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقُ (إذَا أَبْقَوْا وَاحِدًا مِنْهُمْ) لَا يَتَنَاجَوْنَ دُونَهُ مَفْهُومُهُ لَوْ أَبْقَوْا اثْنَيْنِ مَثَلًا لَجَازَ. ع: وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَقَدْ قِيلَ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ) أَيْ تَنَاجِي اثْنَيْنِ مَثَلًا دُونَ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ دُونَهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ فَإِذَا أَسْقَطَهُ سَقَطَ. ع: هُوَ الْمَشْهُورُ (وَذِكْرُ الْهِجْرَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابٍ قَبْلَ هَذَا) وَهُوَ بَابٌ جَامِعٌ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا عَكَسَ فِي التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: (قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ) الْجَلِيلُ الْقَدْرُ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ الْخَلْقِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -» . (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ) يَعْنِي إذَا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ أَدَاءِ. الْفَرَائِضِ. الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الذِّكْرَ

ــ

[حاشية العدوي]

مَنْ هَذَا فَلْيُسَمِّ نَفْسَهُ أَوْ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ وَلَا يَقُولُ: أَنَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَهَا لِمَنْ أَجَابَهُ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ أَنَا أَنَا.

[قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ] أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ لَا يُطَالَبُ وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ لَا يُطَالَبُ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطَالَبُ نَدْبًا بِالتَّنْبِيهِ بِالتَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِ فِي حَالِ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ خَوْفَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَا يَكْرَهُهُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ السَّلَفُ، وَيَكْفِي فِي الْإِذْنِ حَيْثُ يُطْلَبُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا إذْنُ الصَّبِيِّ أَوْ الْعَبْدِ حَيْثُ يُوثَقُ بِإِذْنِهِ لِضَرُورَةِ النَّاسِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُسَلِّمُ] هَكَذَا اخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ الْبَدْءَ بِالِاسْتِئْذَانِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَيُقَدِّمُ السَّلَامَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأَعْمَى هَلْ يُخَاطَبُ بِهِ أَمْ لَا.

[قَوْلُهُ: وَيُرَغَّبُ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ] فِي الِاسْتِذْكَارِ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا خَاضَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ فَإِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ اسْتَقَرَّ فِيهَا» ، ق: وَجَاءَ أَيْضًا «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ عَادَ مَرِيضًا أَبْعَدَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .

[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِذِكْرِهِ هُنَا مُنَاسَبَةٌ] قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ: وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَعَادَهَا فِي الِاسْتِئْذَانِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ جَوَازِ الدُّخُولِ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى مَنْ يَعُودُهُ. .

[قَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَاجَى. . . إلَخْ] لَمَّا كَانَ بَيْنَ التَّنَاجِي وَالدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ مُنَاسَبَةٌ وَهِيَ الِاشْتِرَاكُ فِي النَّهْيِ، ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّنَاجِي عَقِبَ مَسْأَلَةِ الِاسْتِئْذَانِ وَالتَّنَاجِي هُوَ التَّسَارُرُ بِالْكَلَامِ لِيُخْفِيَ ذَلِكَ عَنْ الْغَيْرِ، كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَالنَّهْيُ نَهْيُ حُرْمَةٍ إنْ خَشِيَ الْمُتَنَاجِيَانِ أَنَّ صَاحِبَهُمَا يَظُنُّ أَنَّهُمَا يَتَحَدَّثَانِ فِي غَدْرِهِ كَانَ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ، وَنَهْيُ كَرَاهَةٍ إنْ أَمِنَّا مِنْ ظَنِّهِ ذَلِكَ كَانَ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَفِي مَعْنَى التَّنَاجِي الْكَلِمُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَنْ يَعْرِفُ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ سِوَى الْعَرَبِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقُ] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الِاثْنَيْنِ لَيْسَ بِجَمَاعَةٍ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُمَا جَمَاعَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

[قَوْلُهُ: ع وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْقَبَسِ مِنْ أَنَّ تَنَاجِيَ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْجَمَاعَةِ إمَّا مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إلَخْ أَيْ وَقَدْ قَالُوا.

[قَوْلُهُ: مَثَلًا] لَا حَاجَةَ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْلَى وَلَفْظَةُ مَثَلًا يُؤْتَى بِهَا فِي مَقَامٍ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَصْرُ وَهَذَا لَا يُتَوَهَّمُ.

[قَوْلُهُ: ع هُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِلنَّهْيِ السَّابِقِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ.

[قَوْلُهُ: الْهِجْرَةُ] أَيْ الْهِجْرَانُ، وَقَوْلُهُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَهُ لِمَا بَيْنَ الْهِجْرَانِ وَالتَّنَاجِي مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَهِيَ الْمُشَارَكَةُ فِي النَّهْيِ. .

[قَوْلُهُ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ] عُمْرُهُ ثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.

[قَوْلُهُ: أَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ] أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ عَلَى الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لِأَنَّ أُولَئِكَ كَمُلَتْ فِيهِمْ الصِّفَاتُ كُلُّهَا وَاعْتَدَلَتْ فَلَمْ يَتَرَجَّحْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَأَمَّا هَذَا فَقَدْ كَمُلَتْ فِيهِ صِفَةُ الْعِلْمِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فَتَمَيَّزَ فِيهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَكْمُلْ فِيهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا زِيَادَتَهُ فِيهِ عَلَى أُولَئِكَ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ تَفْضِيلًا لِأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَتَمَيَّزُ بِمَزِيَّةٍ بَلْ بِمَزَايَا لَمْ تُوجَدْ فِي الْفَاضِلِ لِأَنَّهُ قَدْ خَلَفَ تِلْكَ الْمَزَايَا مَزَايَا أُخَرُ أَجَلُّ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>