(تَنْشُرُهَا) أَيْ تُظْهِرُهَا (أَوْ رِزْقٍ) حَلَالٍ (تَبْسُطُهُ) أَيْ تُكْثِرُهُ (أَوْ ضُرٍّ تَكْشِفُهُ) أَيْ تُزِيلُهُ (أَوْ ذَنْبٍ) نَهَيْت أَنْتَ أَوْ رَسُولُك عَنْهُ (تَغْفِرُهُ) أَيْ تَسْتُرُهُ (أَوْ شِدَّةٍ) وَهِيَ مَا تُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْكُرَبِ وَالْأَحْزَانِ وَالْأَنْكَادِ وَضِيقِ الْعَيْشِ (تَرْفَعُهَا) أَيْ تُزِيلُهَا (أَوْ فِتْنَةٍ) وَهِيَ كُلُّ مَا يَشْغَلُ عَنْ اللَّهِ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ وَوَلَدٍ (تَصْرِفُهَا أَوْ مُعَافَاةٍ) أَيْ سَلَامَاتٌ (تَمُنُّ) أَيْ تَتَفَضَّلُ (بِهَا بِرَحْمَتِك) أَيْ بِإِرَادَتِك (إنَّك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَرُوِيَ أَنَّهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَصَرَّحَ بِهِ ق، وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ لِتَغْيِيرِهِ الْأُسْلُوبَ
«وَمِنْ دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ بَعْدَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يَقُولُ سِرًّا وَإِنْ جَهَرَ فَلَا حَرَجَ: اللَّهُمَّ بِاسْمِك» أَيْ بِك أَيْ بِقُدْرَتِك «وَضَعْت جَنْبِي وَبِاسْمِك أَرْفَعُهُ اللَّهُمَّ إنْ أَمْسَكْت» أَيْ قَبَضْت «نَفْسِي» قَبْضَ وَفَاةٍ «فَاغْفِرْ لَهَا» أَيْ فَاسْتُرْهَا «وَإِنْ أَرْسَلْتهَا» أَيْ رَدَدْتهَا إلَى جَسَدِهَا «فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِك اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْت نَفْسِي إلَيْك» إذْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى تَدْبِيرِهَا «وَأَلْجَأْت» أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
بِمُتَعَلِّقَةِ، ثُمَّ إنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ تُفَسَّرَ الْقُدْرَةُ بِسَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ لَا بِالْعَرْضِ الْمُقَارَنِ بِقَوْلِهِ تَهْدِي بِهِ إذْ لَوْ أُرِيدَ الْعَرْضُ الْمُقَارَنُ مَا صَحَّ، وَقَوْلُهُ: تَهْدِي بِهِ أَيْ تُوصِلُ بِهِ إلَى الْخَيْرِ، وَأَرَادَ بِهِ الطَّاعَاتِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ الشَّامِلِ.
[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى نِعْمَةٍ] أَيْ مُنْعِمٌ بِهِ لَا بِمَعْنَى الْإِنْعَامِ كَجَاهٍ يُصْرَفُ فِي طَاعَةِ الْمَوْلَى وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الرِّزْقِ الْحَلَالِ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: حَلَالٌ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْعُو بِالرِّزْقِ الْحَرَامِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، وَأَخَذَ مِنْهُ أَنَّ الْغِنَى أَفْضَلُ مِنْ الْفَقْرِ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ ضُرٍّ] هُوَ كُلُّ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْأَمْرَاضِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ ضُرٍّ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى نُورٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْخَيْرِ إلَّا مِنْ حَيْثُ زَوَالِهَا أَيْ فَزَوَالُهَا هُوَ الْخَيْرُ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الشَّفَقَةِ لِأُمَّتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْصُومٌ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْكَرْبِ] هُوَ أَشَقُّ الْأُمُورِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَحْزَانُ جَمْعُ حُزْنٍ غَمٌّ لِمَا مَضَى، وَقَوْلُهُ: وَالْأَنْكَادُ جَمْعُ نَكَدٍ وَهُوَ تَعَسُّرُ الشَّيْءِ عَلَى الْإِنْسَانِ، فَضِيقُ الْعَيْشِ مِنْ أَفْرَادِهِ.
[قَوْلُهُ: تَصْرِفُهَا] أَيْ تَصْرِفُ الْأَشْغَالَ بِهَا أَيْ تُزِيلُهُ لَا أَنَّهُ يُزِيلُهَا بِحَيْثُ يَمُوتُ وَلَدُهُ وَيَذْهَبُ مَالُهُ.
[قَوْلُهُ: أَيْ بِإِرَادَتِك] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَفَسَّرْنَا الرَّحْمَةَ بِالْإِرَادَةِ لِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَيْهَا كَمَا تُطْلَقُ عَلَى النِّعْمَةِ وَالنِّعْمَةُ تُطْلَقُ مُرَادًا بِهَا الْإِنْعَامُ وَالْمُنْعَمُ بِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
[قَوْلُهُ: لِتَغْيِيرِهِ الْأُسْلُوبَ] أَيْ الطَّرِيقَةُ لِأَنَّهُ قَالَ وَرُوِيَ.
[قَوْلُهُ: عِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ] قَدَّرَ الْإِرَادَةَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصِحُّ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ [قَوْلُهُ: إنَّهُ كَانَ يَضَعُ] مُسَامَحَةً وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الدُّعَاءِ.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ] وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْقَلْبَ فِي الْجِهَةِ الْيُسْرَى، فَإِذَا نَامَ عَلَى الْأَيْمَنِ يَكُونُ الْقَلْبُ مُعَلَّقًا فَيَسْتَيْقِظَ قَرِيبًا بِخِلَافِ النَّوْمِ عَلَى الْأَيْسَرِ فَلَا يَتَعَلَّقُ فَيَسْتَرِيحُ فَيَسْتَغْرِقُ فِي النَّوْمِ.
[قَوْلُهُ: فَلَا حَرَجَ] أَيْ فَلَا حُرْمَةَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى.
[قَوْلُهُ: أَيْ بِقُدْرَتِك] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفَ مُضَافَيْنِ، أَيْ بِصِفَةِ مَدْلُولِ اسْمِك أَيْ الْأَعْظَمِ أَيْ الَّذِي هُوَ اللَّهُ، وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ أَيْ الَّتِي هِيَ الْقُدْرَةُ فَالْمُرَادُ صِفَةٌ خَاصَّةٌ.
[قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنْ أَمْسَكْت إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الرُّوحَ تَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ عِنْدَ النَّوْمِ وَتَعُودُ إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ كَذَا قَالَ بَعْضٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الرُّوحَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِبَقَاءِ الْجَسَدِ، حَيًّا فِي حَالَةِ النَّوْمِ وَلَوْ خَرَجَتْ لَمْ يَبْقَ الْجِسْمُ حَيًّا.
قَالَ الشَّيْخُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْخُرُوجَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ لَيْسَ حَقِيقِيًّا بَلْ الْمُرَادُ بِهِ زَوَالُ إدْرَاكِهَا مَعَ بَقَائِهَا فِي الْجَسَدِ، قُلْت: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْخُرُوجَ فِي حَالِ النَّوْمِ حَقِيقِيٌّ إلَّا أَنَّهُ هُنَاكَ ارْتِبَاطٌ مَعْنَوِيٌّ يَقُومُ مَقَامَ وُجُودِ الرُّوحِ فِي الْجَسَدِ.
[قَوْلُهُ: بِمَا تَحْفَظُ بِهِ الصَّالِحِينَ] أَيْ بِتَوْفِيقٍ وَدَفْعِ مَكَارِهَ دُنْيَوِيَّةٍ [قَوْلُهُ: إذْ لَا قُدْرَةَ لِي عَلَى تَدْبِيرِهَا] التَّدْبِيرُ هُوَ النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ