يَقْصِدْ سَمَاعَ الْفَأْلِ فَسَمِعَ يَا غَانِمُ أَوْ يَا سَالِمُ أَمَّا إذَا قَصَدَ سَمَاعَ الْفَأْلِ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَزْلَامِ،
ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ رُقْيَةِ الْعَيْنِ بِقَوْلِهِ: (وَالْغَسْلُ لِلْعَيْنِ أَنْ يَغْسِلَ الْعَائِنُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يَعْنِي مَا يَلِي فَرْجَهُ وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْعِبَارَةِ وَلَطِيفِ الْإِشَارَةِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ك: عَنْ مَالِكٍ أَنَّ دَاخِلَ الْإِزَارِ مَا يَلِي الْجَسَدَ وَيَجْمَعُ ذَلِكَ (فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى الْمَعِينِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ صَوَابُهُ الْعَائِنُ (وَلَا يَنْظُرُ فِي) عِلْمِ (النُّجُومِ) ع: وَهَلْ الْمَنْعُ مَنْعُ تَحْرِيمٍ أَوْ مَنْعُ كَرَاهَةٍ (إلَّا) فِي شَيْئَيْنِ فَإِنَّ النَّظَرَ فِيهِ لَهُمَا مُسْتَحَبٌّ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
يَحْلُبُ هَذِهِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا اسْمُك؟ فَقَالَ: حَرْبٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجْلِسْ ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَحْلُبُ هَذِهِ؟ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا اسْمُك؟ فَقَالَ: يَعِيشُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: احْلِبْ» انْتَهَى وَاللِّقْحَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتُفْتَحُ نَاقَةٌ ذَاتُ لَبَنٍ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ طَلَبِ الْفَأْلِ الْحَسَنِ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ سَيِّئَ الْأَسْمَاءِ وَيُحِبُّ حَسَنَ الْأَسْمَاءِ كَعَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَحْمَدَ أَوْ مُحَمَّدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْأَزْلَامِ] وَهِيَ أَقْدَاحٌ يَكُونُ فِي أَحَدِهَا افْعَلْ وَفِي الْآخَرِ لَا تَفْعَلْ، وَالثَّالِثُ: لَا شَيْءَ فِيهِ فَإِذَا خَرَجَ الَّذِي فِيهِ افْعَلْ مَضَى، وَإِذَا خَرَجَ الَّذِي فِيهِ لَا تَفْعَلُ رَجَعَ، وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ أَعَادَ الِاسْتِقْسَامَ، وَالْقَدَحُ السَّهْمُ، وَفِي مَعْنَى هَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ اسْتِخْرَاجُ الْفَأْلِ مِنْ الْمُصْحَفِ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ لَهُ مَا لَا يُرِيدُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى التَّشَاؤُمِ بِالْقُرْآنِ.
تَنْبِيهٌ:
مَنْ أَرَادَ أَمْرًا وَسَمِعَ مَا يَسُوءُ لَا يَرْجِعُ عَنْ أَمْرِهِ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْخَيْرِ إلَّا أَنْتَ وَلَا يَأْتِي بِالشَّرِّ إلَّا أَنْتَ فَلَا يَضُرُّهُ شَيْءٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ إلَّا أَنْتَ وَلَا يَرْفَعُ الشَّرَّ إلَّا أَنْتَ.
[قَوْلُهُ: وَالْغَسْلُ لِلْعَيْنِ] أَيْ وَصِفَةُ الرُّقْيَةِ بِالْعَيْنِ إذَا عُرِفَ الْعَائِنُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هُنَاكَ غَسْلًا مَعْهُودًا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَهُ بَلْ أَرَادَ صِفَةَ الرُّقْيَةِ بِالْعَيْنِ الَّتِي هِيَ فِي الْوَاقِعِ غَسْلٌ لَا فِي الذِّهْنِ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ الْعَائِنُ] أَيْ وُجُوبًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا خَشِيَ عَلَى الْمَعْيُونِ الْهَلَاكُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ إلَّا بِهِ، وَقِيلَ: يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: وَيَدَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ بَدَلَ هَذَا وَظَاهِرُ كَفَّيْهِ.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي مَا يَلِي فَرْجَهُ] أَيْ مِنْ الْإِزَارِ، وَقَوْلُهُ: وَهَذَا مِنْ حُسْنِ الْعِبَارَةِ أَيْ مِنْ الْعِبَارَةِ الْحَسَنَةِ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَبِّرْ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُسْتَحَى مِنْهُ وَهُوَ الْفَرْجُ، وَقَوْلُهُ: وَلَطِيفُ الْإِشَارَةِ أَيْ الْإِشَارَةُ اللَّطِيفَةُ أَيْ فَذَلِكَ اللَّفْظُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي الْفَرْجَ وَلَا يَخْفَى مَا فِي لَطَافَتْهَا مِنْ حَيْثُ قُرْبِ فَهْمِ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِلَفْظٍ قَرِيبٍ فَصِيحٍ، وَهَذَا مِمَّا يُتَعَبَّدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ سِرَّ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: مَا يَلِي الْجَسَدَ] أَيْ مِنْ الْمِئْزَرِ وَهُوَ كَقَوْلِ عِيَاضٍ الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ مَا يَلِي الْجَسَدَ مِنْ الْمِئْزَرِ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حَقْوَهُ الْأَيْمَنَ.
[قَوْلُهُ: وَمِرْفَقَيْهِ] وَلَا يَغْسِلُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَمَنْ لَا إزَارَ لَهُ فَلْيَغْسِلْ مَوْضِعَ طَرَفِ الْإِزَارِ مِنْ أَسْفَلِهِ.
[قَوْلُهُ: صَوَابُهُ الْعَائِنُ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّبَّ عَلَى الْمُعَانِ أَيْ الْمُصَابِ بِالْعَيْنِ لَا الْعَائِنِ، وَصِفَةُ صَبِّ الْقَدَحِ عَلَى الْمُعَانِ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِهِ وَيُقْلَبَ الْقَدَحَ أَيْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَقَدْ قَالَ عج: ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَدَحُ فَيَصُبُّهُ عَلَى رَأْسِ الْمُعِينِ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ، ثُمَّ يُلْقِي الْقَدَحَ وَرَاءَهُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ.
تَنْبِيهٌ:
مَنْ عَرَفَ أَنَّهُ مِعْيَانٌ وَأَنَّهُ كُلَّمَا يَنْظُرُ إلَى شَيْءٍ يُصِيبُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كُلَّ مَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَقِفَ الْقَاضِي عَلَى حَالِهِ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْجُنَ مَنْ عُرِفَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَيَكُونُ سِجْنُهُ فِي مَنْزِلِ نَفْسِهِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا مَنْ عُرِفَ أَنْ يَقْتُلَ بِالْحَالِ.
[قَوْلُهُ: وَهَلْ الْمَنْعُ مَنْعُ تَحْرِيمٍ] تَرَدَّدَ مِنْهُ إلَّا أَنَّنَا سَنُبَيِّنُ قَرِيبًا أَنَّ النَّهْيَ تَارَةً يَكُونُ نَهْيَ كَرَاهَةٍ وَتَارَةً يَكُونُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ.
[قَوْلُهُ: إلَّا فِي شَيْئَيْنِ] كَذَا فِي التَّحْقِيقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ جَعَلَ الْقِسْمَ الثَّالِثَ مُسْتَحَبًّا كَالْأَوَّلَيْنِ وَجَعَلَهُ.