أَحَدُهُمَا (مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى) مَعْرِفَةِ سَمْتِ (الْقِبْلَةِ وَ) ثَانِيهِمَا: مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ (أَجْزَاءِ اللَّيْلِ) مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ، وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ جَائِزٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ النَّظَرُ فِيمَا يُهْتَدَى بِهِ فِي السَّيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: ٩٧] وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مَا يَدَّعِيهِ الْمُنَجِّمُونَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْ التَّأْثِيرَاتِ فِي الْعَالَمِ فَشَيْءٌ لَا يُسَاوِي اسْتِمَاعَهُ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ (وَيَتْرُكُ مَا سِوَى ذَلِكَ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ نَقُولُ يُرِيدُ إلَّا مَا يُهْتَدَى بِهِ
(وَلَا يَتَّخِذُ كَلْبًا فِي الدُّورِ فِي الْحَضَرِ وَلَا فِي دُورِ الْبَادِيَةِ) عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ (إلَّا) فِي ثَلَاثَةِ صُورٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ فِيهَا أَنْ يُتَّخَذَ (لِ) أَجْلِ حِرَاسَةِ (زَرْعٍ) مَوْجُودٍ أَوْ سَيُوجَدُ (أَوْ) لِأَجْلِ حِرَاسَةِ (مَاشِيَةٍ) وَهِيَ الْغَنَمُ (يَصْحَبُهَا فِي الصَّحْرَاءِ ثُمَّ يَرُوحُ) أَيْ يَرْجِعُ يَبِيتُ (مَعَهَا) حَيْثُ بَاتَتْ لِضَعْفِهَا إذْ لَا تَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهَا، وَغَيْرُ الْغَنَمِ إنْ احْتَاجَ إلَى الْكِلَابِ فَهُوَ مِثْلُهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَوْ كَانَتْ فِي الدُّورِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ حِينَئِذٍ (أَوْ لِ) أَجْلِ (صَيْدٍ يَصْطَادُهُ لِعَيْشِهِ) أَيْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ يَصْطَادُ (لَا) لِعَيْشِهِ بَلْ (لِلَّهْوِ) فَلَا يَجُوزُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ اتِّخَاذَهُ لِحِرَاسَةِ الْبُيُوتِ وَالْأَمْتِعَةِ، وَيُذْكَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَقَعَ حَائِطُ دَارِهِ وَكَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الشِّيعَةِ فَاِتَّخَذَ كَلْبًا لِذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَبْدُ الْوَهَّابِ جَائِزًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ النَّظَرَ فِي الشَّيْئَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إمَّا فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ فَرْضَ كِفَايَةٍ.
[قَوْلُهُ: عَلَى مَعْرِفَةِ سَمْتِ الْقِبْلَةِ] أَيْ مَعْرِفَةِ طَرِيقِ الْقِبْلَةِ أَيْ جِهَتِهَا بِأَنْ تَسْتَقْبِلَ بِوَجْهِك الْقُطْبَ ثُمَّ تَجْعَلَهُ عَلَى يَسَارِك فَمَا اسْتَقْبَلْت فَهُوَ نَاحِيَةُ الْقِبْلَةِ.
[قَوْلُهُ: مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ] وَفَائِدَتُهُ لِوَقْتِ أَذَانِ الصُّبْحِ وَالْإِمْسَاكِ فِي الصَّوْمِ.
[قَوْلُهُ: فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ] أَيْ ظُلُمَاتِ اللَّيْلِ لَهُمَا أَضَافَهَا إلَيْهِمَا بِمُلَابَسَتِهَا لَهُمَا أَوْ مُشْتَبِهَاتِ الطَّرِيقِ.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ] الْمُشَارُ إلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهَا الْمُوصِلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ، وَإِلَى جِهَةِ الْمَسِيرِ إلَى أَمْرٍ يُنْدَبُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَمَا كَانَ مُوجِبًا لِنُقْصَانِ الْأَهِلَّةِ أَوْ حُصُولِ الْكُسُوفِ فَمَكْرُوهٌ، وَيُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْعَامَّةَ أَنَّهُ يَعْلَمُ عِلْمَ الْغَيْبِ وَمُعْتَقِدُ تَأْثِيرِهَا يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ إنْ كَانَ مُسْتَسِرًّا وَإِلَّا قُتِلَ بَعْدَهَا، وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْفَعَّالُ عِنْدَهَا وَلَا يَتَخَلَّفُ فَيُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ مُبْتَدِعٌ، وَمَنْ جَوَّزَ التَّخَلُّفَ مَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُوَحِّدُنَا ج إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: فَشَيْءٌ لَا يُسَاوِي صَادِقٌ بِالْمَكْرُوهِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْكَامِ] الْأَحْكَامُ عِنْدَهُمْ الْأَحْوَالُ الْغَيْبِيَّةُ الْمُسْتَنْتَجَةُ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ الْكَوَاكِبُ مِنْ جِهَةِ حَرَكَاتِهَا وَمَكَانِهَا وَزَمَانِهَا، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ.
[قَوْلُهُ: وَيَتْرُكُ] تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ
[قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ] أَيْ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَقُورًا فَيَحْرُمُ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ] أَيْ يُؤْذَنُ فِي اتِّخَاذِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا قَالَ زَرُّوقٌ: إنَّ حُكْمَ الصَّيْدِ إنْ كَانَ لِقُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فَوَاجِبٌ وَالتَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ مَنْدُوبَةٌ انْتَهَى، أَقُولُ: هُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَوَقَّفَ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ عَلَى الصَّيْدِ.
[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ حِرَاسَةِ زَرْعٍ] وَنَحْوُ الزَّرْعِ سَائِرُ الثِّمَارِ.
[قَوْلُهُ: فِي الصَّحْرَاءِ] بِالْمَدِّ الْبَرِيَّةُ وَهِيَ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ وَالْجَمْعُ صَحَارَى بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَصَحْرَاوَاتٌ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَتَقَيَّدُ الْجَوَازُ بِزَمَنِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَيُطْلَبُ إخْرَاجُهُ مِنْ حَوْزِهِ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ الْجَوَازُ قَوْلَانِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ] أَيْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا فِي الدُّورِ مِنْهُ، [قَوْلُهُ: وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ اتِّخَاذَهُ] وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ، [قَوْلُهُ: بَلْ لِلَّهْوِ] أَيْ اللَّعِبُ.
[قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ] أَيْ يُكْرَهُ، وَأَمَّا إذَا اصْطَادَهُ لِلتَّفَكُّهِ أَوْ لِزِيَادَةِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.
[قَوْلُهُ: وَيُذْكَرُ أَنَّ] تَأْيِيدٌ لِلْقَوْلِ بِالْجَوَازِ [قَوْلُهُ: مِنْ الشِّيعَةِ] فِرْقَةٌ مِنْ الْفِرَقِ الْخَارِجِينَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَإِنْ قُلْت: مَا يَعْتَقِدُونَ؟ قُلْت: يَعْتَقِدُونَ وَيَقُولُونَ: كُلُّ