بَقَاءَهَا دَاعٍ لِلَّعِبِ بِهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إذَا وَجَدَ الْوَصِيُّ فِي التَّرِكَةِ شَطْرَنْجًا فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَنْحِتَهَا فَيَبِيعَهَا حَطَبًا إنْ أَمِنَ مِنْ السُّلْطَانِ، فَإِنْ خَافَ فَلَا يَفْعَلُ إلَّا بِإِذْنِهِ انْتَهَى. (وَيُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ (الْجُلُوسُ إلَى مَنْ يَلْعَبُ بِهَا) مَخَافَةَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِمْ (وَ) كَذَا يُكْرَهُ (النَّظَرُ إلَيْهِمْ) (مَخَافَةَ أَنْ يَشْغَلَ خَاطِرَهُ بِذَلِكَ وَأَنْ يَمِيلَ إلَيْهِمْ)
(وَلَا بَأْسَ) بِمَعْنَى الْجَوَازِ (بِالسَّبْقِ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَصْدَرُ، وَبِفَتْحِهَا اسْمُ الْخَطَرِ بِعَيْنِهِ (بِالْخَيْلِ وَبِالْإِبِلِ وَبِالسِّهَامِ بِالرَّمْيِ) بِجُعْلٍ وَبِغَيْرِ جُعْلٍ وَلَا يَجُوزُ السَّبْقُ بِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا بِغَيْرِ جُعْلٍ، وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّبْقِ إعْلَامُ الْغَايَةِ وَتَبْيِينُ الْمَوْقِفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ الْمَكَانِ سُنَّةٌ فِي ذَلِكَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ ذَلِكَ، وَمَعْرِفَةُ أَعْيَانِ الْخَيْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جَرْيِهَا وَلَا مَنْ يَرْكَبُ عَلَيْهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا مُحْتَلِمٌ. ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّ لِلْمُسَابَقَةِ بِجُعْلٍ ثَلَاثَ صُورٍ فَقَالَ: (وَإِنْ أَخْرَجَا شَيْئًا جَعَلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا) عَلَى أَنَّهُ (يَأْخُذُ ذَلِكَ الْمُحَلِّلَ إنْ سَبَقَ) هُوَ أَيْ الْمُحَلِّلُ (وَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُحَلِّلِ مِنْ جَاعِلِ الْجُعَلِ (لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحَلِّلُ (شَيْءٌ) وَيَأْخُذُ السَّابِقُ الْجَمِيعَ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَنْعُ.
(وَقَالَ) إمَامُنَا (مَالِكٌ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إنَّمَا يَجُوزُ) السَّبْقُ إلَّا (أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ) مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (سَبَقًا)
ــ
[حاشية العدوي]
هِيَ صِيغَةُ ذَمٍّ وَشَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَرَامِ فَلَعَلَّهُ اسْتَعْمَلَهَا فِي اللَّوْمِ هُنَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ تَرْكُهُ وَأَنَّهُ حَرَامٌ لَا مَكْرُوهٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَدَمْنَ يَكُونُ التَّرْكُ وَاجِبًا لِأَنَّ مَعَهُ سُقُوطَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ لِسُقُوطِ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَالَةِ بِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْقِمَارِ وَالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ الْعِبَادَةِ.
[قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَ مِنْ السُّلْطَانِ] أَيْ إمَّا لِكَوْنِهِ يَرَى جَوَازَهَا أَوْ لِغَرَضٍ لَهُ فِيهَا.
تَنْبِيهٌ:
وَقَعَ الْخِلَافُ فِي اللَّعِبِ بِالطَّابِ وَالْمَنْقَلَةِ وَذَكَرَ بَهْرَامٌ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ الْحُرْمَةَ فِي الطَّابِ وَجَعَلَ مِثْلَهُ النَّرْدَ، وَأَمَّا الْمِنْقَلَةُ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضَ الْكَرَاهَةِ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَا قِمَارَ وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ.
[قَوْلُهُ: الْجُلُوسُ إلَى] أَيْ عِنْدَ وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِتِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْمَلَاهِي.
[قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِمْ] أَيْ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَا يُوجِبُ التَّكَلُّمَ فِيهِ وَالْوَاجِبُ حِفْظُ الْعِرْضِ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَا يُكْرَهُ النَّظَرُ] أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ [قَوْلُهُ: النَّظَرُ إلَيْهِمْ] أَفْرَدَ الضَّمِيرَ فِي يَلْعَبُ وَجَمَعَهُ فِي إلَيْهِمْ الْعَائِدِ عَلَى مَنْ مُرَاعَاةً لِلَفْظِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِمَعْنَاهَا فِي الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ مُرَاعَاةَ اللَّفْظِ.
[قَوْلُهُ: اسْمُ الْخَطَرِ بِعَيْنِهِ] أَيْ اسْمُ الشَّيْءِ الْمَجْعُولِ بَيْنَهُمَا، وَالْجَمْعُ أَخْطَارٌ مِثْلَ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ.
[قَوْلُهُ: بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ] أَيْ بِالْخَيْلِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَكَذَا الْإِبِلُ أَيْ أَوْ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ.
[قَوْلُهُ: بِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ] أَيْ كَالْحَمِيرِ وَالطَّيْرِ وَالسُّفُنِ وَالرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ إذَا وَقَعَتْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ.
[قَوْلُهُ: وَشَرْطُ صِحَّةِ السَّبْقِ] أَيْ وَبِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْعُولُ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ، [قَوْلُهُ: وَتَبْيِينُ الْمَوْقِفِ] أَيْ الْمَبْدَأِ.
[قَوْلُهُ: سُنَّةٌ] أَيْ طَرِيقَةٌ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْمَوْقِفِ وَالْمَبْدَأِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ جَرْيِهَا] أَيْ بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلٍّ سَبْقَ فَرَسِهِ [قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ يَرْكَبُ عَلَيْهَا] أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الرَّاكِبِ مِنْ كَوْنِهِ جَسِيمًا أَوْ لَطِيفًا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا مُحْتَلِمٌ] أَيْ فَيُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الْمُسَابَقَةِ مَعَ الْجُعْلِ وَهِيَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ كَالْإِجَارَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّمْيِ تَعْيِينُ عَدَدِ الْإِصَابَةِ وَنَوْعِهَا مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ السَّهْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ، وَلَا تَعْيِينُ الْوَتَرِ وَلَا مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ.
[قَوْلُهُ: جُعْلًا] فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ أَخْرَجَ، وَجَوَابُ إنَّ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ جَازَ عَقْدُهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ جُعْلًا شَرْطًا فِي الْجَوَابِ أَيْ جَازَ الْعَقْدُ إنْ جَعَلَا بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا أَيْ مِنْ حَيْثُ احْتِمَالُ سَبْقِهِ.
[قَوْلُهُ: الْمُسَيِّبُ] بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
[قَوْلُهُ: وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ] مِنْهُمْ ابْنُ الْمَوَّازِ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ. . . إلَخْ] أَيْ فَلِلْإِمَامِ فِيهَا قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ.
[قَوْلُهُ: كَانَ لِلَّذِي يَلِيهِ مِنْ