للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَجُوزُ لِأَنَّ فِي تَتَبُّعِهَا بِغَيْرِ النَّارِ حَرَجًا وَمَشَقَّةً (وَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِقَتْلِ النَّمْلِ إذَا آذَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَرْكِهَا) ج: وَأَتَى الشَّيْخُ بِالْمَشِيئَةِ كَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَقِفْ فِيهِ لَمَالِكٍ عَلَى شَيْءٍ (وَلَوْ لَمْ تُقْتَلْ) النَّمْلُ (كَانَ أَحَبَّ إلَيْنَا إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِهَا وَيُقْتَلُ الْوَزَغُ) حَيْثُ وُجِدَ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَيُكْرَهُ قَتْلُ الضَّفَادِعِ جَمْعُ ضِفْدَعٍ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِهَا

(وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ: «إنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ غِبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» غِبِّيَّةَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ مَعَ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ الْكِبْرُ وَالتَّجَبُّرُ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ التَّكَبُّرِ بِخِصَالِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْكِبْرِ وَنَحْوِهِ وَمِنْ الْفَخْرِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إذَايَةٌ بِالْفِعْلِ.

[قَوْلُهُ: وَالْبَعُوضُ] عَطْفُ مُرَادِفٍ عَلَى الْبَقِّ.

[قَوْلُهُ: بِقَتْلِ النَّمْلِ] وَلَوْ بِالنَّارِ.

[قَوْلُهُ: إذَا آذَتْ] ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْأَذِيَّةُ فِي الْبَدَنِ أَوْ الْمَالِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ إلَّا الْمُؤْذِيَ مِمَّا ذُكِرَ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَذِيَّتِهِ، وَلَا بَأْسَ لِلْجَوَازِ الْمُسْتَوِي وَالشَّرْطَانِ فِي الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي إلَّا أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا فِي الْمَفْهُومِ، فَمَفْهُومُ الْأَوَّلِ يَحْرُمُ وَمَفْهُومُ الثَّانِي يُكْرَهُ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ. . . إلَخْ.

[قَوْلُهُ: وَأَتَى الشَّيْخُ بِالْمَشِيئَةِ. . . إلَخْ] أَيْ إنَّمَا قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ مَعَ الْجَوَازِ لِمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا لِمَا قِيلَ إنَّهَا تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُقَدِّسُهُ.

[قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَيْنَا] أَيْ كَانَ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الْقَتْلِ أَحَبَّ إلَيْنَا مِنْ الْقَتْلِ، أَيْ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى تَرْكِهَا بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّبَعُّدُ وَقَدْ آذَتْ يُكْرَهُ قَتْلُهَا وَلَوْ بِالنَّارِ.

قَالَ عج: فَأَحَبُّ بِمَعْنَى مُسْتَحَبٍّ وَلَيْسَ عَلَى بَابِهِ لِاقْتِضَائِهِ الْقَتْلَ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ تُؤْذِ مُنِعَ قَتْلُهَا وَلَا يُرَاعِي هُنَا الْقُدْرَةَ عَلَى تَرْكِهَا وَلَا عَدَمِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَتْلَهَا حَالَ عَدَمِ الْأَذَاةِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِغَيْرِ النَّارِ وَحَالَ الْأَذَاةِ جَائِزٌ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَرْكِهَا وَلَوْ بِالنَّارِ، وَجَوَازًا مَرْجُوحًا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَرْكِهَا مَعَ أَذِيَّتِهَا وَقْتَهَا مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِالنَّارِ، لَكِنْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ النَّمْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْ قَتْلِهِ فَقِيلَ: مُطْلَقُ النَّمْلِ وَقِيلَ الْأَحْمَرُ الطَّوِيلُ الْأَرْجُلِ لِعَدَمِ أَذِيَّتِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَشَأْنُهُ الْإِيذَاءُ.

[قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْوَزَغُ] بِفَتْحِ الزَّايِ، الْوَاحِدَةُ وَزَغَةٌ مُحَرَّكَةُ الزَّايِ أَيْضًا وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَوْزَاغٍ وَلَفْظُ الْمُصَنِّفِ لَفْظُ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهُ الطَّلَبُ. [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ] وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ وَلَا كَثْرَةٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَثَّ وَرَغَّبَ فِي قَتْلِ الْوَزَغَةِ حَيْثُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً» وَقِيلَ خَمْسُونَ: «وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الثَّالِثَةِ فَلَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ» وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ دَلِيلُ التَّهَاوُنِ وَإِنَّمَا خَصَّ الشَّارِعُ عَلَى قَتْلِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ يَهُودِيَّةً مَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِكَوْنِهَا كَانَتْ تَنْفُخُ النَّارَ الَّتِي حَرَقَتْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَقِيلَ: إنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ السَّمُومِ حَتَّى قِيلَ إنَّهَا أَكْثَرُ سُمًّا مِنْ الْحَيَّةِ.

[قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ قَتْلُ الضَّفَادِعِ] مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ تُؤْذِ وَإِلَّا جَازَ قَتْلُهَا حَيْثُ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَرْكِهَا وَإِلَّا نُدِبَ عَدَمُ قَتْلِهَا.

[قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ قَتْلِهَا] أَيْ؛ لِمَا قِيلَ إنَّهَا أَكْثَرُ الْحَيَوَانَاتِ تَسْبِيحًا حَتَّى قِيلَ إنَّ صَوْتَهَا جَمِيعُهُ ذِكْرٌ وَلِأَنَّهَا أَطْفَأَتْ مِنْ نَارِ إبْرَاهِيمَ ثُلُثَيْهَا وَلَهُ أَكْلُهَا بِالذَّكَاةِ إنْ كَانَتْ بَرِّيَّةً.

[قَوْلُهُ: إنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ] أَيْ مُعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ خَبَرٌ فِي مَعْنَى النَّهْيِ.

[قَوْلُهُ: مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ] أَيْ لِأَنَّكُمْ مَا بَيْنَ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ أَيْ مُمْتَثِلٌ لِلْمَأْمُورَاتِ مُجْتَنِبٌ لِلْمَنْهِيَّاتِ فَيَكُونُ مُرْتَفِعًا عِنْدَ اللَّهِ بِتَقْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَسِيبًا وَقَوْلُهُ: أَوْ فَاجِرٍ أَيْ كَافِرٌ شِقِّي بِعَدَمِ تَقْوَاهُ وَلَوْ كَانَ نَسِيبًا فَالتَّفَاضُلُ بِالْآبَاءِ لَا يُكْسِبُ شَيْئًا.

[قَوْلُهُ: الْكِبْرُ وَالتَّجَبُّرُ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْكِبْرَ وَالتَّجَبُّرَ أَيْ الَّذِي هُوَ التَّكَبُّرُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مَعْنًى لِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ أَيْ وَإِنْ كَانَ بِالْعَيْنِ مَأْخُوذًا مِنْ الْعِبْءِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَهُوَ الْحِمْلُ الثَّقِيلُ، وَيُسْتَعَارُ لِمَا يُكَلَّفُ مِنْ الْأُمُورِ الشَّاقَّةِ الْعِظَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>