للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا أَنَّ أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ صَحَابَةُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ الْأَصْحَابُ جَمْعُ صَاحِبٍ وَهُوَ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْلِمًا ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ مَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ، وَغَيْرُهُمْ بِإِجْمَاعٍ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ، وَأَوَّلُهُمْ إسْلَامًا عَلَى الصَّحِيحِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَ (أَفْضَل

ــ

[حاشية العدوي]

ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، وَقَوْلُهُ: بِالتَّفَاوُتِ أَيْ بِالتَّزَايُدِ وَقَوْلُهُ: فِي خِصَالِ الْفَضَائِلِ أَيْ فِي خِصَالٍ هِيَ الْفَضَائِلُ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَأَرَادَ بِالْفَضَائِلِ مَا يَشْمَلُ الْفَوَاضِلَ، وَهِيَ النِّعَمُ الْمُتَعَدِّيَةُ. وَقَوْلُهُ: فَمَنْ كَثُرَتْ أَيْ فَحِينَئِذٍ مِنْ كَثُرَتْ فِيهِ إلَخْ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الشَّارِحَ مُتَرَدِّدٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّقَانِيَّ اعْتَبَرَ الْأَوَّلَ فَلْيُعَوِّلْ عَلَيْهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ: «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ ثَوَابَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابَ نَفَقَةِ أَحَدِ أَصْحَابِي مُدًّا وَلَا نِصْفَ مُدٍّ» [قَوْلُهُ: فَكَمْ] الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ تَعْلِيلِ كَوْنِ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ.

[قَوْلُهُ: قَطْعًا أَوْ ظَنًّا] وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ قَطْعِيًّا أَنَّ التَّفْضِيلَ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ، وَعَلَى كَوْنِهِ ظَنِّيًّا أَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّقَانِيُّ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ أَوْ هُنَا لِلتَّرَدُّدِ كَالْأَوَّلِ، وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقَطْعُ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ اللَّقَانِيَّ رَجَّحَ الْبَاطِنَ، وَأَمَّا التَّفْضِيلُ بَيْنَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَكَذَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَهْلِ بَدْرٍ وَغَيْرِهِمْ، فَوَقَعَ الْخِلَافُ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ فَقِيلَ: قَطْعِيٌّ وَهُوَ الْحَقُّ، وَقِيلَ: ظَنِّيٌّ وَهَلْ هُوَ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَهُوَ الْحَقُّ. أَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ اللَّقَانِيُّ. [قَوْلُهُ: وَالصَّحَابَةُ إلَخْ] هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ.

[قَوْلُهُ: الْأَصْحَابُ] قَالَ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ: وَجَمْعُ الْأَصْحَابِ أَصَاحِيبُ [قَوْلُهُ: جَمْعُ صَاحِبٍ] رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ أَصْحَابًا جَمْعٌ لِصَحْبٍ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ هَلْ هُوَ أَيْ صَحْبٌ جَمْعٌ لِصَاحِبٍ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ قَوْلَانِ:

الْأَوَّلُ: لِلْأَخْفَشِ وَالثَّانِي لِسِيبَوَيْهِ، وَلَيْسَ أَيْ أَصْحَابُ جَمْعًا لِصَاحِبٍ؛ لِأَنَّ فَاعِلًا لَمْ يَثْبُتْ جَمْعُهُ عَلَى أَفْعَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] قَالَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ: الْمُرَادُ بِاللِّقَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمُجَالَسَةِ وَالْمُمَاشَاةِ وَوُصُولِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِغَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ] اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا ثُمَّ مَاتَ مُرْتَدًّا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ فَلَيْسَ بِصَحَابِيِّ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا مَنْ ارْتَدَّ بَعْدَ صُحْبَتِهِ ثُمَّ آمَنَ فَقَضِيَّةُ مَذْهَبِنَا مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ الْعَمَلَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَحَابِيًّا إلَّا إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ وَلَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَانِيًا مُسْلِمًا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَقَضِيَّةُ مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى الْإِحْبَاطَ إلَّا بِالْمَوْتِ كَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُسَمَّى صَحَابِيًّا إذَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ ارْتَدَّ، وَأُتِيَ بِهِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسِيرًا فَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ، وَاشْتِرَاطُ الْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابِيِّ الَّذِي يُتَرَضَّى عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ فَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ: إنَّ الْمُنَاسِبَ إسْقَاطُ قَوْلِهِ: ثُمَّ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَلَا تَتَحَقَّقَ الصُّحْبَةُ لِأَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ [قَوْلُهُ: عُدُولٌ] أَيْ فَلَا يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ كَمَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ لَا فِي رِوَايَةٍ وَلَا فِي شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَّةِ، وَمَنْ طَرَأَ لَهُ مِنْهُمْ قَادِحٌ كَسَرِقَةٍ أَوْ زِنًا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا وَرَدَ.

[قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمْ] أَيْ كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْحُرُوبِ لَا مَعَ عَلِيٍّ وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَرَاعَى مَعْنَى مَنْ فَجَمَعَ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ لَقَالَ وَغَيْرُهُ.

[قَوْلُهُ: بِإِجْمَاعِ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ] وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ قِيلَ: إنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ فِي الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا مَنْ يَكُونُ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ أَوْ مَقْطُوعَهَا كَالشَّيْخَيْنِ، وَقِيلَ: هُمْ عُدُولٌ إلَى قَتْلِ عُثْمَانَ فَيُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ مِنْ حِينِ قَتْلِهِ لِوُقُوعِ الْفِتَنِ بَيْنَهُمْ مِنْ حِينَئِذٍ، وَفِيهِمْ مَنْ انْعَزَلَ عَنْهُمْ حَالَةَ الْفِتْنَةِ، وَقِيلَ: هُمْ عُدُولٌ إلَّا مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا فَهُمْ فُسَّاقٌ لِخُرُوجِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ الْحَقِّ وَرُدَّ بِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ أَبُو بَكْرٍ] مُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَقْوَالٌ، قِيلَ: خَدِيجَةُ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>