للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةِ) أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذِينَ بَايَعُوهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَأَفْضَلُهُمْ أَهْلُ بَدْرٍ، وَأَفْضَلُهُمْ الْعَشَرَةُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَفْضَلُهُمْ (الْخُلَفَاءُ) الْأَرْبَعَةُ جَمْعُ خَلِيفَةٍ، سُمُّوا خُلَفَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ خَلَفُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَحْكَامِ. (الرَّاشِدُونَ) جَمْعُ رَاشِدٍ (الْمَهْدِيُّونَ) جَمْعُ هَادٍ، وَاللَّفْظَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّك تَقُولُ: أَرْشَدَك أَيْ هَدَاك، وَتَقُولُ: هَدَاك اللَّهُ أَيْ أَرْشَدَك، وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقِيلَ: عَلِيٌّ وَقِيلَ: زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَقِيلَ: بِلَالٌ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالْأَوْرَعُ أَنْ يُقَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ، وَمِنْ الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ، وَمِنْ النِّسَاءِ خَدِيجَةُ، وَمِنْ الْمَوَالِي زَيْدٌ، وَمِنْ الْعَبِيدِ بِلَالٌ اهـ.

فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَقْوَالِ: [قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ الصَّحَابَةُ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ] أَيْ بَعْدَ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ صَحَابِيٌّ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَغَيْرُهُ. [قَوْلُهُ: الَّذِينَ بَايَعُوهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -] إشَارَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ١٨] إلَخْ.

وَذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ وَتَعْظِيمَهُ وَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ أَرْسَلَ لَهُمْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يُبَلِّغُهُمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَأْتِهِمْ مُقَاتِلًا وَلَا مُحَارِبًا وَإِنَّمَا جَاءَهُمْ زَائِرًا لِلْبَيْتِ وَمُعَظِّمًا لَهُ، فَحَبَسُوهُ عِنْدَهُمْ وَبَلَغَ الْخَبَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ قُرَيْشًا قَتَلَتْ عُثْمَانُ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ ذَلِكَ: لَا نَبْرَحُ حَتَّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ. وَدَعَا النَّاسَ إلَى الْبَيْعَةِ فَبَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ يُنَاجِزُوا قُرَيْشًا وَلَا يَفِرُّوا، ثُمَّ ظَهَرَ كَذِبُ خَبَرِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَادَنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُرَيْشًا ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ حَرْبًا» .

[قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهُمْ أَهْلُ بَدْرٍ] أَيْ أَفْضَلُ الْحُدَيْبِيِّينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهُمْ الْعَشَرَةُ] أَيْ أَفْضَلُ أَهْلِ بَدْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهِ أَيْضًا إذَا تَقَرَّرَ لَك مَا ذَكَرْته فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ مَا عَدَا أَهْلَ بَدْرٍ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ الَّذِينَ لَمْ يَحْضُرُوا الْحُدَيْبِيَةَ، وَأَنَّ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ أُحُدٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ فِي نَظْمِ النُّقَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَرْتِيبَ الْأَرْبَعَةِ فِي الْفَضْلِ:

فَالسِّتَّةُ الْبَاقُونَ ثُمَّ أَهْلُ ... بَدْرٍ فَأَهْلُ أُحُدٍ فَكُلُّ

مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... فَسَائِرُ الصَّحَابَةِ الْمُفْتَخِرَةِ

فَمَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّةِ النَّبِيِّ ... عَلَى اخْتِلَافِ وَصْفِهِ الْجَلِيِّ

انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهُمْ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ] أَيْ فَمَرْتَبَةُ السِّتَّةِ تَلِي مَرْتَبَةَ الْأَخِيرِ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ قَائِلًا: وَانْظُرْ مَنْ الْأَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ وَمَنْ يَلِيهِ، فَإِنِّي مَا رَأَيْته اهـ.

[قَوْلُهُ: جَمْعُ خَلِيفَةٍ إلَخْ] وَهُوَ كُلُّ مَنْ صَارَ عِوَضًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ، فَإِنْ خَلَفَهُ فِي شَرٍّ قِيلَ فِيهِ خَلْفٌ وَإِنْ خَلَفَهُ فِي خَيْرٍ، قِيلَ: فِيهِ خَلِيفَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص: ٢٦] وَقَالَ تَعَالَى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [مريم: ٥٩] كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ [قَوْلُهُ: جَمْعُ رَاشِدٍ] وَهُوَ الْمُسَدَّدُ فِي نَفْسِهِ الْمُوَفَّقُ فِي أَمْرِهِ كَمَا قَالَهُ تت.

[قَوْلُهُ: جَمْعُ هَادٍ] كَذَا فِي تت، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ جَمْعُ مَهْدِيٍّ لَا هَادٍ. [قَوْلُهُ: وَاللَّفْظَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ] فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَالَهُ عج، وَيُوَافِقُهُ الْمِصْبَاحُ وَنَصُّ عج وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْوَصْفُ بِالرُّشْدِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ مُصْلِحٌ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْهُدَى يَخُصُّ الدِّينَ اهـ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّك تَقُولُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُوَافِقُهُ مَا قَالَهُ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي حَيْثُ يَقُولُ: وَهُمَا اسْمُ مَفْعُولٍ لَا اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ الَّذِي هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأَرْشَدَهُمْ.

قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى اسْمِ مَفْعُولٍ أَمْ لَا اهـ.

أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمُتَبَادَرِ مِنْ ذَلِكَ الْحِلِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>