مُتَفَاوِتُونَ فِي الْفَضِيلَةِ فَأَفْضَلُهُمْ (أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتْ مُدَّتُهُ سَنَتَيْنِ، وَقِيلَ: وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَمَاتَ وَسِنُّهُ كَسِنِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ) يَلِيهِ فِي الْفَضِيلَةِ (عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِاسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى خِلَافَتِهِ وَكَانَتْ مُدَّتُهُ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ وَكَسْرًا، تُوُفِّيَ وَسِنُّهُ كَسِنِّ أَبِي بَكْرٍ. (ثُمَّ) يَلِيه فِي الْفَضِيلَةِ (عُثْمَانُ) بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً ثُمَّ قُتِلَ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا (ثُمَّ) يَلِيهِ فِي الْفَضِيلَةِ (عَلِيٌّ) بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ الْخِلَافَةَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ وَقِيلَ: خَمْسُ سِنِينَ تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ قَتَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ وَدُفِنَ فِي مِحْرَابِ مَسْجِدِهَا. (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) وَعَنَّا بِهِمْ (أَجْمَعِينَ) وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية العدوي]
رَاشِدٍ وَهَادٍ اسْمُ فَاعِلٍ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ الَّذِي صَارَ بِهِ اسْمَ فَاعِلٍ أَثَرًا عَنْ غَيْرِهِ، فَمَعْنَى رَاشِدٍ وَهَادٍ ذَاتٌ اتَّصَفَتْ بِالرُّشْدِ وَالْهَدْي.
[قَوْلُهُ: أَيْ هَدَاك إلَخْ] قَضِيَّةُ الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ يُقَالُ: أَيْ أَصْلَحَك قَائِلًا وَهُوَ أَيْ الصَّلَاحُ إصَابَةُ الصَّوَابِ اهـ.
وَظَاهِرُهُ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا. [قَوْلُهُ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ] صَدَّقَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّبُوَّةِ بِغَيْرِ تَلَعْثُمٍ، وَفِي الْمِعْرَاجِ بِلَا تَرَدُّدٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ. [قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ] زَادَ بَعْضُهُمْ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَدَلَ الْعَشَرَةِ تِسْعُ لَيَالٍ. [قَوْلُهُ: وَمَاتَ] أَيْ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِثَمَانٍ بَلَغَتْ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشَرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ شِدَّةُ وَجْدِهِ وَحُزْنِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [قَوْلُهُ: وَسِنُّهُ كَسِنِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] أَيْ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً. [قَوْلُهُ: بِاسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ] وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ دَعَا عُثْمَانَ وَأَمْلَى عَلَيْهِ كِتَابَ وَصِيَّةٍ بِالْخِلَافَةِ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلَمَّا كَتَبَ خَتَمَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحِيفَةَ وَأَمَرَ عُثْمَانَ فَخَرَجَ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا فَبَايَعَ النَّاسُ وَرَضُوا بِهِ وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ إذَا أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ لِأَحَدٍ تُتَّبَعُ وَصِيَّتُهُ [قَوْلُهُ: وَكَسْرًا] وَالْكَسْرُ عِنْدَ الْحِسَابِ جُزْءٌ غَيْرُ تَامٍّ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَاحِدِ كَالنِّصْفِ وَالْعُشْرِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا دُونَ السَّنَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الشَّارِحُ ذَلِكَ الْكَسْرَ وَبَعْضٌ عَيَّنَهُ فَقَالَ: وَمُدَّةُ خِلَافَتِهِ عَشْرُ سِنِينَ وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ بَدَلَ الثَّمَانِيَةِ خَمْسُ لَيَالٍ. [قَوْلُهُ: تُوُفِّيَ] أَيْ عُمَرُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ لِأَرْبَعَ عَشَرَةَ لَيْلَةَ مَضَتْ مِنْهُ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ. [قَوْلُهُ: وَسِنُّهُ كَسِنِّ أَبِي بَكْرٍ] لَمْ يَقُلْ كَسِنِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَلِي أَبَا بَكْرٍ فِي الْفَضْلِ كَمَا ذُكِرَ. [قَوْلُهُ: وَلِيَ الْخِلَافَةُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ] وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ عُمَرَ اسْتِخْلَافٌ لَهُ كَمَا وَقَعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَكَذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ عُثْمَانَ اسْتِخْلَافٌ لِعَلِيٍّ. [قَوْلُهُ: وَعُدْوَانًا] الْعُدْوَانُ هُوَ الظُّلْمُ فَهُوَ عَطْفُ مُرَادِفٍ قُتِلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَدُفِنَ يَوْمَ السَّبْتِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ] أَيْ كُلِّهِمْ فَإِنْ قُلْت: يَرُدُّ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي مِنْ مُنَازَعَةِ مُعَاوِيَةَ لَهُ قُلْت: أَفَادَ السَّعْدُ أَنَّ مُنَازَعَةَ مُعَاوِيَةَ لَمْ تَكُنْ عَنْ نِزَاعٍ فِي خِلَافَتِهِ بَلْ عَنْ خَطَأٍ فِي الِاجْتِهَادِ، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: مُلْجَمٍ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: اسْمُ مَفْعُولٍ اهـ. فَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ.
[قَوْلُهُ: وَدُفِنَ فِي مِحْرَابِ مَسْجِدِهَا] وَقِيلَ: بِقَصْرِ الْأُمَرَاءِ وَقِيلَ: لَا يُعْرَفُ قَبْرُهُ وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَعَنَّا بِهِمْ] أَيْ وَرَضِيَ عَنَّا بِسَبَبِهِمْ، أَيْ بِالْحُبِّ أَوْ التَّوَسُّلِ. [قَوْلُهُ: الْخِلَافَةُ] هِيَ النِّيَابَةُ عَنْهُ فِي عُمُومِ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ إقَامَةِ الدِّينِ وَصِيَانَةِ الْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ يَجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ الِاتِّبَاعُ لَهُمْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مُخَالَفَتُهُمْ.
وَقَالَ عج: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِلَافَةَ حَقُّ الْخِلَافَةِ وَهِيَ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ، إنَّمَا هِيَ خِلَافَةُ الَّذِينَ صَدَقُوا هَذَا الِاسْمَ بِأَعْمَالِهِمْ وَعَمِلُوا بِسُنَّتِهِ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إذَا خَالَفُوا سُنَّتَهُ وَبَدَّلُوا سِيرَتَهُ فَهُمْ حِينَئِذٍ مُلُوكٌ وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute