للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ لَهَا) أَيْ لِلْمُسْتَحَاضَةِ، ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهِيَ الَّتِي لَا يَرْقَأُ دَمُهَا يَعْنِي لَا يَنْقَطِعُ (وَلِسَلِسِ الْبَوْلِ) بِكَسْرِ اللَّامِ الَّتِي بَيْنَ السِّينَيْنِ اسْمُ فَاعِلٍ صِفَةٌ لِلرَّجُلِ، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْخَارِجِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ لِصَاحِبِ سَلَسِ الْبَوْلِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَعْنَاهُ أَنْ يَكْثُرَ بَوْلُ الْإِنْسَانِ بِلَا حُرْقَةٍ، (أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ.

وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ فَرْجِهِمَا قَوْلَانِ وَأَمَّا إنْ لَازَمَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَوْ سَلَسُ الْبَوْلِ وَلَمْ يُفَارِقْ فَلَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ؛ لِأَنَّهُ حَرَجٌ، وَلَا يُسْتَحَبُّ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُضُوءِ مَعَ سَيَلَانِ النَّجَاسَةِ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ كَثْرَةُ الْمُلَازَمَةِ وَقِلَّتُهَا بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا؟ قَوْلَانِ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِسُقُوطِ الْوُضُوءِ عَنْ صَاحِبِ السَّلَسِ فَهَلْ يَكُونُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجِبُ الْوُضُوءُ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَهُوَ مُلَازَمَةُ النِّصْفِ أَوْ الْأَكْثَرِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا إلَخْ [قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ إتْيَانُهُ إلَخْ] تَرَكَ مَا إذَا لَازَمَ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الْحَالَةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ مِنْهَا الْوُضُوءُ وَعِنْدَ مُلَازَمَةِ كُلِّ الزَّمَنِ يَنْتَفِي الِاسْتِحْبَابُ [قَوْلُهُ: لَا يَرْقَأُ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَرَقَأَ الدَّمُ وَالدَّمْعُ رَقْئًا مَهْمُوزًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَرُقُوءًا عَلَى فُعُولٍ انْقَطَعَ بَعْدَ جَرَيَانِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي لَا يَنْقَطِعُ] أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ فَيَصْدُقُ بِمُلَازَمَةِ كُلِّ الزَّمَنِ وَبِمُفَارَقَةِ أَكْثَرِهِ اللَّذَيْنِ لَيْسَا مُرَادَيْنِ، وَبِمُلَازَمَةِ الْجُلِّ أَوْ النِّصْفِ فَيُوَافِقُ قَوْلَ النَّوَوِيِّ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَالِاسْتِحَاضَةُ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ الْمُعْتَادَةِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَلِسَلِسِ الْبَوْلِ إلَخْ] لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْبَوْلِ بِالذِّكْرِ بَلْ سَلِسُ كُلِّ حَدَثٍ بَوْلًا أَوْ رِيحًا أَوْ مَنِيًّا فَالْجَمِيعُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ النَّقْضِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهَا، وَلَازَمَ وَلَوْ نِصْفَ الزَّمَنِ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِ بِتَدَاوٍ أَوْ تَسَرٍّ أَوْ تَزْوِيجٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَاقِضًا إلَّا فِي مُدَّةِ تَدَاوِيهِ [قَوْلُهُ: اسْمُ فَاعِلٍ] فَهُوَ مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ [قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْخَارِجِ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى الْفَتْحِ يَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ لَا بَيَانِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْبَيَانِيَّةَ هِيَ الَّتِي يَكُونُ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ.

[قَوْلُهُ: بِلَا حُرْقَةٍ] اسْمٌ مِنْ الِاحْتِرَاقِ وَهِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ يَكْثُرُ بَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَرَى احْتِرَاقًا أَيْ حَرَارَةً؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الِاحْتِرَاقِ تَكُونُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى إمْسَاكِ الْبَوْلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَادِقٌ بِالْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُنَا فِي الَّذِي يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ هُوَ الْمُلَازِمُ لِلْجُلِّ وَالنِّصْفِ. [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ إلَخْ] ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ كَوْنَهُ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ مِنْ تَمَامِ الْمُسْتَحَبِّ أَيْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِحْبَابَ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا اتَّصَلَ بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَصِلْهُ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِحْبَابُ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْوُضُوءَ فِي ذَاتِهِ مُسْتَحَبٌّ، وَكَوْنُهُ مُتَّصِلًا بِالصَّلَاةِ مُسْتَحَبٌّ آخَرُ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ إلَخْ] أَيْ فَصَاحِبُ الطِّرَازِ يَقُولُ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَسَحْنُونٌ يَقُولُ بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ الْحَدَثِ [قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَحَبُّ إلَخْ] وَكَذَا إذَا شَقَّ فِي حَالَتَيْ الِاسْتِحْبَابِ لَا نَدْبَ، وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ مَحَلُّهَا مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ صَاحِبُ السَّلَسِ خُرُوجَ الْبَوْلِ أَوْ الْمَذْيِ مَثَلًا فَإِنْ تَعَمَّدَ بِأَنْ لَاعَبَ زَوْجَتَهُ فَأَمْذَى فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَيَدْخُلُ فِي الْمُلَازَمَةِ حُكْمَا مَا إذَا كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَحْدَثَ وَإِذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ وَتَيَمَّمَ فَلَا فَإِنَّ وُضُوءَهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْتَقِضُ بِذَلِكَ أَفَادَهُ عج.

[قَوْلُهُ: بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ] وَهِيَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ثَانِيَ يَوْمٍ، وَأَمَّا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ فَلَيْسَ وَقْتَ صَلَاةٍ، وَاعْتَمَدَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ هَذَا الْقَوْلَ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا فَرَضْنَا أَنَّ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دَرَجَةً، وَغَيْرَ وَقْتِهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ فَأَتَاهُ فِيهَا، وَفِي مِائَةِ دَرَجَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْقُضُ لِمُفَارَقَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَنِ، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ الْإِطْلَاقُ لَا يَنْقُضُ لِمُلَازَمَتِهِ أَكْثَرَ الزَّمَنِ، وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْإِتْيَانُ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُنْضَبِطًا بِأَنْ يَأْتِيَهُ فِي إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ أَوْ يُؤَخِّرُ، فَإِذَا كَانَ يَأْتِيهِ فِيهِ وَقْتَ الظُّهْرِ كُلَّهُ فَيُؤَخِّرُهَا لِوَقْتِ الْعَصْرِ، وَإِذَا كَانَ يَأْتِيهِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ كُلِّهِ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>