بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا مَا يَحْكُمُ بِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْحَيْضِ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً، وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ يُعَاوِدُهَا دَمٌ أَمْ لَا، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: (وَلَكِنَّ ذَلِكَ) أَيْ الدَّمَ الْمُتَخَلِّلَ (كُلَّهُ كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) أَنَّهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ لِمَا هُوَ حُكْمُهَا مِنْ عَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً فِي بَقِيَّةِ عُمْرِهَا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: كَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّمُ أَكْثَرَ وَإِلَّا جَمَعَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ طُهْرًا وَأَيَّامَ الْحَيْضِ حَيْضًا حَقِيقَةً فَتَكُونُ طَاهِرًا حَائِضًا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلَوْ بَقِيَتْ كَذَلِكَ طُولَ عُمْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهَا تَكُونُ حَائِضًا طَاهِرًا فِي الْعِبَادَةِ أَبَدًا بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ طَاهِرًا فِيهِمَا (حَتَّى يَبْعُدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ) بُعْدًا بَيِّنًا بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَنُ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَهُوَ (مِثْلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ) عَلَى قَوْلٍ (أَوْ عَشَرَةٍ) أَيْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عَلَى آخَرَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا
ــ
[حاشية العدوي]
عَادَتَهَا وَاسْتِظْهَارَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدِئَةً لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ، فَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا الْمُخْتَلِفِ، ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، فَلَيْسَ لِلْأَكْثَرِيَّةِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ مُطَّرِدٌ فِي النِّسَاءِ [قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ إلَخْ] أَيْ الَّذِي هُوَ زَمَنُ التَّلْفِيقِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي] أَيْ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْعَوْدِ [قَوْلُهُ: هَلْ يُعَاوِدُهَا] أَيْ فِي الْوَقْتِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا، فَإِذَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ يَأْتِيهَا فِي الْوَقْتِ وَلَوْ الضَّرُورِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَنَا. [قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ أَكْثَرَ] كَأَنْ تَحِيضَ يَوْمَيْنِ وَتَطْهُرَ يَوْمًا. [قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ] كَأَنْ تَحِيضَ يَوْمًا وَتَطْهُرَ يَوْمَيْنِ وَالْمُسَاوَاةُ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ إلَخْ] قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ مِنْ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الَّتِي هِيَ الْأَطْهَارُ لِأَنَّهَا الْمَنْظُورُ إلَيْهَا مَعَ وَصْفِ الِالْتِفَاتِ لِلدَّمِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الدِّمَاءِ، وَالطُّهْرُ الَّذِي بَيْنَ الدِّمَاءِ لَا يُعْتَبَرُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ تَلْفِيقُ الْعَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ] مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشَبَّهِ وَالتَّقْدِيرُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَدَمٍ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةٍ] هَذَا فِي الَّتِي عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا] وَهُوَ الْخُلُوُّ مِنْ الْعَادَةِ الَّذِي هُوَ حَالُ الْمُبْتَدِئَةِ، وَالْعَادَةُ الَّتِي هِيَ دُونَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةً] أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ قَدْرُ عَادَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي تت وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إلَخْ] الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرَ [قَوْلُهُ: وَابْنُ الْمَاجِشُونِ] هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وَالْمَاجِشُونَ أَبُو سَلَمَةَ وَالْمَاجِشُونُ الْوَرْدُ بِالْفَارِسِيَّةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَيُقَالُ إنَّهُ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَقَوْلُهُمْ: الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَمَعَتْ إلَخْ] تَحْتَهُ صُورَتَانِ مَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُ الطُّهْرِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِجَعَلَتْ أَيْ فَتَكُونُ فِي يَوْمِ الطُّهْرِ طَاهِرًا حَقِيقَةً يَطَؤُهَا زَوْجُهَا، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي، وَفِي يَوْمِ الْحَيْضِ حَائِضًا حَقِيقَةً يُحَرَّمُ مَا ذُكِرَ مِنْ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ.
[قَوْلُهُ: حَائِضًا طَاهِرًا إلَخْ] أَيْ حَيْثُ قَالَ: كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهَا فِي يَوْمِ الدَّمِ حَائِضٌ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ، وَفِي يَوْمِ انْقِطَاعِهِ طَاهِرٌ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا الظَّاهِرُ ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ طَاهِرًا] أَيْ بِحَيْثُ تَعُدُّ الْحَيْضَ الثَّانِيَ حَيْضًا مُسْتَقِلًّا تَحْتَسِبُ بِهِ فِي عِدَّتِهَا أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْمَنْفِيَّةِ طَهَارَةٌ مُعْتَبَرَةٌ يُعَدُّ الدَّمُ الْآتِي دَمًا مُسْتَقِلًّا تَحْتَسِبُ بِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا طَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْعِبَادَةُ [قَوْلُهُ: مِثْلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ] مِثْلُ زَائِدَةٌ [قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلٍ] هُوَ لِسَحْنُونٍ [قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ] هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا] وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ
[قَوْلُهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ] أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute