النَّجَاسَةِ فَإِنْ لَمْ تَزُلْ الرَّائِحَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ، (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَحُكَّ يَدَهُ وَيَغْسِلَهَا (يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالِاسْتِجْمَارِ هُوَ الْأَفْضَلُ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ.
(وَ) عِنْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (يُوَاصِلُ) أَيْ يُوَالِي (صَبَّهُ) مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الْإِزَالَةِ وَأَقْرَبُ لَهَا، (وَيَسْتَرْخِي) مَعَ ذَلِكَ (قَلِيلًا) ؛ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ فِيهِ طَيَّاتٌ، فَإِذَا قَابَلَهُ الْمَاءُ انْكَمَشَ فَإِذَا اسْتَرْخَى تَمَكَّنَ مِنْ غَسْلِهِ (وَيُجِيدُ عَرْكَ ذَلِكَ) الْمَخْرَجِ (بِيَدِهِ) إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ (حَتَّى يَتَنَظَّفَ) مِنْ الْأَذَى، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِقَطْعِ يَدٍ أَوْ قِصَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ اسْتَنَابَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَجُوزُ لَهُ مُبَاشَرَةُ ذَلِكَ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ، وَلَمَّا كَانَ فِي قَوْلِهِ وَيَسْتَرْخِي إيهَامٌ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُسْتَنْجِي لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا (غَسْلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ) صَوَابُهُ مِنْ الْمَخْرَجِ
ــ
[حاشية العدوي]
الشَّارِحِ مَعَ الْحَكِّ لَيْسَ الْمُرَادُ مُصَاحَبَةَ الْغَسْلِ لِلْحَكِّ فِي الزَّمَانِ، بَلْ الْمُرَادُ الْمُصَاحَبَةُ فِي الْوُجُودِ فَلَا يُنَافِي أَنْ يَحُكَّ أَوَّلًا، ثُمَّ يَغْسِلَ أَيْ بِدُونِ حَكٍّ، وَيُحْتَمَلُ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَحُكُّهَا أَوَّلًا ثُمَّ يَغْسِلُهَا مَعَ حَكٍّ آخَرَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ الْحَكِّ أَيْ جِنْسِ الْحَكِّ الْمُتَحَقَّقِ فِي فَرْدٍ آخَرَ.
[قَوْلُهُ: لِيُزِيلَ عَنْهَا أَثَرَ النَّجَاسَةِ] أَيْ الْحُكْمَ وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِلْغَسْلِ، وَفَائِدَةُ الْحَكِّ ثَانِيًا عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي زَوَالُ الرَّائِحَةِ، وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَكِّ الصَّابُونُ وَالْأُشْنَانُ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يُزِيلُ الرَّائِحَةَ، وَفِي كِلَا التَّقْرِيرَيْنِ إشْكَالٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَيُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِي الْغَسْلِ بَعْدَ الْحَكِّ؛ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ الِاسْتِنْجَاءَ بَعْدُ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْغَسْلِ يَحْصُلُ بِالِاسْتِنْجَاءِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْغَسْلَ مَعَ الْحَكِّ يُغْنِي عَنْ الْحَكِّ أَوَّلًا وَحْدَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ جَوَابًا عَنْ الثَّانِي الْحَكُّ أَوَّلًا لِلتَّقْلِيلِ، أَيْ وَأَمَّا الْغَسْلُ مَعَ الْحَكِّ الثَّانِي فَهُوَ لِزَوَالِ الْحُكْمِ وَالرَّائِحَةِ، وَقَدْ حَلَّ تت الْمُصَنِّفُ بِحَلٍّ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَصُّهُ، وَيَغْسِلُهَا بِمَا يُزِيلُ بِهِ الرَّائِحَةَ كَالصَّابُونِ إلَخْ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُزَلْ الرَّائِحَةُ إلَخْ] فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ فَلَا بُطْلَانَ فَزَوَالُهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ] الْمُرَادُ لَا يُلَامُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الرَّائِحَةِ مَنْدُوبٌ، [قَوْلُهُ: يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ] وَلَا حَاجَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لِغَسْلِهَا بِكَتُرَابٍ إذْ غَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ إذَا اسْتَجْمَرَ بِهَا ابْتِدَاءً، ثُمَّ اسْتَنْجَى أَوْ اسْتَنْجَى بِدُونِ الِاسْتِجْمَارِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ بَلِّهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا اسْتَجْمَرَ ابْتِدَاءً بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ اسْتَنْجَى فَلَا يُطْلَبُ بِذَلِكَ وَكَهَذِهِ الصُّورَةِ، [قَوْلُهُ: لِفِعْلِهِ إلَخْ] اُنْظُرْ هَلْ ذَلِكَ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْ.
[قَوْلُهُ: يُوَاصِلُ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: وَيَسْتَرْخِي إلَخْ] أَيْ نَدْبًا أَيْ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ وَكَذَا حَالَ الِاسْتِجْمَارِ، وَلَكِنْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ الْعِلَّةِ رُبَّمَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَقَدْ أَشَارَ لِذَلِكَ حُلُولُو فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ كَذَا قَالَ عج.
[قَوْلُهُ: تَمَكَّنَ مِنْ غَسْلِهِ] أَيْ أَوْ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، [قَوْلُهُ: وَيُجِيدُ إلَخْ] الظَّاهِرُ نَدْبًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَدْبِ الِاسْتِرْخَاءِ [قَوْلُهُ: حَتَّى يَتَنَظَّفَ إلَخْ] أَيْ بِأَنْ تَذْهَبَ النُّعُومَةُ وَتَظْهَرَ الْخُشُونَةُ وَيَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي ذَلِكَ، [قَوْلُهُ: لِقَطْعِ يَدٍ أَوْ قِصَرٍ] أَيْ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لَا الْيُسْرَى فَقَطْ كَذَا قَالَ عج.
[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ] أَيْ كَسِمَنٍ [قَوْلُهُ: اسْتَنَابَ إلَخْ] أَيْ وُجُوبًا أَوْ سُنَّةً عَلَى الْخِلَافِ، لَكِنَّ الزَّوْجَةَ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُنْدَبُ لَهَا فَقَطْ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيُجْبِرُهَا عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَتَضَرَّرَ، وَيَلْزَمُهُ شِرَاءُ أَمَةٍ لِذَلِكَ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا عَجَزَتْ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِنَفْسِهَا فَلَهَا أَنْ تُمَكِّنَ زَوْجَهَا إنْ طَاعَ وَيُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ غَيْرَهُ وَلَوْ أَمَتَهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَوْرَةَ الْحُرَّةِ مَعَ الْمَرْأَةِ وَلَوْ أَمَتَهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ.
[قَوْلُهُ: سُرِّيَّةٍ] بِضَمِّ السِّينِ [قَوْلُهُ: إيهَامُ] أَيْ إيهَامُ أَنَّهُ يَغْسِلُ مَا بَطَنَ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ [قَوْلُهُ: لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا] أَيْ بَلْ حَرَامٌ فَقَدْ قَالَ عج وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ أَنَّ إدْخَالَ الْأُصْبُعِ فِي أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حَرَامٌ اهـ.
وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحُقْنَةَ مَكْرُوهَةٌ فَمَا الْفَرْقُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْحُقْنَةُ شَأْنُهَا أَنْ تُفْعَلَ لِلتَّدَاوِي، كَذَا أَجَابَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ [قَوْلُهُ: صَوَابُهُ مِنْ الْمَخْرَجِ] أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمَخْرَجَيْنِ الدُّبُرُ، وَقُبُلُ الْمَرْأَةِ فَالْمُصَوِّبُ لَاحَظَ الْعُمُومَ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ فَتُنْهَى الْمَرْأَةُ