للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَرَفٍ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَجْمَرَ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ لَا يُجْزِئُ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ وَلَوْ بِحَجَرٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ، وَصِفَةُ الِاسْتِجْمَارِ بِالثَّلَاثَةِ فِي مَحَلِّ الْغَائِطِ أَنْ يَمْسَحَ بِالْأَوَّلِ الْجِهَةَ الْوَاحِدَةَ، وَبِالثَّانِي الْجِهَةَ الثَّانِيَةَ، وَبِالثَّالِثِ جَمِيعَ الْمَخْرَجِ، وَصِفَتُهُ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْحَجَرَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى، وَيَمْسَحَ ذَكَرَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَهَكَذَا حَتَّى يَجِفَّ ذَكَرُهُ، وَلَمَّا أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الْأَحْجَارَ تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مُسَاوَاةُ ذَلِكَ لِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَحْدَهُ فِي الْفَضْلِ دَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ: (وَالْمَاءُ أَطْهَرُ) لِلْمَحَلِّ إذْ لَا يُبْقِي عَيْنًا وَلَا أَثَرًا (وَأَطْيَبُ) لِلنَّفْسِ إذْ يُذْهِبُ الشَّكَّ (وَأَحَبُّ إلَى الْعُلَمَاءِ) كَافَّةً إلَّا ابْنَ الْمُسَيِّبِ فَإِنَّهُ قَالَ: الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ فِعْلِ النِّسَاءِ، وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

مَنْ قَالَ هُمَا طَائِفَتَانِ طَائِفَةٌ تَشُمُّ وَطَائِفَةٌ تَأْكُلُ ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ اللَّقَانِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَلَا شَرَفٍ] أَيْ لَا ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ بِذِي حُرْمَةٍ لَكَفَاهُ، وَهَذَا الَّذِي اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْقُيُودُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْأَرْضِ كَحَجَرٍ وَكِبْرِيتٍ وَطِينٍ يَابِسٍ، أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا كَخَشَبٍ وَقُطْنٍ وَنُخَالَةٍ خَالِصَةٍ مِنْ أَجْزَاءِ الطَّعَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِجْمَارُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ إلَّا الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ الطَّاهِرَيْنِ وَجِدَارَ نَفْسِهِ فَيُكْرَهُ، وَمَحَلُّ النَّهْيِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ بِهِ، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ أَنْ يَتَّبِعَهَا بِالْمَاءِ فَيَجُوزُ إلَّا الْمُحْتَرَمَ مِنْ مَطْعُومٍ وَذِي شَرَفٍ مِنْ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَمَكْتُوبٍ وَجِدَارِ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، وَرَوْثٍ وَعَظْمٍ طَاهِرَيْنِ وَمُؤْذٍ أَذِيَّةً شَدِيدَةً كَنَجَسٍ كَمَا يُفِيدُهُ عج عَلَى خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: بِدُونِ الثَّلَاثَةِ لَا يُجْزِئُ إلَخْ] أَيْ تَبَعًا لِابْنِ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ دُونَ الثَّلَاثَةِ لَا يُجْزِئُ وَلَوْ أَنْقَى.

[قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا حَصَلَ إلَخْ] لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ آخَرَ وَحَاصِلُهُ، أَنَّهُ يُنْدَبُ الْوَتْرُ إنْ أَنْقَى الشَّفْعُ، وَإِلَّا وَجَبَ الْوَتْرُ ثُمَّ النَّدْبُ يَنْتَهِي لِسَبْعٍ، فَإِذَا أَنْقَى بِثَمَانٍ لَمْ يُطْلَبْ بِتَاسِعٍ، وَهَكَذَا الْوَاحِدُ إنْ أَنْقَى فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَمْسَحَ الْأَوَّلَ الْجِهَةَ الْوَاحِدَةَ] أَيْ الْيُمْنَى كَمَا قَالَ السَّنْهُورِيُّ وَقِيلَ إنَّهُ يَمْسَحُ جَمِيعَ الْمَحَلِّ بِكُلِّ حَجَرٍ حَتَّى يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَوْتَرَ، وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَخْرُجُ آخِرُهُنَّ نَقِيًّا وَارْتَضَاهُ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَرْتَضِيهِ، وَقِيلَ لِكُلِّ صَفْحَةٍ حَجَرٌ وَالثَّالِثُ لِلْوَسَطِ فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ.

[قَوْلُهُ: بِيَدِهِ الْيُسْرَى] أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الذَّكَرِ كَائِنًا بِيَدِهِ الْيُسْرَى، [قَوْلُهُ: وَالْمَاءُ أَطْهَرُ] أَيْ أَشَدُّ تَطْهِيرًا لِلْمَحَلِّ مِنْ تَطْهِيرِ الْحَجَرِ لَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَطْيَبَ مَأْخُوذَانِ مِنْ طَهَّرَ وَطَيَّبَ الْمُضَاعَفَيْنِ بَعْدَ حَذْفِ الزَّوَائِدِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَهُوَ ثَانِي الْمُضَعَّفَيْنِ فَلَا يُرَدُّ مَا يُقَالُ أَنَّهُمَا مَأْخُوذَانِ مِنْ طَهُرَ وَطَابَ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يُبْنَى إلَّا مِنْ الثُّلَاثِيِّ، وَذَلِكَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ أَشَدُّ مِنْ الطَّهَارَةِ الْقَائِمَةِ بِالْحَجَرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا.

[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَبْقَى إلَخْ] أَيْ وَالْحَجَرُ إنَّمَا يُزِيلُ الْعَيْنَ فَقَطْ [قَوْلُهُ: وَأَطْيَبُ] عَطْفٌ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ، وَقَوْلُهُ أَيْ يُذْهِبُ الشَّكَّ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَطْيَبُ وَفِي الْحَقِيقَةِ عِلَّةٌ لَهُ أَيْ إنَّمَا كَانَ أَطْيَبَ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الشَّكَّ.

[قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَى الْعُلَمَاءِ] أَيْ مِنْ الْحَجَرِ وَحْدَهُ، وَإِلَّا فَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْحَجَرِ هُوَ الْأَفْضَلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، ثُمَّ يَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَاءِ وَغَيْرِ الْحَجَرِ مِنْ كُلِّ طَاهِرٍ مُنَقٍّ، ثُمَّ الْمَاءُ وَحْدَهُ، ثُمَّ الْحَجَرُ وَحْدَهُ، ثُمَّ غَيْرُ الْحَجَرِ وَحْدَهُ مِنْ كُلِّ طَاهِرٍ مُنَقٍّ فَالْمَرَاتِبُ خَمْسَةٌ لَا ثَلَاثَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِجْمَارِ فَقِيلَ صَارَ طَاهِرًا، وَقِيلَ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا ابْنَ الْمُسَيِّبِ] قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: وَالْمُسَيِّبُ وَالِدُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْمُسَيِّبُ صَحَابِيٌّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ سَعِيدٌ يَكْرَهُ فَتْحَهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَاجِبِهِنَّ] أَيْ مُتَعَيَّنٌ فِي حَقِّهِنَّ فَلَا يَجْزِيهِنَّ الِاسْتِجْمَارُ فَلَمْ يُخَالِفْ الْجُمْهُورَ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ يَتَعَيَّنُ فِي حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَمَنِيٍّ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَا يَكْفِي غَسْلُهُ، وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ أَوْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ جَامَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>