للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ» . الْحَدِيثَ.

(وَ) مَعَ ذَلِكَ (يُشْعِرُ) أَيْ يُعْلِمُ (نَفْسَهُ أَنَّ ذَلِكَ) الْوُضُوءَ (تَأَهُّبٌ) أَيْ اسْتِعْدَادٌ (وَتَنَظُّفٌ) مِنْ الذُّنُوبِ وَالْأَدْرَانِ، وَرُوِيَ تَأَهُّبًا وَتَنَظُّفًا بِالنَّصْبِ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَوُجِّهَتْ بِأَنَّهَا خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَخَبَرُ أَنَّ (لِمُنَاجَاةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَالَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّإِ.

[قَوْلُهُ: يَخْرُجُ إلَخْ] جَوَابُ الشَّرْطِ [قَوْلُهُ: كُلُّ خَطِيئَةٍ] أَيْ إثْمٍ [قَوْلُهُ: نَظَرَ إلَيْهَا بِعَيْنِهِ] بِالْإِفْرَادِ وَيُرْوَى بِالتَّثْنِيَةِ، أَيْ نَظَرَ إلَى سَبَبِهَا إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ مُبَالَغَةً، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ يُكَفِّرُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ مَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ الْخَطَايَا. [قَوْلُهُ: مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ] شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، وَقِيلَ: لَيْسَ بِشَكٍّ بَلْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ نَظَرًا إلَى الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، فَإِنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْمَاءِ وَالنِّهَايَةَ بِآخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ كَذَا قَالَهُ شَارِحُ الْحَدِيثِ أَيْ خَرَجَتْ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ إلَخْ.

قَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ: وَتَخْصِيصُ الْعَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْوَجْهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْعَيْنِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَيْنِ أَكْثَرُ فَإِذَا خَرَجَ الْأَكْثَرُ خَرَجَ الْأَقَلُّ، فَالْعَيْنُ كَالْغَايَةِ لِمَا يُغْفَرُ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لِأَنَّ الْعَيْنَ طَلِيعَةُ الْقَلْبِ وَرَائِدُهُ فَإِذَا ذُكِّرَتْ أَغْنَتْ عَنْ سِوَاهَا اهـ.

[قَوْلُهُ: قَطْرِ الْمَاءِ] مَصْدَرُ قَطَرَ مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ سَيَلَانِهِ. [قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ] تَمَامُهُ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ اهـ. زَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ ظُفْرِهِ» .

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِالْخَطَايَا الَّتِي يُكَفِّرُهَا الْوُضُوءُ الصَّغَائِرُ، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ اهـ.

كَلَامُ التَّحْقِيقِ. وَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الرَّأْسُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُكْتَسَبَ بِهَا الْمُحَرَّمُ كَأَنْ تَكُونَ قَلَنْسُوَةٌ تُسَاوِي دِرْهَمًا مُعَلَّقَةً فَيَلْقَفُهَا بِرَأْسِهِ أَوْ يَتَفَكَّرُ فِي أَمْرٍ مُحَرَّمٍ، وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ عج إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا نَادِرٌ، وَالْفِكْرُ فِي الْقَلْبِ عَلَى التَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ قَالَ عج: لَكِنْ فِي ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ. «فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ» اهـ. وَهُوَ قَوْلُهُ: نَقِيًّا أَيْ نَظِيفًا.

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: اُخْتُلِفَ هَلْ يُغْفَرُ لَهُ بِهَذَا الْكَبَائِرُ إذَا لَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا أَمْ لَا يُغْفَرُ سِوَى الصَّغَائِرِ؟ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَظَالِمُ الْعِبَادِ، وَقَالَ فِي الْمُفْهِمِ: لَا يَبْعُدُ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْخَاصِ تُغْفَرُ لَهُ الْكَبَائِرُ وَالصَّغَائِرُ بِحَسَبِ مَا يُحْضِرُهُ مِنْ الْإِخْلَاصِ وَيُرَاعِيهِ مِنْ الْإِحْسَانِ وَالْآدَابِ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ إنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً كَتَبَ لَهُ بِهِ حَسَنَاتٍ، وَرَفَعَ بِهِ دَرَجَاتٍ، وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً رَجَوْنَا أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ اهـ.

مِنْ شَارِحِ الْمُوَطَّإِ. [قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ] أَيْ مَعَ عَمَلِهِ عَمَلَ الْوُضُوءِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ يُشْعِرُ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَمَعَ ذَلِكَ أَيْضًا. [قَوْلُهُ: يُشْعِرُ] أَيْ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَمَا قَالَهُ عج، وَيُشْعِرُ مِنْ أَشْعَرَ فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ. [قَوْلُهُ: أَيْ اسْتِعْدَادٌ] مُتَعَلِّقُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ لِمُنَاجَاةٍ فَاللَّامُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لِلتَّعْدِيَةِ. [قَوْلُهُ: وَتَنَظُّفٌ مِنْ الذُّنُوبِ] أَيْ ذُو تَنَظُّفٍ مِنْ الذُّنُوبِ.

ثُمَّ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَطْمَعَ فِي التَّطْهِيرِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَ نَفْسَهُ أَنَّ ذَلِكَ التَّنْظِيفَ الْمَرْجُوَّ كَائِنٌ لِأَجْلِ مُنَاجَاةِ الرَّبِّ.

[قَوْلُهُ: وَالْأَدْرَانِ] هِيَ الْأَوْسَاخُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الدَّرَنُ الْوَسَخُ وَقَدْ دَرِنَ الثَّوْبُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ دَرِنٌ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ فَعَطْفُ الْأَدْرَانِ مُغَايِرٌ [قَوْلُهُ: وَوُجِّهَتْ بِأَنَّهَا خَبَرٌ لِكَانَ] أَيْ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْ فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ هُنَا هَيْئَةٌ تَكُونُ [قَوْلُهُ: أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خَبَرٌ لِكَانَ، وَالتَّقْدِيرُ وَوُجِّهَتْ بِأَنَّهَا خَبَرٌ لِكَانَ أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ. وَقَوْلُهُ: وَخَبَرُ أَنَّ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>