للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَمَّلَ وُضُوءَهُ شَيْخُنَا، وَالْقَوْلُ بِالتَّأْخِيرِ مُطْلَقًا أَظْهَرُ مِنْ الْمَشْهُورِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ إلَى آخِرِ غُسْلِهِ فَيَغْسِلُهُمَا إذْ ذَاكَ، وَهَذَا صَرِيحٌ وَمَا تَقَدَّمَ ظَاهِرٌ، وَأَنَّى يُقَاوِمُ الظَّاهِرُ الصَّرِيحَ؟ فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ.

(ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ انْتَهَى يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ (يَغْمِسُ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ) الْمَفْتُوحِ وَنَحْوَهُ أَوْ يُفْرِغُ عَلَيْهِ الْمَاءَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَفْتُوحٍ (وَيَرْفَعُهُمَا) بَعْدَ ذَلِكَ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ قَابِضٍ) يَعْنِي غَيْرَ مُغْتَرِفٍ (بِهِمَا شَيْئًا) مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِمَا إلَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِمَا (فَيُخَلِّلُ بِهِمَا أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ) وَيَبْدَأُ فِي ذَلِكَ مِنْ مُؤَخَّرِ الْجُمْجُمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الزُّكَامَ وَالنَّزْلَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُجَرَّبٌ، وَالرَّأْسُ مُذَكَّرٌ لَيْسَ إلَّا وَفِي رِوَايَةٍ أُصُولَ شَعْرِهِ وَالتَّخْلِيلُ وَاجِبٌ إجْمَاعًا عَلَى مَا قَالَهُ عِيَاضٌ، وَعَلَى الْأَشْهَرِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ الْمُتَقَدِّمُ.

ج: وَفِي التَّخْلِيلِ فَائِدَتَانِ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ سُرْعَةُ إيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، وَطِبِّيَّةٌ وَهِيَ تَأَنُّسُ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ فَلَا يَتَأَذَّى لِانْقِبَاضِهِ عَلَى الْمَسَامِّ إذَا حَسَّ بِالْمَاءِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ تَخْلِيلِ شَعْرِ رَأْسِهِ بِيَدَيْهِ (يَغْرِفُ بِهِمَا الْمَاءَ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَالَ زَرُّوقٌ فِيهِ بَحْثٌ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ] لَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ الْمُوَطَّإِ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَنَصُّهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ اهـ» . قَالَ شَارِحُهُ كَانَ إذَا اغْتَسَلَ أَيْ شَرَعَ فِي الْغُسْلِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، احْتِرَازًا عَنْ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ، وَهُوَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ.

قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ إلَى بَعْدَ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: شَيْخُنَا] هُوَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ شَيْخُ الشَّارِحِ وَشَيْخُ تت [قَوْلُهُ: مُطْلَقًا] أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْضِعُ نَقِيًّا أَمْ لَا [قَوْلُهُ: وَأَنَّى يُقَاوِمُ الظَّاهِرُ] أَيْ كَيْفَ يُقَاوِمُ الظَّاهِرُ أَيْ بَعِيدٌ مُقَاوَمَةُ الظَّاهِرِ لِلصَّرِيحِ وَصَاحِبُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ يَحْمِلُ اخْتِلَافَ الْأَخْبَارِ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ وَلَا أُبْعِدُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ الْغَسْلَ مُطْلَقًا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ.

[قَوْلُهُ: فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ] لَوْ قَالَ فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ مَشْهُورًا مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ لَكَانَ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّقْدِيمُ.

[قَوْلُهُ: مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ] أَيْ لَا مَا كَثُرَ قَائِلُهُ وَالْمُقَابِلُ يَقُولُ الْمَشْهُورُ مَا كَثُرَ قَائِلُهُ لَا مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ.

[قَوْلُهُ: يَغْمِسُ يَدَيْهِ] قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يُرِيدُ أَصَابِعَهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَيَرْفَعُهُمَا اهـ. وَغَمَسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ [قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ] أَيْ نَحْوَ الْإِنَاءِ الْمَفْتُوحِ أَيْ كَنَهْرٍ.

[قَوْلُهُ: فَيُخَلِّلُ بِهِمَا أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ] الظَّاهِرُ أَنَّ تِلْكَ الْهَيْئَةَ مِنْ الْغَمْسِ وَالرَّفْعِ وَالتَّخْلِيلِ مُسْتَحَبٌّ وَاحِدٌ.

[قَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْهَيْئَةِ الْمَنْدُوبَةِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمْنَعُ إلَخْ] أَيْ الْبَدْءَ الْمَفْهُومَ مِنْ يَبْدَأُ، [قَوْلُهُ: وَالنَّزْلَةَ] النَّزْلَةُ الزُّكَامُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُرَادِفِ وَهِيَ بِفَتْحِ النُّونِ كَمَا رَأَيْتُهُ مَضْبُوطًا فِي ثَلَاثِ نُسَخٍ مِنْ الْقَامُوسِ يَظُنُّ بِاثْنَتَيْنِ مِنْهَا الصِّحَّةَ.

[قَوْلُهُ: مُجَرَّبٌ] هُوَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ صَحِيحٌ أَيْ إنَّمَا كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّبٌ، [قَوْلُهُ: وَالتَّخْلِيلُ إلَخْ] ذِكْرُ هَذَا الْكَلَامِ هُنَا غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيلَ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ إجْمَاعًا تَخْلِيلُ الشَّعْرِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَرْكَانِ الْغُسْلِ.

[قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ] فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُوَطَّإِ فِي التَّخْلِيلِ الَّذِي هُوَ مَنْدُوبٌ فَلَا يُنَاسِبُ الِاسْتِدْلَالَ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا.

أَلَا تَرَى أَنَّ شَارِحَ الْمُوَطَّإِ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ فَيُخَلِّلُ بِهِمَا أُصُولَ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ هَذَا التَّخْلِيلُ غَيْرُ وَاجِبٍ اتِّفَاقًا إلَّا إنْ كَانَ الشَّعْرُ مُلَبَّدًا بِشَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إلَى أُصُولِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ سُرْعَةٌ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَغَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً تَلَبَّدَ وَتَعَسَّرَ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ [قَوْلُهُ: فَلَا يَتَأَذَّى] أَيْ الرَّأْسُ [قَوْلُهُ: لِانْقِبَاضِهِ عَلَى الْمَسَامِّ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِانْقِبَاضِ الْمَسَامِّ إذَا حَسَّ بِالْمَاءِ أَيْ الَّذِي تَعَلَّقَ بِالْأَصَابِعِ فَإِذَا نَزَلَ الْمَاءُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>