رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ) حَالَ كَوْنِهِ (غَاسِلًا لَهُ بِهِنَّ) وَلَا يُمَكِّنُ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إلَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ مُبَاشَرَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ أَجْزَأَهُ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ دَلْكٍ إذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ أَوْ أَصَابَهُ صَبَابَةُ الْمَاءِ، وَإِنْ وَكَّلَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا فَرَغْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فِي وُجُوبِ الدَّلْكِ فَفِي اشْتِرَاطِ مُقَارَنَتِهِ لِصَبِّ الْمَاءِ قَوْلَانِ:
الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ، وَالثَّانِي لِلْمُصَنِّفِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِأَثَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَبِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عَقِبَ (صَبِّ الْمَاءِ) وَاسْتَظْهَرَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهَا يُؤَدِّي إلَى الْمَشَقَّةِ بِفِعْلِ ذَلِكَ (حَتَّى يَعُمَّ جَسَدَهُ) جَمِيعًا وَيَتَحَقَّقَ ذَلِكَ (وَ) أَمَّا (مَا شَكَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ أَخَذَهُ) أَيْ أَصَابَهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ (مِنْ جَسَدِهِ عَاوَدَهُ بِالْمَاءِ) أَيْ بِمَاءٍ
ــ
[حاشية العدوي]
ذَلِكَ دَفْعَةً فَلَا يَضُرُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدِّمَاغَ لَهُ مَسَامُّ، أَيْ تَفَاتِيحُ تَتَصَعَّدُ مِنْهَا أَبْخِرَةُ الْجَسَدِ، فَإِذَا أَصَابَهَا الْمَاءُ دَفْعَةً وَهِيَ مُنْفَتِحَةٌ نَشَأَ مِنْ ذَلِكَ الزُّكَامُ الْعَظِيمُ وَالْعِلَلُ الْمُعْضِلَةُ، فَإِذَا خَلَّلَ تِلْكَ الْمَسَامَّ بِأَصَابِعِهِ وَعَلَيْهَا الْمَاءُ انْقَبَضَتْ وَانْغَلَقَتْ فَلَا يَضُرُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا حَصَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ كَمَا أَفَادَهُ عج.
[قَوْلُهُ: يَفْرُغُ] بِضَمِّ الرَّاءِ [قَوْلُهُ: عَلَى رَأْسِهِ] حَالٌ وَالتَّقْدِيرُ يَغْرِفُ بِهِمَا الْمَاءَ فِي حَالَةِ كَوْنِهِ صَابًّا عَلَى رَأْسِهِ، [قَوْلُهُ: غَرَفَاتٍ] بِفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ غَرْفَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ، وَغَرْفَةٌ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا.
[قَوْلُهُ: حَالَ كَوْنِهِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْغُسْلَ مُقَارِنٌ لِلْغَرْفِ مَعَ أَنَّهُ بِيَدِهِ، [قَوْلُهُ: غَاسِلًا لَهُ بِهِنَّ] أَيْ دَالِكًا لَهُ بِهِنَّ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَعُمُّ الرَّأْسَ بِكُلِّ غَرْفَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ [قَوْلُهُ: وُجُوبًا عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ فَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ لِغَيْرِهِ، حَكَاهُ ابْنُ نَاجِي [قَوْلُهُ: بِيَدَيْهِ] أَوْ بِيَدٍ أَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ سِوَاهُمَا [قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى الدَّلْكِ] هَذَا مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَمَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الِاسْتِنَابَةُ.
قَالَ الْمَوَّازُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَجَزَ عَنْهُ سَاقِطٌ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ فَيُوَالِي صَبَّ الْمَاءِ وَيُجْزِئُهُ، وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ سَحْنُونَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا أَنَّهُ لَا يُدَلِّكُ بِالْخِرْقَةِ مَعَ أَنَّهُ يُدَلِّكُ بِهَا عِنْدَ التَّعَذُّرِ بِالْيَدِ كَمَا فِي بَهْرَامَ عَنْ سَحْنُونَ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنَّ الْخِرْقَةَ وَالدَّلْكَ بِالْيَدِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَكْفِي الدَّلْكُ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِالْيَدِ، وَكِلَاهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ وَمَعْنَى الدَّلْكِ بِالْخِرْقَةِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُدَلِّكَ بِهِ كَفُوطَةٍ يَجْعَلُ طَرَفَهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالْآخَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَيُدَلِّكُ بِوَسَطِهَا، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ شَيْئًا بِيَدَيْهِ، وَدَلَّكَ بِهِ كَكِيسٍ يُدْخِلُهُ فِي يَدِهِ وَيُدَلِّكُ بِهِ فَإِنَّ الدَّلْكَ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا إنْ كَانَ كَثِيفًا قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ] أَيْ إنْ تَعَذَّرَ الدَّلْكُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ، وَلَيْسَ مِنْ التَّعَذُّرِ إمْكَانُهُ بِحَائِطٍ يَمْلِكُهُ الْمُغْتَسِلُ حَيْثُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالدَّلْكِ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ حَائِطَ حَمَّامٍ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ مِلْكَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ أَوْ حَائِطَ حَمَّامٍ وَلَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ التَّعَذُّرِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ أَصَابَهُ صَبَابَةُ الْمَاءِ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالصَّبَابَةُ بَقِيَّةُ الْمَاءِ فِي الْإِنَاءِ اهـ، أَيْ أَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ الْبَاقِي فِي الْإِنَاءِ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَالْمُرَادُ هُنَا إصَابَةُ مُطْلَقِ مَاءٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إنَاءٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بَقِيَّةَ مَاءٍ.
[قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ بِالْإِجْزَاءِ [قَوْلُهُ: فَفِي اشْتِرَاطِهِ] أَيْ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إلَخْ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ، وَنَصَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدَ بْنُ أَبِي زَيْدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ فِيمَنْ انْغَمَسَ فِي الْبَحْرِ أَوْ مَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ وَتَدَلَّكَ بِالْفَوْرِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بَلْ يُجْزِئُهُ.
[قَوْلُهُ: وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَخْ] أَيْ التَّعْمِيمُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ يَعُمُّ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ فَلَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ، فَلَوْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِذَلِكَ فَهَلْ يَعْمَلُ بِخَبَرِهِ، وَهُوَ مَا لِلْحَطَّابِ قَائِلًا يَقْبَلُ إخْبَارَ الْغَيْرِ بِكَمَالِ الْوُضُوءِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَاحِدًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ أَوْ لَا يَعْمَلَ بِخَبَرِهِ إلَّا إذَا حَصَلَ لَهُ بِخَبَرِهِ الْيَقِينُ وَهُوَ مَا لعج.
[قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا شَكَّ إلَخْ] الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ