للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْتَأْنَفٍ وُجُوبًا، وَلَا يُجْزِئُهُ غَسْلُهُ بِمَا تَعَلَّقَ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ الْمَاءِ (وَدَلَكَهُ بِيَدِهِ) أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَكَذَا إذَا شَكَّ فِي مَوْضِعٍ هَلْ دَلَكَهُ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ لَهُ الْمَاءَ وَيُدَلِّكُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ، وَلَا تَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ لَا تَبْرَأُ إلَّا بِيَقِينٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا كَفَاهُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ. وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يُوعِبَ) أَيْ يَعُمَّ (جَمِيعَ جَسَدِهِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: حَتَّى يَعُمَّ جَسَدَهُ.

وَلَمَّا كَانَ فِي الْجَسَدِ مَوَاضِعُ خَفِيَّةٌ يَنْبُو عَنْهَا الْمَاءُ نَبَّهَ عَلَى تِسْعَةٍ مِنْهَا فَقَالَ: (وَيُتَابِعُ) يَعْنِي بِالْمَاءِ وَالدَّلْكِ (عُمْقُ سُرَّتِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْمِيمِ قَالَهُ ك.

وَقَالَ ق: رُوِيَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ بَاطِنُ السُّرَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْعُمْقُ بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ فِيمَا قَارَبَ الِاسْتِوَاءَ وَالْغَمْقُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِيمَا كَانَ غَائِرًا (وَ) يُتَابِعُ (تَحْتَ حَلْقِهِ) أَيْ مَا يَلِي حَلْقَهُ فَالصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ تَحْتَ ذَقَنِهِ (وَيُخَلِّلُ) وُجُوبًا (شَعْرَ لِحْيَتِهِ) وَسَكَتَ عَنْ تَخْلِيلِ الرَّأْسِ اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ

ــ

[حاشية العدوي]

كَمَا فِي عج فَهُوَ عَدَمُ الْيَقِينِ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ، وَيَشْمَلُ غَلَبَتَهُ، كَذَا قَيَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قُلْت وَيُفِيدُ ذَلِكَ تَعْبِيرَهُ أَوَّلًا بِالتَّحَقُّقِ.

ثُمَّ أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ بِالتَّعْمِيمِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ظُلْمَةً أَمْ لَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ جَسَدِهِ] بَيَانٌ لِمَا مَشُوبَةً بِتَبْعِيضٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لُمْعَةً أَوْ عُضْوًا، [قَوْلُهُ: عَاوَدَهُ بِالْمَاءِ] أَيْ عَاهَدَهُ بِالْمَاءِ أَيْ عَمَّهُ بِالْمَاءِ فَلَيْسَتْ الْمُفَاعَلَةُ عَلَى بَابِهَا، [قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُهُ غَسْلُهُ بِمَا تَعَلَّقَ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ الْمَاءِ] مِنْ الدَّاخِلَةِ عَلَى جَسَدِهِ بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَمِنْ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَاءِ بَيَانِيَّةً، أَيْ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ إمَّا لِكَوْنِهِ صَارَ مُضَافًا أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَجْرِي عَلَى الْعُضْوِ فَيَكُونُ مَسْحًا.

[قَوْلُهُ: وَدَلَكَهُ بِيَدِهِ إلَخْ] تَقَدَّمَ أَنَّ الْيَدَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّلْكِ الْيَدُ بَلْ مِثْلُهَا فِي ذَلِكَ دَلْكُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ بِبَعْضٍ اهـ، فَقَوْلُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ] كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ تَكْفِي فِي وُصُولِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ، أَيْ الْوُصُولُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَأَوْلَى الدَّلْكُ الَّذِي هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: كَفَاهُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَكْفِيهِ مَا شَكَّ فِيهِ وَلَا حَاجَةَ لِظَنٍّ وَلَا غَلَبَتِهِ وَلَا يُعِيدُ غَسْلَهُ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

[قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَكْرَارَ إذْ الْعُمُومُ الْأَوَّلُ فِي الصَّبِّ وَهَذَا فِي الدَّلْكِ، فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ هَذَا إنْ جُعِلَ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَعُمَّ غَايَةً لِلصَّبِّ وَإِلَّا فَالْمُتَبَادِرُ تَعَلُّقُهُ بِالدَّلْكِ فَالتَّكْرَارُ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ فِي دَفْعِ التَّكْرَارِ: إنَّ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَكٌّ وَمَا هُنَا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ شَكٌّ وَكَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ.

[قَوْلُهُ: يَنْبُو عَنْهَا الْمَاءُ] أَيْ يَتَبَاعَدُ عَنْهَا الْمَاءُ، [قَوْلُهُ: عَلَى تِسْعَةٍ مِنْهَا] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ تَنْبِيهًا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْخَفَاءِ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ سَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ فِيهَا خَفَاءٌ أَيْضًا يَنْبُو عَنْهَا الْمَاءُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَتَابُعُهَا كَأَسَارِيرِ الْجَبْهَةِ، وَمَا غَارَ مِنْ ظَاهِرِ الْأَجْفَانِ وَمَا تَحْتَ مَارِنِهِ وَعَقِبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ قُلْت أَجَابَ ع بِأَنَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْهَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْوُضُوءِ اهـ.

[قَوْلُهُ: رُوِيَ بِالْغَيْنِ إلَخْ] وَالْغَيْنُ مُعْجَمَةٌ أَوْ مُهْمَلَةٌ مَضْمُومَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ وَالْمِيمُ سَاكِنَةٌ ذَكَرَهُ تت بِالْمَعْنَى.

[قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ إلَخْ] ؛ لِأَنَّ مَا تَحْتَ ذَقَنِهِ هُوَ حَلْقُهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ لَا مَا تَحْتَ حَلْقِهِ مِنْ الصَّدْرِ كَمَا يَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَغَابِنَ فِيهِ.

وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ بِمَا تَحْتَ الْحَلْقِ مَا يَلِي الْحَلْقَ وَلَمْ يُرِدْ التَّحْتَ، أَيْ فَأَرَادَ بِالتَّحْتِ مَا حَوْلَ الْحَلْقِ وَمَا حَوْلَ الْحَلْقِ هُوَ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البقرة: ٢٥] أَيْ حَوْلَهَا أَفَادَهُ عج.

[قَوْلُهُ: لِحْيَتِهِ] وَلَوْ كَانَتْ كَثِيفَةً فَلَوْ خَلَّلَهَا فِي الْوُضُوءِ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>