الْأَصْلِ وَجْهَ الْإِشْكَالِ وَتَأْوِيلَ الْمُتَأَوِّلِينَ لَهُ (وَآخِرُ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الصُّبْحِ (الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ الَّذِي إذَا سَلَّمَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (حَاجِبُ) أَيْ طَرَفُ قُرْصِ (الشَّمْسِ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ آخِرَهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَعَلَيْهِ فَلَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَآخِرُهُ الْإِسْفَارُ الْأَعْلَى، وَعَلَيْهِ فَمَا بَعْدَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتٌ ضَرُورِيٌّ.
(وَ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ انْصِدَاعُ الْفَجْرِ وَآخِرَهُ الْإِسْفَارَ الْبَيِّنَ فَ (مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ وَاسِعٌ) لِإِيقَاعِ الصَّلَاةِ، مَتَى أَوْقَعهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا لِأَنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَآخِرَهُ سَوَاءٌ فِي نَفْيِ الْحَرَجِ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْفَاءِ وَسُكُونِهَا لُغَتَانِ وَهُوَ مَا إلَى الْأَرْضِ مِنْ أَطْرَافِ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: مُشْكِلٌ إلَخْ] الْمُسْتَشْكِلُ فِي الْأَصْلِ ابْنُ عُمَرَ فَقَالَ: وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُعْتَرِضُ بِالضِّيَاءِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ، فَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُ مِنْ الْمَشْرِقِ يَطْلُعُ ثُمَّ قَالَ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ مِنْ الْقِبْلَةِ يَطْلُعُ. وَقَوْلُهُ: إلَى دُبُرِ الْقِبْلَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْقِبْلَةَ لَهَا دُبُرٌ مَعَ أَنَّهَا لَا دُبُرَ لَهَا [قَوْلُهُ: وَتَأْوِيلَ إلَخْ]
الْأَوَّلُ مِنْهَا أَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى، وَالدُّبُرُ بِمَعْنَى الْجَوْفِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْقِبْلَةَ وَإِلَى دُبُرِهَا الْمَذْكُورِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْقِبْلَةِ النَّاظِرُ إلَيْهِ أَيْ الَّذِي هُوَ أَقْصَى الْمَشْرِقِ إلَى دُبُرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُرَادَ ذَاهِبًا مِنْ الْقِبْلَةِ إلَى دُبُرِهَا الَّذِي هُوَ الْجَوْفُ أَيْ فِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، وَأَوَّلُ كَلَامِهِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَقْصَى الْمَشْرِقِ فِي زَمَنٍ آخَرَ.
وَأَجَابَ عج: بِأَنَّ الْقِبْلَةَ وَالْمَشْرِقَ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْمَغْرِبَ أَيْ وَالدُّبُرُ وَالْجَوْفُ لِأَنَّهُ قِيلَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْقِبْلَةَ إذَا عُمِّيَتْ عَلَى الْمُصَلِّي جَعَلَ الْمَشْرِقَ أَمَامَهُ وَالْمَغْرِبَ خَلْفَهُ، فَيَكُونُ مُسْتَقْبِلًا لِأَنَّهُ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْكَعْبَةِ يَكُونُ انْحِرَافًا يَسِيرًا. [قَوْلُهُ: الَّذِي إذَا سَلَّمَ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الَّذِي إنْ صَلَّى فِيهِ إذَا سَلَّمَ فَحَذَفَ الصِّلَةَ الَّتِي هِيَ إنْ صَلَّى فِيهِ وَالْعَائِدَ الْمَجْرُورَ بِفِي وَالصِّلَةُ يَجُوزُ حَذْفُهَا إذَا دَلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ.
فَإِنْ قِيلَ: الْعَائِدُ هُنَا مَجْرُورٌ وَمِنْ شَرْطِ حَذْفِهِ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بِمِثْلِ مَا جُرَّ بِهِ الْمَوْصُولُ (وَالْجَوَابُ) كَمَا أَفَادَهُ عج أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا حُذِفَ الْعَائِدُ وَحْدَهُ وَأَمَّا إذَا حُذِفَ مَعَ الصِّلَةِ كَمَا هُنَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: بَدَا] بِغَيْرِ هَمْزٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ ظَهَرَ [قَوْلُهُ: قُرْصُ الشَّمْسِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ إنْ أُرِيدَ مِنْ الشَّمْسِ نَفْسُ الْقُرْصِ وَمِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ إنْ أُرِيدَ بِهَا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ الْقُرْصُ وَالشُّعَاعُ. [قَوْلُهُ: فَلَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ] عَزَا هَذَا عِيَاضٌ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَهُوَ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. [قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ الْإِسْفَارُ الْأَعْلَى إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا صَلَّاهَا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِسْفَارِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَقْتًا اخْتِيَارِيًّا لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَالْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ وَقْتَهَا الِاخْتِيَارِيَّ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ إلَى الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى أَيْ الَّذِي يَتَرَاءَى فِيهِ الْوُجُوهُ، وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْبَصَرُ الْمُتَوَسِّطُ فِي مَحَلٍّ لَا سَقْفَ فِيهِ وَلَا غِطَاءَ وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ لِلصُّبْحِ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى إلَى جُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الطُّلُوعِ. [قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَمَا بَعْدَهُ] لَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى طُلُوعُ الشَّمْسِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ: فَمَا بَعْدَهُ إلَخْ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمُرَادَ فَمَا بَعْدَ أَوَّلِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى. نَعَمْ الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ بَاقٍ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْآخِرِ وَآخِرُ الشَّيْءِ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَآخِرُهُ الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ] أَيْ بِحَيْثُ إذَا أَوْقَعَ الصَّلَاةَ فِي ذَلِكَ الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ تَكُونُ وَاقِعَةً فِي وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ [قَوْلُهُ: الْوَقْتَيْنِ] أَيْ وَقْتِ الطُّلُوعِ وَالْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ [قَوْلُهُ: مَتَى أَوْقَعَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَهَا فِي وَقْتِ الْإِسْفَارِ يَكُونُ مُفَرِّطًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَوَّلَ إلَخْ] لَا يَخْفَى