للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوَالَ بِقَوْلِهِ: (وَأَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ) التَّقْدِيرُ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ وَيُعْرَفُ الزَّوَالُ بِأَنْ يُقَامَ عُودٌ مُسْتَقِيمٌ، فَإِذَا تَنَاهَى الظِّلُّ فِي النُّقْصَانِ وَأَخَذَ فِي الزِّيَادَةِ فَهُوَ وَقْتُ الزَّوَالِ، وَلَا اعْتِدَادَ بِالظِّلِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي الْقَامَةِ بَلْ يُعْتَبَرُ ظِلُّهُ مُفْرَدًا عَنْ الزِّيَادَةِ. (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُؤَخَّرَ) أَيْ صَلَاةُ الظُّهْرِ (فِي الصَّيْفِ) . ك: ظَاهِرُهُ أَوْ نَصُّهُ اخْتِصَاصُ التَّأْخِيرِ بِالصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ جَمَاعَةً وَأَفْذَاذًا. وَقَالَ ج: لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي الصَّيْفِ بَلْ وَكَذَلِكَ الشِّتَاءُ وَالتَّأْخِيرُ الْمُسْتَحَبُّ مُسْتَمِرٌّ (إلَى أَنْ يَزِيدَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ) مِمَّا لَهُ ظِلٌّ كَالْإِنْسَانِ (رُبْعُهُ بَعْدَ الظِّلِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ الظِّلُّ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَطْلَقَ الظِّلَّ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ، وَاللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الظِّلَّ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْفَيْءِ لِمَا بَعْدَهُ (وَقِيلَ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) أَيْ التَّأْخِيرُ الْمَذْكُورُ (فِي) حَقِّ (الْمَسَاجِدِ) خَاصَّةً (لِ) أَجْلِ أَنْ (يُدْرِكَ النَّاسُ الصَّلَاةَ وَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي خَاصَّتِهِ (فَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَفْضَلُ لَهُ) لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهِ (وَقِيلَ أَمَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ يُرِيدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ (أَنْ يُبَرِّدَ بِهَا وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ) وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ أَنْ يَنْكَسِرَ وَهَجُ الْحَرِّ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا لِلْفَذِّ وَالْجَمَاعَةِ، وَقَصْرُ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْمَسَاجِدِ لِلْجَمَاعَةِ خَاصَّةً.

وَالثَّالِثُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ

ــ

[حاشية العدوي]

مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحِلِّ فِي الْجُمْلَةِ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ فَسَّرَ الزَّوَالَ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي الزِّيَادَةِ لَيْسَ عَيْنَ مَيْلِ الشَّمْسِ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، نَعَمْ هُوَ لَازِمٌ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ التَّفْسِيرَ بِاللَّازِمِ لَا بِالْحَقِيقَةِ. [قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ] أَيْ إنْ كَانَ هُنَاكَ لِلزَّوَالِ ظِلٌّ أَوْ حَدَثَ إنْ كَانَ ذَهَبَ لِأَنَّهُ عِنْدَ الزَّوَالِ قَدْ يَبْقَى لِلْعُودِ ظِلٌّ قَلِيلٌ وَقَدْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الظِّلِّ وَذَلِكَ بِمَكَّةَ وَزَبِيدٍ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ، وَبِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَهُوَ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِيهَا. [قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَامَ إلَخْ] الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ يُقَامُ عُودٌ مُسْتَقِيمٌ فِي أَرْضٍ مُسْتَقِيمَةٍ. [قَوْلُهُ: الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ] أَيْ مَالَتْ الشَّمْسُ عِنْدَهُ.

[قَوْلُهُ: فِي الْقَامَةِ] أَيْ الْكَائِنِ فِي الْقَامَةِ. [قَوْلُهُ: بَلْ يُعْتَبَرُ ظِلُّهُ إلَخْ] كَذَا فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي وَالْمَعْنَى بَلْ يُعْتَبَرُ ظِلُّهُ أَيْ ظِلُّ الشَّاخِصِ مُفْرَدًا عَنْ الزِّيَادَةِ بِذَلِكَ الظِّلِّ الَّذِي فِي أَصْلِ الشَّاخِصِ. [قَوْلُهُ: بَلْ وَكَذَلِكَ الشِّتَاءُ] لِأَنَّ الْعِلَّةَ الِاشْتِغَالُ فِي وَقْتِهَا وَهِيَ مَوْجُودٌ حَتَّى فِي وَقْتِهَا.

[قَوْلُهُ: وَالْفَيْءَ لِمَا بَعْدَهُ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: إنَّمَا سُمِّيَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْئًا لِأَنَّهُ ظِلٌّ فَاءَ عَنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ إلَى جَانِبِ الْمَشْرِقِ، وَالْفَيْءُ الرُّجُوعُ.

وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الظِّلُّ مِنْ الطُّلُوعِ إلَى الزَّوَالِ وَالْفَيْءُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمَسَاجِدِ] وَكَذَا كُلُّ جَمَاعَةٍ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ] وَمِثْلُهُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا صَيْفًا وَشِتَاءً وَالْمُصَنِّفُ قَيَّدَ بِالصَّيْفِ.

قُلْت: إذَا قِيلَ فِي الصَّيْفِ بِأَنَّ الْفَذَّ يُقَدِّمُ فَأَوْلَى فِي الشِّتَاءِ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْفَذِّ يُقَدِّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَيْ بَعْدَ النَّفْلِ لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُثَابَرَةِ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَمَّا شِدَّةُ الْحَرِّ فَالْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يُبَرِّدَ بِهَا وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ] قَالَ تت: أَيْ زِيَادَةً عَلَى رُبْعِ الْقَامَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ.

[قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْإِبْرَادِ إلَخْ] لَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّسَامُحِ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُبَرِّدُ بِهَا أَيْ يُوقِعُهَا فِي وَقْتِ الْبَرْدِ، فَالْإِبْرَادُ الْإِيقَاعُ فِي وَقْتِ الْبَرْدِ وَهُوَ لَيْسَ عَيْنَ انْكِسَارِ وَهَجِ الْحَرِّ، نَعَمْ انْكِسَارُ وَهَجِ الْحَرِّ تَفْسِيرٌ لِلْبَرْدِ لَا لِلْإِبْرَادِ. [قَوْلُهُ: وَهَجُ الْحَرِّ] بِفَتْحِ الْهَاءِ كَمَا رَأَيْته مَضْبُوطًا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الْقَامُوسِ أَيْ شِدَّتُهُ. [قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا] هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: وَقَصُرَ الِاسْتِحْبَابُ عَلَى الْمَسَاجِدِ] هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْفَذِّ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي لَا تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا التَّقْدِيمُ وَمِثْلُهَا الْجُمُعَةُ.

وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الَّتِي تَنْتَظِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>