السِّرُّ وَالْجَهْرُ، أَيْ مَعَ سِرِّ الرَّجُلِ إذْ أَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَوَجْهُ مَا ذَكَرَ أَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَرُبَّمَا كَانَ فِتْنَةً وَلِذَلِكَ لَا تُؤَذِّنُ اتِّفَاقًا، وَجَازَ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لِلضَّرُورَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الرَّجُلِ (غَيْرَ أَنَّهَا تَنْضَمُّ وَلَا تَفْرُجُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ تَنْضَمُّ فَكَانَ تَرْكُ الْوَاوِ أَوْلَى فَيَصِيرُ هَكَذَا غَيْرَ أَنَّهَا تَنْضَمُّ لَا تَفْرُجُ (فَخْذَيْهَا وَلَا عَضُدَيْهَا) .
وَقَوْلُهُ: (وَتَكُونُ مُنْضَمَّةً مُنْزَوِيَةً) تَكْرَارٌ لِأَنَّ الِانْضِمَامَ هُوَ الِانْزِوَاءُ وَإِنَّمَا تَفْعَلُ ذَلِكَ مَخَافَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالرَّجُلِ، وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: أَيْنَ تَكُونُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ؟ فَقَالَ: (فِي جُلُوسِهَا وَسُجُودِهَا وَأَمْرِهَا) أَيْ شَأْنِهَا (كُلِّهِ) وَمَا ذَكَرَهُ رِوَايَةَ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ سَاوَى بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْهَيْئَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ (يُصَلِّيَ) الْعِشَاءَ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا (الشَّفْعَ) رَكْعَتَيْنِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِنِيَّةٍ أَوْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا؟ قَوْلَانِ، ظَاهِرُهُمَا الثَّانِي لِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ فَوَاتَ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى» .
(ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ يُصَلِّيَ (الْوَتْرَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَبِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقٍ وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ آكَدُ السُّنَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْأَفْضَلُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
أَعْلَى جَهْرِهَا إلَخْ عَلَى مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: يَسْتَوِي فِي حَقِّهَا السِّرُّ] أَيْ أَعْلَى السِّرِّ لَا أَدْنَاهُ الَّذِي هُوَ حَرَكَةُ اللِّسَانِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ سِرِّ الرَّجُلِ] أَيْ مَعَ أَعْلَى سِرِّهِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ فِي مَحَلِّ الْحَالِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا أَيْ السِّرِّ وَالْجَهْرِ مُصَاحِبَيْنِ لِسِرِّ الرَّجُلِ أَيْ مُصَاحَبَةَ مُسَاوَاةٍ، أَيْ أَنَّ أَعْلَى سِرِّهَا وَجَهْرِهَا يُسَاوَيَانِ أَعْلَى سِرِّ الرَّجُلِ فَالْمُسَاوَاةُ الْأُولَى بَيْنَ أَعْلَى سِرِّ الْمَرْأَةِ وَجَهْرِهَا وَالْمُسَاوَاةُ الثَّانِيَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَعْلَى سِرِّ الرَّجُلِ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ] نُوقِشَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَوْرَةً لَمَا سُمِعَ الْحَدِيثُ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِنَّ، وَيَحْرُمُ الْكَلَامُ مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ بِدُونِ ضَرُورَةٍ رَاجِعْ حَاشِيَةَ الزَّرْقَانِيِّ.
[قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ لَا تُؤَذِّنُ اتِّفَاقًا] إمَّا حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ قَوْلَانِ تَقَدَّمَا. قَالَ الشَّيْخُ؛ وَالظَّاهِرُ اسْتِوَاءُ حَالَتِهَا فِي الْخَلْوَةِ وَالْجَلْوَةِ لِأَنَّهَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ طُرُوِّ أَحَدٍ عَلَيْهَا. [قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا] أَيْ الْمُؤَدِّي لِلْمُحَادِثَةِ مَعَهَا لِلضَّرُورَةِ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَبِيعَ سِلْعَةً لَا لِضَرُورَةٍ حَدثَتْ لَهَا. [قَوْلُهُ: فَكَانَ تَرْكُ الْوَاوِ أَوْلَى] وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ وَتَكُونُ إلَخْ] أَيْ قَوْلُهُ ذَلِكَ كُلَّهُ تَكْرَارٌ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْضِمَامَ] جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمُكَرَّرَ هُوَ قَوْلُهُ: وَتَكُونُ مُنْضَمَّةً لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ غَيْرَ أَنَّهَا تَنْضَمُّ، وَأَمَّا الِانْزِوَاءُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فَلَيْسَ بِتَكْرَارٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الِانْزِوَاءَ هُوَ الِانْضِمَامُ فَكَانَ أَيْضًا تَكْرَارٌ، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: فَالِانْزِوَاءُ هُوَ الِانْضِمَامُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: مَخَافَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا] أَيْ مِنْ الرِّيحِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالرَّجُلِ أَيْ فِي الِاسْتِمْسَاكِ أَيْ بَلْ عِنْدَهَا رَخَاوَةٌ فَلَوْ فَرَّجَتْ بَيْنَ فَخْذَيْهَا لَرُبَّمَا خَرَجَ مِنْهَا رِيحٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: مَخَافَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مُهَيَّأَةٌ لِلْحَدَثِ.
[قَوْلُهُ: وَأَمْرُهَا كُلُّهُ] يَدْخُلُ فِيهِ الرُّكُوعُ فَلَا تَجْنَحُ كَالرَّجُلِ [قَوْله: وَهُوَ خِلَافٌ إلَخْ] الرَّاجِحُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الَّذِي هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ زِيَادَةٍ، وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ خَلِيلٍ وَشُرَّاحِهِ. [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُمَا الثَّانِي] لَا مَعْنَى لِذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي. [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا إلَخْ] وَأَمَّا بِالْمُثَلَّثَةِ مَعَ كَسْرِ الْوَاوِ فَالْفِرَاشُ لِلْوَطْءِ وَمَعَ فَتْحِهَا مَاءُ الْفَحْلِ يَجْتَمِعُ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ إذَا أَكْثَرَ الْفَحْلُ ضِرَابَهَا وَلَمْ تُلَقَّحْ ذَكَرَهُ تت.
[قَوْلُهُ: آكَدُ السُّنَنِ] " أَلْ " لِلْجِنْسِ أَيْ آكَدُ جِنْسِ السُّنَنِ فَإِنَّهَا آكَدُ مِنْ الْعِيدِ، وَالْعِيدُ آكَدُ مِنْ الْكُسُوفِ، وَالْكُسُوفُ آكَدُ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ. وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهَا لِلْجِنْسِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ آكَدُ مِنْ الْوَتْرِ كَمَا أَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ كَذَلِكَ وَهُمَا أَيْضًا آكَدُ مِنْ الْعُمْرَةِ كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ آكَدُ مِنْهَا أَيْضًا. وَانْظُرْ مَا بَيْنَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بِوُجُوبِهِ. [قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ] مَحَطُّ الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلُهُ عَقِيبَ