يَكُونَ رَكْعَةً وَاحِدَةً عَقِيبَ شَفْعٍ. وَاخْتُلِفَ هَلْ الشَّفْعُ شَرْطُ كَمَالٍ أَوْ شَرْطُ صِحَّةٍ؟ قَوْلَانِ، ظَاهِرُ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَصَرَّحَ الْبَاجِيُّ بِمَشْهُورِيَّةِ الثَّانِي.
وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْمَعْذُورِ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةِ الْوَتْرِ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا الْمُقِيمُ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ أَوْتَرَ بِغَيْرِ شَفْعٍ فَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ وَتْرَهُ بِإِثْرِ شَفْعٍ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ.
وَإِذَا قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ شَفْعٍ فَهَلْ يَلْزَمُ اتِّصَالُهُ بِالْوَتْرِ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ؟ قَوْلَانِ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَهُوَ الَّذِي يُعَضِّدُهُ ظَاهِرُ الْآثَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (جَهْرًا وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ الْإِجْهَارُ وَفِي نَوَافِلِ النَّهَارِ الْإِسْرَارُ وَإِنْ جَهَرَ فِي النَّهَارِ فِي تَنَفُّلِهِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كَرَاهَتِهِ قَوْلَيْنِ (وَأَقَلُّ الشَّفْعِ رَكْعَتَانِ) .
وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَلَا حَدَّ لَهُ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْهُ (بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَفِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الشَّفْعِ رَكَعَ ثُمَّ رَفْعَ رَأْسَهُ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ.
(وَيَتَشَهَّدُ وَ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ (يُسَلِّمُ ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ يَقُومُ فَ (يُصَلِّي الْوَتْرَ رَكْعَةً) وَهَذَا الْفَصْلُ يُسْتَحَبُّ
ــ
[حاشية العدوي]
شَفْعٍ أَيْ فَكَوْنُهُ عَقِيبَ شَفْعٍ مَنْدُوبٌ أَيْ فَيَكُونُ الشَّفْعُ شَرْطَ كَمَالٍ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَاخْتُلِفَ هَلْ الشَّفْعُ شَرْطُ كَمَالٍ أَوْ أَنَّ مَحَطَّ الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ فَيَكُونُ إشَارَةٌ إلَى أَفْضَلِيَّةِ فَصْلِ الْوَتْرِ عَنْ الشَّفْعِ وَهُوَ أَقْرَبُ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ] وَهُوَ الرَّاجِحُ [قَوْلُهُ: هَلْ يَجُوزُ إلَخْ] أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةِ الْوَتْرِ أَيْ جَوَازًا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصِرَ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عِبَادَةٍ بَاطِلَةٍ مَفْقُودَةِ الشَّرْطِ. [قَوْلُهُ: فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي كَرَاهَةٍ إلَخْ] ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ عَلَى جَعْلِهِ شَرْطُ صِحَّةٍ تَكُونُ الصَّلَاةُ بَاطِلَةً، وَيَحْرُمُ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عِبَادَةٍ مَفْقُودَةِ الشَّرْطِ لَا أَنَّهُ يُكْرَهُ فَقَطْ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ. [قَوْلُهُ: فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدُ وَتْرَهُ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ إنْ كَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: بِأَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَوْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ إنْ كَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: إنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَشْهَبَ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا، هَكَذَا كَتَبْت ثُمَّ رَأَيْت عج يُفِيدُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. [قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ شَفْعٍ] أَيْ أَنَّ تَقَدَّمَهُ شَرْطُ صِحَّةٍ أَيْ وَأَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطٌ كَمَال فَإِنَّهُ يُنْدَبُ الِاتِّصَالُ، فَلَوْ طَالَ الْفَصْلُ اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الشَّفْعِ أَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ الشَّرْحِ. [قَوْلُهُ: فَهَلْ يَلْزَمُ اتِّصَالُهُ بِالْوَتْرِ] أَرَادَ بِالِاتِّصَالِ مَا يَشْمَلُ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ [قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَحْوَطُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ] الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَةِ التَّحْقِيقِ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْخِلَافِ أَيْ مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ تَخُصُّهُ فَتَأَمَّلْ، وَبَعْدَ هَذَا فَالرَّاجِحُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ جَوَازُ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَدَبَّرْ.
تَنْبِيهٌ:
الْوَقْتُ الِاخْتِيَارِيُّ لِلْوَتْرِ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ وَضَرُورِيَّةٍ مِنْهُ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ عَقْدِ رَكْعَةٍ مِنْهَا، وَفِعْلُهُ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ مَكْرُوهٌ. [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ جَهْرًا] لَكِنْ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ الْجَهْرِ فِي الْوَتْرِ [قَوْلُهُ: أَيْ جَائِزٌ] أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا أَنَّهُ جَائِزٌ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ، وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي تَفَهُّمِ الْقَارِئِ وَسَكَتَ عَنْ الْإِسْرَارِ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ جَائِزٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا يُفِيدُهُ تت [قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الشَّفْعِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ نِيَّةٌ تَخُصُّهُ.
[قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute