للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعُ أَعْمَالِ الطَّاعَةِ (قَبْلَ بُلُوغِهِمْ لِ) كَيْ (يَأْتِيَ عَلَيْهِمْ الْبُلُوغُ وَقَدْ تَمَكَّنَ) أَيْ ثَبَتَ وَرَسَخَ (ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (مِنْ) بِمَعْنَى فِي (قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَتْ) أَيْ مَالَتْ (إلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ وَأَنِسَتْ) أَيْ اسْتَأْنَسَتْ (بِمَا) أَيْ بِاَلَّذِي (يَعْلَمُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ) الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ (جَوَارِحُهُمْ) . وَقَوْلُهُ: (وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (عَلَى الْقَلْبِ عَمَلًا مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ) كَالْإِيمَانِ (وَعَلَى الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةِ عَمَلًا مِنْ الطَّاعَاتِ) كَالصَّلَاةِ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ

(وَسَأُفَصِّلُ) أَيْ أُفَرِّقُ (لَك) يَعْنِي غَالِبًا، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ التَّبْوِيبَ فِي مَوَاضِعَ (مَا) أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

يُشْتَرَطُ لَفْظُ أَشْهَدُ، وَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْكَافِ يَقُولُ: كَشَهَادَةِ لِيَدْخُلَ تَحْتَ الْكَافِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَغَيْرُهَا مِنْ الْفُرُوضِ الْقَوْلِيَّةِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةُ إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى شَهَادَةِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ جَمِيعُ أَعْمَالِ الطَّاعَةِ] ظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْقَوْلِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقْصَرَ عَلَى أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ وَالْقُلُوبِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَيُقَوِّيهِ كَمَا فِي تت قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ» وَإِضَافَةُ أَعْمَالٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ، وَأَلْ فِي الطَّاعَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَتَطَابَقَ الْبَيَانُ مَعَ الْمُبَيَّنِ بِفَتْحِ الْيَاءِ [قَوْلُهُ: وَرَسَخَ:] مُرَادِفٌ لِثَبَتَ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى فِي] رَدَّهُ عج بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِمِنْ يُفِيدُ أَنَّهُ امْتَزَجَ بِالْقَلْبِ وَثَبَتَ فِيهِ، وَالظَّرْفِيَّةُ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ ثُمَّ أَقُولُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْعَمَلِ الْقَلْبِيِّ، وَأَمَّا الْجَارِحِيُّ وَاللِّسَانِيُّ فَلَا؛ لِأَنَّ ظَرْفَهُمَا اللِّسَانُ وَالْجَوَارِحُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الرُّسُوخُ فِي الْقَلْبِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْرِفَةُ وَعَدَمُ نِسْيَانِهِمَا أَصْلًا [قَوْلُهُ: وَسَكَنَتْ] لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ. [قَوْلُهُ: أَيْ مَالَتْ] أَيْ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ كَتَكْرَارِ الْقَوْلِ وَحُصُولِ الْأَعْمَالِ أَيْ تَمِيلُ لِتَكْرَارِ الْقَوْلِ وَلِعَمَلِ الْجَارِحَةِ وَكَثْرَةِ حُضُورِ الْقَلْبِيِّ كَالِاعْتِقَادِيَّاتِ. [قَوْلُهُ: أَنْفُسُهُمْ] جَمْعُ نَفْسٍ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الرُّوحُ قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: وَأَنِسَتْ إلَخْ] إسْنَادُ ذَلِكَ لِلْجَوَارِحِ، مَجَازًا، وَأَرَادَ بِالْجَوَارِحِ مَا يَشْمَلُ اللِّسَانَ وَالْقَلْبَ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْمُرَادُ بِأَنِسَتْ عَدَمُ تَأَلُّمِهَا أَيْ الْجَوَارِحِ مِنْ فِعْلِهِ وَإِنْ كَانَ التَّأَنُّسُ فِي الْأَصْلِ ضِدُّ الِاسْتِيحَاشِ اهـ. لَكِنْ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهِ أَيْضًا إذْ التَّجَوُّزُ مَوْجُودٌ عَلَى كُلٍّ فَتَدَبَّرْ. [قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ] أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الَّذِي يَعْلَمُونَ بِهِ بَعْضُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ لَا يُطَالَبُونَ بِالصَّوْمِ أَصْلًا [قَوْلُهُ: عَلَى الْقَلْبِ] فِيهِ مَجَازٌ كَقَوْلِهِ: وَعَلَى الْجَوَارِحِ إذْ الْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ عَلَى النَّفْسِ. [قَوْلُهُ: كَالْإِيمَانِ] هُوَ التَّصْدِيقُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ تَمْثِيلُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ كَيْفِيَّةٌ فَتَعَلُّقُ الْفَرْضِ بِأَسْبَابِهِ لَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَإِدْخَالُهُ فِي الِاعْتِقَادِ تَسَامُحٌ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ اعْتِقَادَ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَنَحْوَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِقَادَ غَيْرُ التَّصْدِيقِ فَقَدْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ التَّصْدِيقُ الَّذِي هُوَ الْإِذْعَانُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْجَوَارِحِ] أَدْخَلَ فِيهَا اللِّسَانَ وَأَطْلَقَ الْعَمَلَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْقَوْلَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ بَيْنَ مَا يُشَارِكُ فِيهِ الْقَلْبُ وَالْجَوَارِحُ كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ أَوَّلًا كَقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ بِخِلَافِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ، فَلَا تَعَلُّقَ لِلْجَوَارِحِ فِيهِ بِوَجْهٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَلْبِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا هُوَ خَاصٌّ بِالْجَوَارِحِ وَهُوَ مَا لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ وَمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا مَعًا كَالصَّلَاةِ فَلَوْ جَعَلَهَا هَكَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ. [قَوْلُهُ: مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ] أَيْ مِنْ قَوْلِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِلْإِجْمَالِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ عَمَلٍ لِمَا قَرَّرْنَا أَنَّهُ شَامِلٌ لِعَمَلِ الْقَلْبِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَيْ أُفَرِّقُ إلَخْ] ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ، وَمِنْهُ تَفْصِيلُ الثَّوْبِ أَيْ تَفْرِيقُهُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَرَكَ التَّبْوِيبَ فِي مَوَاضِعَ] كَمَا سَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ جَمَعَ جُمْلَةَ أَشْيَاءَ فِي بَابٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يُبَوِّبْ لِكُلِّ قِسْمٍ عَلَى حِدَةٍ فَتَرَكَ التَّبْوِيبَ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُنَاكَ جَوَابَانِ آخَرَانِ أَوَّلُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ بَابًا بَابًا أَيْ فِيمَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُ ثَانِيهِمَا تَرْجَمَةً بَعْدَ تَرْجَمَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>