للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي (شَرَطْت لَك) الْخِطَابُ لِمُحْرِزٍ (ذِكْرَهُ) الضَّمِيرُ الْعَائِدُ عَلَى مَا وَهِيَ عَائِدَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَشَرْطُهُ الْتِزَامُهُ لِلْجَوَابِ حِينَ قَالَ: فَأَجَبْتُك إلَى ذَلِكَ، وَانْتَصَبَ (بَابًا بَابًا) عَلَى الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَقًّا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ إذْ مَعْنَاهُ مُفَصَّلًا إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ (لِيَقْرُبَ مِنْ فَهْمِ مُتَعَلِّمِيهِ) وَيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى قُرْبِ الْفَهْمِ أَوْ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَالْفَهْمَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَدَّمَ الْمَفْعُولَ فِي (وَإِيَّاهُ) أَيْ اللَّهَ تَعَالَى (نَسْتَخِيرُ) لِلِاخْتِصَاصِ وَالْحَصْرِ، أَيْ نَخُصُّهُ بِالِاسْتِخَارَةِ فَلَا نَطْلُبُهَا إلَّا مِنْهُ (وَبِهِ نَسْتَعِينُ)

ــ

[حاشية العدوي]

ذَكَرَهُمَا فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ. [قَوْلُهُ: عَائِدَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ. [قَوْلُهُ: الْتِزَامُهُ لِلْجَوَابِ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَشَرْطُهُ الْتِزَامُهُ ذِكْرَ الْجُمْلَةِ بِالْجَوَابِ حِينَ قَالَ: فَأَجَبْتُك، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَأُفَصِّلُ لَك جُمْلَةً الْتَزَمْت ذِكْرَهَا، فَالشَّرْطُ بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ الْجُمْلَةِ لَا بِالْجَوَابِ فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: بَابًا بَابًا] عَلَى الْحَالِ أَيْ مَجْمُوعُهُمَا هُوَ الْحَالُ عَلَى طَرِيقِ الزَّمَانُ حُلْوٌ حَامِضٌ فَإِنَّ مَجْمُوعَ حُلْوٍ حَامِضٍ هُوَ الْخَبَرُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُرَادِيِّ.

قَالَ: وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الثَّانِيَ مَنْصُوبٌ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْفَاءِ وَالْمَعْنَى بَابًا فَبَابًا لَكَانَ مَذْهَبًا حَسَنًا. وَقَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْفَاءِ أَيْ أَوْ ثُمَّ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ حَرْفُ عَطْفٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُكَرَّرَاتِ إلَّا هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ نَصَّ عَلَى الْأَوَّلِ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ، وَعَلَى الثَّانِي الشَّيْخُ الرَّضِيُّ، وَبِأَنَّ الثَّانِيَ وَمَا قَبْلَهُ مَنْصُوبَانِ بِالْعَامِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا هُوَ الْحَالُ كَمَا تَبَيَّنَ [قَوْلُهُ: إذْ مَعْنَاهُ مُفَصَّلًا] يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ اسْمَ مَفْعُولٍ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ حَالًا مِنْ مَا وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ اسْمَ فَاعِلٍ حَالًا مِنْ فَاعِلِ أُفَصِّلُ، وَالْمَعْنَى وَسَأُفَصِّلُ لَك الَّذِي الْتَزَمْته بِإِجَابَتِي لَك حَالَةَ كَوْنِهِ أَوْ حَالَةَ كَوْنِي مُفَصِّلًا بَابًا بَعْدَ بَابٍ فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ فِي مَعْنَى مُفَصِّلًا فَلَيْسَتْ الْحَالُ إلَّا مُؤَكِّدَةً، لِقَوْلِهِ: وَسَأُفَصِّلُ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْ التَّأْكِيدِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ مُفَصِّلًا أَيْ عَلَى وَجْهِ التَّنْوِيبِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا فِعْلُ ذَلِكَ] أَيْ تَفْصِيلُهُ الْمُتَحَقِّقُ فِي كَوْنِهِ بَابًا بَابًا لَا أَنَّ الْمُرَادَ تَفْصِيلُهُ بَابًا بَابًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ تَفْصِيلَهُ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَقْرُبُ مَعَ أَنَّ الْحَالَ وَاحِدٌ [قَوْلُهُ: لِيَقْرُبَ] أَيْ مَا الْتَزَمَ ذِكْرَهُ. [قَوْلُهُ: وَيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ] لَمَّا كَانَ التَّفْصِيلُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقُرْبُ مِنْ الْفَهْمِ وَتَسْهِيلِ الْحِفْظِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ إلَّا الْأَوَّلَ أَتَى الشَّارِحُ بِالثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ. [قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى قُرْبِ الْفَهْمِ] يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ الْقُرْبُ مِنْ الْفَهْمِ أَيْ قُرْبُ مَا الْتَزَمَ ذِكْرَهُ مِنْ الْفَهْمِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: لِيَقْرُبَ مِنْ فَهْمِ إلَخْ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ قُرْبُ الْفَهْمِ مِمَّا الْتَزَمَ ذِكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَرُبَ مَا الْتَزَمَ ذِكْرَهُ مِنْ الْفَهْمِ فَقَدْ قَرُبَ الْفَهْمُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى التَّفْصِيلِ] وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لَهُمَا مَعًا. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّفْصِيلَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ] أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَالَ: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَخْ نُعَلِّقُهَا بِفِعْلِهِ وَأَيْضًا الْأَنْسَبُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُسْنِدُ الْعَجْزَ إلَى نَفْسِهِ. [قَوْلُهُ: وَالْفَهْمَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ] أَيْ وَقُرْبَ الْفَهْمِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى قُرْبِ الْفَهْمِ، وَمَصْدُوقُ الْغَيْرِ إمَّا الْجُمْلَةُ أَوْ فَهْمُ مُتَعَلِّمِيهِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لِلِاخْتِصَاصِ] أَيْ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ، وَقَوْلُهُ: وَالْحَصْرُ أَيْ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ: أَيْ نَخُصُّهُ رَاجِعٌ لِمَادَّةِ الِاخْتِصَاصِ.

[قَوْلُهُ: بِالِاسْتِخَارَةِ] طَلَبُ الْخِيَرَةِ. [قَوْلُهُ: فَلَا نَطْلُبُهَا] أَيْ الِاسْتِخَارَةُ لَكِنْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ يَطْلُبُ طَلَبَ الْخِيَرَةِ، بَلْ بِمَعْنَى مُتَعَلِّقِهَا وَهُوَ الْخِيَرَةُ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنًى ثُمَّ تُعِيدُ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنًى آخَرَ، فَإِنْ قُلْت: إنَّ هَذَا طَاعَةٌ فَكَيْفَ يَسْتَخِيرُ؟ قُلْنَا: اسْتَخَارَ فِيهِ خَوْفًا مِنْ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: إنْ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ فَيَسِّرْهُ لِي وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَخِرْ حِينَ بَدَأَ بِالْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>