خَمْسَةَ أَوْ سَبْعَةَ) تَكَلَّمَ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَسَكَتَ عَنْ الْوَاجِبِ وَهُوَ ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ جَسَدِهِ، وَقِيلَ: الْوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَشُهِرَ وَظَاهِرُ مَا قَالَ الشَّيْخُ: أَنَّ اسْتِحْبَابَ السَّبْعَةِ عَامٌّ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ اخْتِصَاصُ اسْتِحْبَابِ التَّسْبِيعِ بِالْمَرْأَةِ وَكَرَاهَةِ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ لِلرِّجَالِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الْكَفَنِ الْوِتْرُ خَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّم أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا يُلَفُّ فِيهِ دَفَعَ ذَلِكَ الْإِيهَامَ فَقَالَ: (وَمَا جُعِلَ لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (مِنْ وَزْرَةٍ) صَوَابُهُ مِنْ أُزْرَةٍ (وَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ فِي عَدَدِ الْأَثْوَابِ الْوِتْرِ) الْمُسْتَحَبِّ.
ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوِتْرِ بِقَوْلِهِ: (وَقَدْ «كُفِّنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ» بِفَتْحِ السِّينِ يَعْنِي: بَيْضَاءَ مِنْ قَوْلِهِمْ سَحَلْت الشَّيْءَ إذَا قَصَّرْته نِسْبَةً إلَى سَحُولٍ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ (أُدْرِجَ) أَيْ لُفَّ (فِيهَا إدْرَاجًا) أَيْ لَفًّا (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَمَّصَ الْمَيِّتُ وَيُعَمَّمَ) اسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ هُنَا فِيمَا فَعَلَهُ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ، فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَالْعِمَامَةُ إنَّمَا تُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ وَيُتْرَكُ مِنْهَا قَدْرُ الذِّرَاعِ ذُؤَابَةٌ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُعَمَّمُ
ــ
[حاشية العدوي]
السَّابِقَةِ لِفَافَتَانِ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ ثَوْبٌ سَاتِرٌ إلَخْ] هُوَ الرَّاجِحُ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الذَّكَرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ سَتْرُ جَمِيعِ جَسَدِهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا التَّكْفِينُ وَهُوَ إدْرَاجُ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ فَوَاجِبٌ اتِّفَاقًا كَمُوَارَاتِهِ فِي التُّرَابِ.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْوَاجِبُ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: صَوَابُهُ مِنْ أُزْرَةٍ] بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَا يُؤْتَزَرُ بِهِ، وَهِيَ تَحْتَ الْقَمِيصِ أَوْ سِرْوَالٌ بَدَلَهَا وَهُوَ أَسْتَرُ. [قَوْلُهُ: فَذَلِكَ] أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّلَاثِ مَحْسُوبٌ إلَخْ. قَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِرَقَ وَالْعَصَائِبَ الَّتِي تُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا لَا مِنْ الثَّلَاثِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا.
[قَوْلُهُ: الْمُسْتَحَبُّ] أَيْ التَّكْفِينُ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: وَقَدْ كُفِّنَ إلَخْ] الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَّ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» اهـ.
وَقَوْلُهُ: يَمَانِيَةٌ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى الْيُمْنِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ كُرْسُفٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ أَيْ قُطْنٌ.
قَالَ الْبَغَوِيّ: وَثَوْبُ الْقُطْنِ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِنَّ أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ قَمِيصٌ إلَخْ. أَيْ لَيْسَ مَوْجُودًا أَصْلًا بَلْ هِيَ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ. كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ إمَامُنَا: إنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَثْوَابِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ خَمْسَةً.
وَقَوْلُهُ: بِيضٌ جَمْعُ أَبْيَضُ وَزْنُهُ فُعُلٌ بِضَمِّ الْفَاءِ كَأَحْمَر وَحُمْرٌ، أُبْدِلَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً لِتَسْلَمَ الْيَاءُ مِنْ قَلْبِهَا وَاوًا لِوُقُوعِهَا بَعْدِ ضَمَّةٍ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّتِي كُفِّنَّ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَزْرَةُ. [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ السِّينِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا، فَالْفَتْحُ مَنْسُوبٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقِصَارُ؛ لِأَنَّهُ يَسْحَلُهَا أَيْ يَغْسِلُهَا أَوْ إلَى سُحُولٍ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالْيُمْنِ، وَالضَّمُّ جَمْعُ سَحْلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْقَسْطَلَّانِيُّ الْفَتْحَ بِوَجْهَيْهِ إذَا انْتَقَشَ فِي ذِهْنِك هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ سَحَلْت الشَّيْءَ أَيْ قَصَّرْته يُنَاسِبُ الْفَتْحَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوْلَى فِيهِ. فَقَوْلُهُ: بَعْدَ نِسْبَةٍ إلَخْ لَا يُلَائِمُهُ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: بِيضًا لَا يُنَاسِبُ إلَّا الضَّمَّ فَفِي الْعِبَارَةِ قَلَقٌ ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرْنَا وَأَيْضًا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ سَحُولِيَّةٌ تَأْكِيدٌ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِيضٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِفَتْحِ السِّينِ نِسْبَةً إمَّا إلَى السَّحُولِ الَّذِي هُوَ الْقِصَارُ أَوْ إلَى سُحُولٌ الَّتِي هِيَ قَرْيَةٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقِصَرَ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْبَيَاضُ عُرْفًا وَيَكُونُ تَفْسِيرًا بِلَازِمِ نِسْبَتِهَا إلَى الْقِصَارِ، وَأَنَّ شَأْنَ تِلْكَ الثِّيَابِ الَّتِي تُجْلَبُ مِنْ تِلْكَ الْقَرْيَةِ الْبَيَاضُ. [قَوْلُهُ: أُدْرِجَ فِيهِ إدْرَاجًا] وَصِفَةُ الْإِدْرَاجِ أَنْ يُبْسَطَ الْوَافِيَةُ أَوَّلًا وَيُجْعَلَ عَلَيْهَا الْحَنُوطُ، ثُمَّ تُجْعَلُ الَّتِي تَلِيهَا فِي الْقَصْرِ عَلَيْهَا، وَيُجْعَلُ عَلَيْهَا الْحَنُوطُ ثُمَّ يُوضَعُ الْمَيِّتُ عَلَيْهَا بَعْدَمَا يُجَفَّفُ بِخِرْقَةٍ، وَيُلْبَسُ الْوَزْرَةُ وَالْقَمِيصُ. [قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ هُنَا فِيمَا فَعَلَهُ إلَخْ] بِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ لَا تَكْرَارَ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَ أَوَّلًا أَنَّهُمَا مَحْسُوبَانِ فِي الْعَدِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ. وَأَفَادَ الْحُكْمَ هُنَا بِقَوْلِهِ لَا بَأْسَ إلَخْ. [قَوْلُهُ: فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ] أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَمِيصِ